كيو بزنس Q Business :
قنا: أظهر اقتصاد دولة قطر ثباتا وقوة مكنته من مواجهة آثار الحصار، حيث نجحت التدابير المتخذة من قبل الدولة في الحد من تداعيات الحصار، بل حولته إلى عامل تحد نتج عن مواجهته توسع وتطوير قطاعات مختلفة، وذلك في ضوء توقعات بأن يواصل اقتصاد الدولة أداءه المتميز وأن ينمو بوتيرة هي الأسرع على مستوى المنطقة، مدفوعاً بانتعاش قطاع الطاقة والمبادرات القائمة التي تم تسريع إنجاز الأعمال فيها.
ولإيجاد بدائل عن دول الحصار وتشجيعا للاكتفاء الذاتي للبلاد، تبنت دولة قطر في العام المنصرم مشاريع رئيسية أسهمت في تعزيز اقتصاد البلاد، كان من أبرزها افتتاح ميناء حمد، أحد أكبر موانئ المنطقة، وقرار خفض قيمة الإيجار بنسبة 50 في المئة لجميع المستثمرين خلال العامين 2018- 2019 في المناطق اللوجستية في الأجزاء الجنوبية من دولة قطر، وفتح شبكة من الطرق السريعة، ومراكز الخدمات اللوجستية والمناطق الاقتصادية الخاصة، وإقامة مشاريع موجهة نحو دعم الابتكار ورواد الأعمال من الشباب، فضلا عن توسيع الشراكات الاقتصادية مع دول عدة في المنطقة والعالم.
وأثمرت تلك المشاريع والمبادرات والتوجهات التي تضافرت فيها جهود القطاع العام والخاص، نتائج ترجمتها الأرقام والإحصاءات التي صدرت عن الجهات الرسمية أو الرقابية الدولية في هذا المجال، فحقق الناتج المحلي الإجمالي للدولة نمواً بنسبة 1.9 في المئة خلال الربع الثالث من العام 2017، إذ بلغت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي للدولة بالأسعار الثابتة (الحقيقي) حوالي 208.92 مليار ريال مقارنة بتقديرات الفترة ذاتها من العام 2016، البالغة 205.05 مليار ريال، كما سجل اقتصاد قطر واحدا من أسرع معدلات النمو في المنطقة عندما زاد إجمالي الناتج المحلي بين يوليو وسبتمبر الماضيين نحو 2 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ونمت معظم القطاعات الاقتصادية بما يقارب 4 في المئة باستثناء قطاع الهيدروكربونات الذي نما بنحو 20 في المئة.
ولا يزال اقتصاد الدولة الأسرع نموا في المنطقة بمعدل نمو 2.5 في المئة، في وقت يستمر فيه الإنفاق الحكومي لتطوير مشاريع البنية التحتية، والمنشآت المتعلقة بكأس العالم لكرة القدم 2022، حيث زاد إنتاج قطاع التشييد والإنشاءات بنسبة 15 المئة، وهي مؤشرات على الأداء الاقتصادي القوي لدولة قطر رغم الحصار المستمر الجائر.
ولتحقيق تنمية صناعية متوازنة، بذلت الدولة جهودا يرتكز التوجه المستقبلي فيها على الصناعات المساندة والمصاحبة للصناعات الأساسية، حيث بادرت ضمن ما تقوم به في هذا السياق من جهود إلى تقديم حوافز صناعية في مقدمتها إعفاء المنشآت الصناعية من الرسوم المفروضة على الآلات والمعدات وقطع الغيار والمواد الخام بهدف تشجيع الصناعة الوطنية، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، ورفع مساهمة الصناعات التحويلية في إجمالي الدخل القومي، وذلك من خلال الاستمرار في تطوير ودعم قيام الصناعات المستهدفة في قطاعات مثل الصناعة الغذائية والدوائية والبيئية والصناعة المعرفية، إضافة إلى القطاعات الصناعية الأخرى.
وكان من نتائج تلك الجهود الأولية أن بلغ عدد المنشآت الصناعية القائمة والمقيدة بالسجل الصناعي لدى وزارة الطاقة والصناعة حوالي 730 منشأة صناعية باستثمارات تزيد على 260 مليار ريال.
3. مليار دولار مساهمة السياحة فى النائج المحلى
على مستوى قطاع السياحة تطمح دولة قطر إلى جعل هذا القطاع محركا رئيسا لنموها الاقتصادي، واستقطاب ما يزيد على 7 ملايين زائر سنويا بحلول العام 2030، كجزء من استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي، بعيدا عن الاعتماد الكلي على قطاع الطاقة الذي ظل لسنوات طويلة وحده المحرك الأساس لهذا النمو، على أن يصل إجمالي عائدات إنفاق السياح في قطر إلى 11 مليار دولار ارتفاعا من 1.3 مليار دولار في عام 2012، وزيادة نسبة السياح القادمين بغرض الترفيه والاستجمام إلى 64 في المئة بعد أن كانت لا تتعدى 27 في المئة في عام 2012.
وفي العام الجاري (2018) تسعى قطر للوصول إلى المركز 35 عالمياً في مؤشر “القدرة التنافسية للسفر والسياحة” لترفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.1 مليار دولار، وتصل إلى ما مجموعه 2.4 مليون سائح دولي و1.7 مليون سائح محلي، إضافة إلى استقبال مليون سائح قادم بغرض الترفيه بحلول العام نفسه على أن يُجذب نصف هذا الرقم من خلال العروض الثقافية التي تقدمها البلاد.
وتتزايد وتيرة حضور الدولة في مشهد السياحة العالمية بالنظر إلى التعاون المثمر لدولة قطر مع منظمة السياحة العالمية لتأهيل الثروة البشرية في القطاع السياحي المحلي بما يتماشى معا على المعايير الدولية، وإبرام اتفاقيات التعاون وتطوير السياسات والأنظمة المرتبطة بالقطاع، والمشاركة بفاعلية في العديد من الفعاليات الإقليمية والعالمية ذات الصلة.
ويلحق بالجهود التي تبذلها قطر في مشهد السياحة، افتتاح قطر مكاتب تمثيلية في العديد من عواصم العالم من لندن إلى باريس مرورا ببرلين بالإضافة إلى افتتاح مكتب تمثيلي آخر في سوق جنوب شرق آسيا متسارع النمو بتركيز خاص على سنغافورة وماليزيا وهونغ كونغ.
ورغم الحصار المفروض على دولة قطر منذ الخامس من يونيو الماضي إلا أن حركة السياحة لم تتوقف في البلاد لتشهد الفترة الماضية تزايدا في أعداد السياح، حيث شهد النصف الأول من العام 2017 نموا في أعداد السائحين الزائرين لدولة قطر مع توقعات بارتفاع هذا العدد خلال الفترة المقبلة خاصة بعد الإعلان عن إعفاء مواطني 80 دولة من الحصول على تأشيرة دخول للبلاد، بعدما عملت الهيئة العامة للسياحة في قطر على العديد من المبادرات والحملات الترويجية والبحث عن أسواق جديدة لاستقطاب السياح وتنويع المنتج السياحي بما يضمن ازدهار القطاع.
الاقتصاد القطري يثبت صلابته خلال 2018
أظهر الاقتصاد القطري أداء مرناً منذ بدء الحصار، وشهدت مؤشرات الاقتصاد الكلي تحسنا ملحوظا، بما في ذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي والتجارة ورصيد الحساب الجاري والتضخم فهي في منطقة الأمان، حيث سجلت الصادرات والواردات ارتفاعاً مستقراً خلال شهري يوليو وأغسطس من العام 2017، كما ارتفع إجمالي الصادرات بنسبة 17.7 في المئة في أغسطس 2017 مقارنة بالعام الماضي، ولم يحدث أي انقطاع في صادرات دولة قطر من الغاز، وحافظت الدولة أيضا على توريد سلس من صادرات الغاز لشركائها التجاريين.
وكان متوسط التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي أقل من 1 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، فيما تواصلت صادرات النفط والغاز بدون انقطاع، وتم إنشاء طرق جديدة للتجارة، كما أن السلطات حريصة على تحقيق درجة عالية من الاكتفاء الذاتي على المستوى الاقتصادي.
ووفقاً لأحدث تقرير أعده صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 2.5 في المئة في عام 2017 إلى 3.1 في المئة في 2018، كما يرتقب أن يثبت الاقتصاد القطري مرونته وصلابته، وستستفيد القطاعات المحلية من زيادة الاعتماد على النفس.
ومع حلول شهر أغسطس المنصرم أظهرت آخر بيانات التجارة المتوفرة انتعاش الواردات بنسبة 40 في المئة، أي قريبا من مستوى ما قبل الحصار، وهو ما يعكس التكيف السريع مع الوضع وإيجاد مصادر استيراد بديلة وإنشاء طرق تجارية جديدة.
وبلغت قيمة الصادرات القطرية غير النفطية إلى كل دول العالم خلال شهر نوفمبر 2017 نحو 1.8 مليار ريال، مقارنة بـ 1.7 مليار ريال خلال أكتوبر السابق، مسجلة ارتفاعا بنسبة حوالي 5.9 في المئة، ومقارنة مع 1.8 مليار ريال خلال الشهر المقابل من العام 2016، فيما بلغ إجمالي قيمة الصادرات غير النفطية خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام المنصرم 16.8 مليار ريال.