يشير حجم العروض الرائعة التي تقدمها كبرى شركات التجارة الإلكترونية إلى جانب متاجر التجزئة متعددة القنوات لعملائهم خلال شهر نوفمبر إلى استعداد هذه الجهات لخوض منافسة محتدمة في نهاية العام لتحقيق أكبر قدر من الأرباح وكسب ولاء العملاء. وتقدم هذه العروض الضخمة حلولاً بديلة لاستقطاب المشترين الذين خاب ظن معظمهم من هذه العروض، لكنهم مضطرون لشراء احتياجاتهم استعداداً لموسم العطلة.
وهنا يتبادر للذهن سؤال جوهري، ما الفائدة الحقيقية التي يجنيها مزوّدو تلك العروض؟ وهل تقتصر على بيع منتج آخر من قائمة مبيعاتهم، أم أنها تلعب دوراً حيوياً أكثر على صعيد التسويق؟
شهدنا خلال الأزمة الصحية تحول الكثير من العملاء إلى التسوق من خلال الإنترنت، وعند شرائهم حاجيات العطلة، تثير سهولة الشراء، إضافة إلى العروض المغرية، لديهم الفضول لمعرفة الدافع وراء الكرم الكبير الذي تُظهره كبرى شركات التجارة الإلكترونية.
ولا تقتصر القيمة الحقيقية لهذه العروض على تحقيق مبيعات كبيرة في نهاية العام تساعد شركات التجارة الإلكترونية على التخلص من مخزونها من المواد، بل تكون تلك الشركات، لا سيما الكُبرى منها، معرضة لتكبد خسائر أكبر إن امتنعت عن تقديم العروض، فضلاً عن أنها توفر فرصة لكسب ولاء العميل.
لكن ينبغي ألا تكون استراتيجية التسويق متسرّعة، بل يجب أن تُبنى على تحليل شامل وتفصيلي للبيانات يبدأ قبل أشهر طويلة، من أجل تحقيق أكبر فائدة وأثر ممكن. ويجب إيلاء أهمية لدراسة اهتمامات العملاء ودمجها مع أنماط تسوقهم السابقة لتحقيق مبيعات ناجحة في نهاية العام. ويتطلب زيادة عائدات الاستثمار إلى الحد الأقصى توفير تجربة شراء مخصصة ومقنعة للعملاء، حيث تبلغ تكاليف استقطاب عميل جديد خمسة أضعاف تكاليف الاحتفاظ به.
وبينما تستفيد الشركات الكبرى من الوفورات في الحجم، يتمثل السبيل الوحيد أمام الشركات الصغيرة ومتاجر التجزئة متعددة القنوات لتعزيز فرصها في المنافسة في الاعتماد على التحليل المتقدم للبيانات والاهتمام بمتطلبات العملاء وتوفير تجارب مخصصة لهم. وتستطيع الشركات الكبرى رفع حدة المنافسة بشكل كبير، ولكن يجب على بقية الشركات التحلي بالشجاعة والاستمرار في بناء قاعدة عملائها بالاعتماد على استراتيجيات تسويق فعالة، تتضمن الاستفادة من نقاط قوتها، إضافة إلى تعزيز هذه الجهود من خلال اعتماد استراتيجية توفر للعملاء تجربة مخصصة.
وفي الختام، يجب على الشركات الصغيرة ألا تدع الشركات الضخمة تستغل إمكاناتها الكبيرة في القيام بحملات تسويقية، بل ينبغي أن تبذل قصارى جهدها في إيجاد حلول مبتكرة وتخصيص تجارب عملائها، ويجب أن تدرك جيداً أن الاستفادة من عروض آخر العام ليس حكراً على الشركات الكبيرة.