سجّلت دولةُ قطر مراكزَ مُتقدّمةً في التقرير السنوي للاستقرار المالي الصادر عن صندوق النقد العربي، حيث جاءت قطر في المراكز الأولى عربيًّا في أغلب مؤشرات التقرير الذي تناول عدة جوانب اقتصادية وماليّة للدول العربيّة في إطار سعيها لتعزيز الاستقرار المالي.
وكشف التقريرُ أنَّ البنوك القطرية احتلّت المرتبةَ الأولى عربيًا في مؤشرات الربحية، بمعدل بلغ 1.3%، وهو ما يُشير إلى قدرة إدارة القطاع المصرفي في الدولة على توظيف مصادر أموالها وإدارة موجوداتها بشكل فعّال.
وأظهر التقريرُ تميّزَ القطاع المصرفي القطري بملاءة مالية مُرتفعة، حيث استحوذت البنوك القطرية على 12% من موجودات القطاع المصرفي العربي.
وأشاد صندوق النقد العربي بجهود مصرف قطر المركزي لتطوير الإطار المؤسسي والتشريعي وتهيئة البنية التحتية الماليّة المواتية لتعزيز الاستقرار المالي، التي ساهمت في تعزيز متانة هذا القطاع وتقييم مخاطره بشكل مُستمر، وذلك من خلال استخدام السياسات الاحترازية الكلية والجزئية والتنسيق مع السياسات الاقتصاديّة الأخرى، لا سيما السياستَين النقدية والمالية.
وأكّد أن الإجراءات التحفيزية والوقائيّة التي قام بها مصرفُ قطر المركزي ومؤسسات النقد العربية الأخرى للحدّ من أثر فيروس كورونا، حافظت على متانة القطاع المالي وَفقًا لقواعد العمل المالي والمصرفي السليم.
مؤشّر العائد
وبحسب تقرير صندوق النقد العربي فقد جاءت البنوك القطرية في المرتبة الثانية عربيًا في مؤشر معدّل العائد على حقوق الملكية، بمعدل بلغ حوالي 12.9%، في عام 2020، ما يشير إلى الأداء الجيّد للبنوك في استخدام رأسمالها ضمن مستويات موجبة جيّدة، الأمر الذي يعزّز من قدرتها على مواجهة الأزمات العالمية التي من الممكن أن تتعرّض لها مُستقبلًا.
التسهيلات الائتمانية
وأشار تقرير صندوق النقد العربي إلى أن البنوك القطرية احتلت المرتبة الثالثة عربيًا من حيث حجم التسهيلات الائتمانيّة الممنوحة، حيث بلغ إجمالي التسهيلات الائتمانية التي منحتها البنوك القطرية لعملائها نحو 158.5 مليار دولار بنهاية عام 2020، الأمر الذي يعكس ثقة العملاء والسوق بالقطاع المصرفي.
وأشار التقرير إلى أن القطاع المصرفي في الدول العربيّة حافظ على معدّلات موجبة لهذه النسبة خلال الفترة (2013 – 2020) رغم الظروف والتحديات والصدمات التي واجهها الاقتصاد في الدول العربية بشكل عام.
وأكّد تقريرُ الاستقرار المالي أن القطاع المصرفي العربي بالرغم من التحديات والمخاطر، كان مُستقرًا وقادرًا بشكل عام على تحمل الصدمات، ذلك في ضوء ما حققه القطاع من مستويات جيّدة من رأس المال وجودة الأصول والربحية والسيولة، وهو ما يعكس جهود المصارف المركزيّة ومؤسسات النقد العربيّة.
ونوّه التقرير إلى أن أرباح القطاع المصرفي، في الدول العربية، قد تأثرت بشكل ملحوظ في نهاية عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا المُستجد، حيث إن الانعكاسات السلبيّة للجائحة أثرت في ربحية البنوك، بالرغم من ذلك، حافظ القطاع المصرفي، في الدول العربية، على تحقيق معدّلات عائد موجبة خلال عام 2020، إذ بلغ متوسط هذا المعدل حوالي 0.81%.
شركات الصرافة
وبحسب التقرير، فقد بلغت موجودات شركات التمويل في 2020، حوالي 993 مليون دولار، كما بلغت أنشطة التمويل الإٍسلامي التي تقدمها شركات التمويل المرخصة في قطر حوالي 850 مليون دولار، مقابل 855 مليون دولار في عام 2019، أي بمعدّل انخفاض أقل من واحد في المئة، وبالنسبة لحقوق المساهمين فقد بلغت 651 مليون دولار في عام 2020.
وأفاد صندوق النقد العربي بأن مؤشرات أداء قطاع شركات الصرافة في قطر كانت جيّدة، إذ ارتفعت الأرباح المدورة للقطاع من 40.7 مليون دولار في عام 2019 إلى 54.0 مليون دولار في عام 2020، وكذلك ارتفعت نسبة حقوق المُساهمين من 307.7 مليون دولار في عام 2019، إلى 335.3 مليون دولار العام الماضي، مُحققةً نموًا بمعدّل 9.0%.
وأن حجم أصول قطاع شركات الصرافة في قطر بلغ حوالي 567.9 مليون دولار عام 2020، مُقابل 623.6 مليون دولار عام 2019، أي بنسبة انخفاض بلغت 9.0 في المئة. في حين ارتفع رأس المال المدفوع للقطاع من 211.5 ملیون دولار في عام 2019 إلى 218.4 مليون دولار العام الماضي.
خطط استباقية
وأكد التقرير أن مصرف قطر المركزي اعتمد خططًا استباقية متواصلة لمواجهة التحديّات الاقتصاديّة إزاء مواجهة جائحة كورونا، حيث تم اتخاذ حزمة إجراءات كان لها الفضل في الحدّ من تداعيات الأزمة الصحيّة، ولعل أبرزها: تخفيض أسعار الفائدة لتخفض تكلفة الإقراض إلى 2.5% لسعر المصرف للإقراض، وسعر المصرف للإيداع وسعر إعادة الشراء إلى 1%، وتخصيص ضمانات للبنوك المحلية بنحو 3 مليارات ريال، وإطلاق برنامج الضمان الوطني للاستجابة لتداعيات فيروس كورونا المستجد لدعم شركات القطاع الخاص المُتضرّرة من الظروف الراهنة، لتمكينها من الحصول على التمويل اللازم والسريع لدفع رواتب الموظفين ودفع الإيجارات إن وجدت.
بالإضافة إلى تأجيل أقساط القروض المُستحقة والفوائد/ العوائد المترتبة على تلك القروض الخاصة بالقطاعات المُتضرّرة، وذلك لمدة ستة شهور اعتبارًا من مارس 2020، وتخصيص نافذة إعادة شراء (Repo) بمبلغ وقدره خمسون مليار ريال تكون بعائد صفر في المئة، لأغراض توفير السيولة بتكلفة صفرية. وإلغاء كافة العمولات والرسوم على استخدام أنظمة الدفع بين محال الصرافة والبنوك العاملة في الدولة.
أما بالنسبة لتأثير الأزمة على القطاع المصرفي والمالي، فأكد التقرير أن القطاع في حالة جيّدة، حيث حافظت نسب كفاية رأسمال البنوك على مستويات جيّدة. كما تشير نسب السيولة للقطاع إلى وضع مريح. حيث ارتفع الائتمان المقدّم إلى كل من القطاعين العام والخاص بشكل كبير، كما سجلت الودائع نموًا إيجابيًا، وتحسنت ودائع البيع، بالتجزئة، وكذلك إجمالي عمليات البيع.
الشمول المالي
واستعرض التقرير جهود الدول العربيّة في تعزيز الشمول المالي الرقمي مع التطرّق إلى تعزيز الأمن الإلكتروني والحدّ من التهديدات الإلكترونيّة وآثارها على الاستقرار المالي.