توقعت مجموعة البنك الدولي أن يقفز إجمالي الناتج المحلي لدولة قطر بنهاية العام 2018 إلى مستوى 655.1 مليار ريال، أي ما يعادل نحو 180 مليار دولار، ضمن تقاريره الدورية عن الاقتصاد القطري وأن يحقق الناتج المحلي نموا خلال العام المقبل بنسبة 3.7%. وقالت مجموعة البنك الدولي إن نسبة النمو المتوقعة في إجمالي الناتج المحلي خلال العام الجاري ستصل إلى مستوى 2.1%، حيث أوضحت أن مسيرة النمو في الاقتصاد القطري ستتواصل بوتيرة معتدلة للسنة الثانية على التوالي رغم تراجع أسعار النفط والطاقة في الأسواق العالمية، إضافة إلى المتغيرات الاقتصادية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم بشكل عام. وأرجع البنك الدولي تواصل مسيرة النمو في دولة قطر إلى عدة متغيرات جوهرية، لعل أبرزها تواصل إنجاز المشاريع التي تشرف عليها الدولة وخاصة المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية والمشاريع المرتبطة بتنظيم بطولة كأس العالم 2022، حيث ذكر البنك الدولي أن تلك المشاريع ستواصل دعم العديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وفي مقدمتها قطاعات الإنشاءات والبناء والنقل وقطاع الخدمات بمختلف مجالاتها.
الأرصدة المالية
وشدد البنك الدولي على أن العام الجاري والعام المقبل سيشهدان تحسنا تدريجيا وواضحا في الأرصدة المالية العامة للدولة، خاصة بعد زيادة إنتاج الغاز في حقل الشمال وعودة أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى الاستقرار عند مستويات تأقلمت معها الدول المنتجة والمصدرة للنفط، وهو ما سيساعد على تحقيق وفورات في النفقات الجارية خاصة بعد شروع دولة قطر منذ مدة بالقيام بإصلاحات جوهرية تدعم الاقتصاد الوطني على المديين المتوسط والبعيد، حيث سترتفع التدفقات النقدية من العملات الأجنبية للدولة نتيجة ارتفاع مستويات التصدير للمواد الأساسية والتي تشمل النفط والغاز الذي يعتبر من الطاقات النظيفة التي أصبحت تلقى رواجا عالميا مطردا. وكشف سعادة د. محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة أن قطر أصبحت رائدة في الغاز الطبيعي المسال من خلال إنتاج أكثر من 77 مليون طن مكعب من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى أنها أصبحت عاصمة تحويل الغاز إلى سائل وأكثر مادة من الغاز المضغوط والمكثفات وأن الغاز سيتحول من كونه مصدر الطاقة رقم 3 إلى مصدر الطاقة رقم 2 ليتجاوز بذلك الفحم الحجري وذلك لأن نسبة استهلاك الغاز ستواصل الارتفاع وتزداد أكثر من أي شكل آخر من أشكال الطاقة الأخرى، متوقعا زيادة الطلب العالمي سنويا بـ 4.5%، مشددا على أن قطر بدأت الاستفادة من تسخير احتياطها من الغاز وأعلنت عن زيادة إنتاجها إلى نحو 100 مليون طن سنوياً، مشيراً إلى أن هذا القرار جاء في وقته. وذلك للزيادة المستمرة في الطلب على الغاز، مذكرا بالتوسع في الإنتاج وتصدير الغاز لكي تتمكن من تلبية الطلبات المتزايدة في 2022. وتقدر المشاريع التي تعمل عليها الدولة بنحو 200 مليار دولار، جميعها ستسلم قبل استضافة كأس العالم 2022، حيث تقوم الدولة بإنفاق ما يعادل 1.8 مليار ريال أسبوعيا على مشاريع البنية التحتية ومشاريع كأس العالم وفقا لتصريحات سابقة لسعادة السيد علي شريف العمادي وزير المالية الذي أكد أن دولة قطر مواصلة تعهداتها والتزاماتها بهدف استكمال المشاريع التي تعمل عليها وخاصة مشاريع البنية التحتية للدولة ومشاريع كأس العالم إضافة إلى مواصلة الإنفاق على القطاعات الحيوية المتعلقة بتنمية الدولة والمجتمع على غرار الصحة والتعليم والاستثمار في الكادر البشري من خلال تكوين كفاءات متطورة تقدم الإضافة إلى الدولة بما يحقق التنوع الاقتصادي.
وتطرق تقرير مجموعة البنك الدولي إلى التحديات التي قد تواجه دولة قطر، مؤكدا قدرة الاقتصاد القطري على مواجهتها والتعامل معها بمرونة، حيث أوضح التقرير أنه من بين التحديات التي قد تواجه دولة قطر في مسيرتها خلال السنوات المقبلة هو أسعار النفط والسلع الأساسية التي عادت للاستقرار بشكل متباطئ مقارنة بالطفرة التي شهدتها في خلال السنوات الماضية، إضافة إلى عدم استقرار الأسواق المالية العالمية، إضافة إلى زيادة المنافسة في الأسواق الفورية العالمية لأسعار الغاز. وأكدت مجموعة البنك الدولي أن دولة قطر تستحوذ على العديد من المزايا، مثل زيادة الإنتاجية وتجاوز التحديات والضغوطات التي تفرضها التقلبات الجيوسياسية والجيواقتصادية، مشيرة إلى أن دولة قطر مدعوة خلال الفترة المقبلة إلى زيادة استثماراتها في العنصر البشري وتعزيز الاستثمار في رأس المال وزيادة الكفاءة الهيكيلة على مستوى بيئة الأعمال.
وكانت وكالة أنباء بلومبرج أشارت في أحدث تقاريرها الاقتصادية إلى أن الاقتصاد القطري سيكون من أفضل الاقتصاديات نموا خلال العام الجاري، خاصة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، حيث قالت الوكالة إن الاقتصاد القطري سيسجل نموا بنسبة تتجاوز 3.2%، رغم التحديات الاقتصادية التي فرضها الحصار الذي فرضته دول الجوار على دولة قطر، نتيجة نجاح الدولة في تدعيم شراكاتها الإستراتيجية مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة وإيجاد أسواق اقتصادية واعدة ودفق استثماراتها من ذراعها الاستثمارية المتمثلة في جهاز قطر للاستثمار، في العديد من الدول التي تعرف نموا مطردا.
سعر الفائدة
إلى ذلك، فقد قامت دولة قطر خلال الأيام القليلة الماضية بمواجهة التحديات التي فرضتها التقلبات في المنطقة بما فيها الحصار من خلال إجراءات ظرفية تمثلت أساسا في تقليص معدل سعر الفائدة الرئيسي بما يحد من التضخم المالي، إضافة إلى إرسال العديد من الرسائل الاستثمارية الإيجابية إلى الأسواق الخارجية، ومنها الإعلان عن رفع إنتاج الغاز الطبيعي بما يقارب 30% إلى مستوى 100 مليون طن متري وشراء أسهم في العديد من الشركات العالمية، إضافة إلى عقد شراكات إستراتيجية مع دول حليفة على غرار تركيا، وإيجاد خطوط بحرية بديلة عن خطوط الاستيراد التقليدية والتي كانت تأتي من ميناء جبل علي بدولة الإمارات، خاصة بعد افتتاح ميناء حمد، إضافة إلى الإجراءات الأخرى المتمثلة أساسا في تدعيم الأصول السيادية لجهاز قطر للاستثمار والذي تناهز أصوله 335 مليار دولار أمريكي.
ويصنف البنك الدولي دولة قطر ضمن العشرين دولة الأولى على مؤشر مناخ الأعمال، حيث يعتبر مؤشرا مهما للمستثمرين الراغبين في دخول السوق القطرية، حيث يؤكد الخبراء أن ما قامت به دولة قطر خلال المرحلة الماضية دعم من ركائزها الاقتصادية كما سيكون محفزا لقطاع الأعمال خلال السنوات المقبلة وجاذبا مهما للاستثمارات الأجنبية، خاصة بعد نجاح الإدارة الاقتصادية في دولة قطر في إدارة التوجهات العامة للدولة وحولت الحصار المفروض على الدولة إلى فرصة مهمة لتنويع الاقتصاد الوطني والتحول إلى تعزيز الاستثمارات وتنويعها. وشهد الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر نموا في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 2.7% ليقفز إلى نحو 151 مليار ريال، وأشارت بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء إلى استحواذ قطاع الأنشطة غير النفطية على ما نسبته 66.8% من إجمالي الناتج المحلي، محققا نموا بنسبة تساوي 0.1%، في حين بلغت مساهمة قطاع التعدين واستغلال المحاجر 33.2% وبنمو فاق 8.2%.
فائض الميزان التجاري
حقق الميزان التجاري السلعي لدولة قطر فائضا بنحو 12.5 مليار ريال خلال شهر يونيو الماضي بزيادة نسبتها 63.6% على الشهر المماثل من العام 2016 وبزيادة تقدر بنحو 1.7 مليار ريال عن مايو من العام الجاري بما تمثل نسبته 15.3%، في حين ارتفعت صادرات دولة قطر من الغاز الطبيعي ومشتقاته خلال شهر يونيو من العام الجاري بنسبة تساوي 15.8% على أساس سنوي، لتصل إلى نحو 11.9 مليار ريال، وبنسبة 21.6% في شهر مايو من العام الجاري، بينما انخفضت صادرات الزيوت البترولية، بما فيها النفط الخام، بنسبة 22.4%، إلى 2.4 مليار ريال، وكذلك الصادرات غير البترولية بنسبة فاقت 15%. وتعول دولة قطر على تنويع الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة، حيث ينتظر أن ترتفع الإيرادات من القطاع غير النفطي إلى مستويات قياسية بعد أن أصبحت تمثل نحو 60%.