بقلم محمود محمد دياب
رئيس تحرير مجلة كيو بزنس
تُعتبر وسائل الإعلام اليوم إحدى الادوات للتحكم بالشعوب وتوجهاتهم الفكرية والثقافية، وقد أصبح دور وسائل الإعلام في المجتمع مهم وخطير جداً، إلى درجة خصصت جميع الحكومات أقساماً ودوائر ووزارات إعلام تتولى تحقيق أهداف داخلية وخارجية عن طريق تلك الوسائل، وليس أدل على أهمية الإعلام ووسائله مما أصبح معروفاً في العالم، من أن الدولة ذات الإعلام القوي تعتبر قوية وقادرة، فلقد أصبح الإعلام عاملاً رئيسياً في نفوذ بعض الدول، وبخاصة تلك التي وجدت فيه إحدى دعاماتها الرئيسية.
يسعى الإعلام بالمجمل لتقديم العديد من الوظائف، كالوظيفة الإخبارية، التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات، زيادة الثقافة والمعلومات، تنمية العلاقات الإنسانية وزيادة التماسك الاجتماعي، الترفيه وتوفير سبل التسلية وقضاء أوقات الفراغ، وبالطبع الإعلان والدعاية. وهو بالتالي يُعتبر أهم وسيلة من وسائل توجيه الرأي العام نحو ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد بكل إشكاله ومستوياته،بل مساندة أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة المعنية بمكافحة الفساد ونشر ثقافة الشفافية.
على الرغم من حسناته الكثيرة، ولكن ثمة ملحوظات من واجبنا التنبيه إليها، لذا علينا أن نبدأ بوسائل الإعلام أولاً لتهيئته من أجل التصدي للفساد ولنشر ثقافة النزاهة، فان بعض الإعلاميين هم من غير المختصين، وليس من حملة الشهادات الجامعية الأولية، فقد سنحت الفرصة لبعضهم ليشغلوا أماكن غيرهم، ثم استغلوا الإعلام نفسه لتكريس الواقع لصالحهم وعدم إعطاء فرصه لمن هو أجدر منهم، إلا إنهم اكتسبوا خبره في ممارسة العمل الإعلامي وهذا ليس كافياً. يشكك بعض المثقفين بوجود إعلام نزيه يتخذ الحيادية نهجاً له ، ويرون أن الإعلام لا لغة له وأن الحقيقة المشاهدة المحسوسة تقطع بأنه لا توجد وسيلة إعلام لا تبعية سياسية لها وهذه حقيقة لا يمكن ردها مهما ادعت بعض وسائل الاعلام الحيادية والنزاهة. وبنظرة سريعة لما يكتبه الإعلاميون عن الاعلام وعناوين مقالاتهم نجد بوضوح الانحياز الى المصالح الشخصية للإعلاميين يطغى على المصلحة العامة. إذ تسلط بعض الموضوعات الضوء على حرية الإعلام والشكوى من القمع والتركيز على حقوق الإعلاميين أكثر من التركيز على واجباتهم المهنية كالحريات الصحفية، ويوم حرية الصحافة، وحرية التعبير وقمعها، وانتهاكها والفتك بها وتراجعها وتصعيد موجات الاضطهاد وتقليص الحريات الإعلامية، ولا سيما وسائل الاعلام التي تنتمي الى جهات سياسية. فضلا عن ذلك فان الإعلاميين هم أكثر فئة تركز على المطالبة بحقوقها وتغالي أحياناً بذلك مستغلة الإعلام نفسه قياساً لما تكتبه عن واجباتها وعن نزاهة المهنة، ناهيك عن كثرة السرقات لجهود الآخرين ونشر المقال الواحد في عدة الصحف لأغراض مادية.
يوجد نوعان من الإعلام وهما الإعلام الرسمي والإعلام الخاص, فالإعلام الرسمي ممول من الحكومات وبالتالي يعتبر ناطقاً رسمياً باسمها، ويستيع تامين مصدر الدخل الكافي له،والإعلام الخاص فهو حكر على رجال أعمال الذين يسعون للحفاظ على مصالحهم الخاصة بغض النظر عن الرسائل المقدمة.
ونظراً لأن وسائل الإعلام تعمل في سوق مشترك وفق مفهوم تدفق المعلومات Flow of Information عليها أن ترتقي إلى مستوى المنافسة، وهذا يتطلب الكثير من الجهد، الأمر الذي أضفى عليها الطابع التجاري ، وبالتالي أصبحت وسائل الاتصال تسعى لأن تتميز على رصيفاتها فكان عليها أن توفر الكادر البشري والتقنية المتطورة وتقدم نفسها للجمهور من خلال مادة مؤثرة تعرضها وفق منهجية علمية.
وبالمحصلة التي استخلصها شخصياً فإن مسألة الشفافية والنزاهة التي تقدمها وسائل الإعلام تتوقف على نوع “المادة الغير ضارة مصلحة الوسيلة” بمعنى آخر أن للصحفي الحرية الكاملة في تقديم أية مادة أو يفتح أي موضوع ما لم يعارض مصلحة الممولين والقائمين، ويضر بمصلحة الفريق الذي ينتمي إليه ويعرض المصالح الاقتصادية للخطر..