يشهد قطاع السلع الأساسية بما فيها النفط نمواً ملحوظاً على خلفية توقعات متفائلة بارتفاع الطلب استناداً لأخبار التوصّل إلى لقاح منذ مطلع نوفمبر. ويؤكد أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك، أهمية قيام المستثمرين بمراقبة المخاطر على المدى القصير، والتي قد توقف التوجهات الصاعدة للسلع.
وفي جلسة إحاطة استضافها ساكسو بنك عبر الإنترنت اليوم بشأن احتمالات انطلاق دورة فائقة جديدة للسلع، أشار هانسن إلى أكبر مخاطر التضخّم منذ عشر سنوات، والمتمثلة في تشكيل طلب على السندات من مستثمرين يبحثون عن السلع بوصفها تحوّطاً ضد التضخم.
ارتفاع أسعار النفط يلعب دوراً في إعادة الطلب إلى مستوياته الطبيعية وتحوّط المستثمرين ضد التضخم وفق ساكسو بنك
كما ترتفع أسعار النفط بناء على توقعات بعودة الناس حول العالم إلى السفر، وانتعاش حركة الاستهلاك أكثر في المستقبل، وصولاً إلى رفع القيود المرتبطة بأزمة كوفيد-19 بعد انتشار برامج التطعيم، ما سيعزز الطلب على النفط.
وأوضح هانسن: “يبدو الطلب في الوقت الحالي كبيراً جداً على الأصول الملموسة ذات الأسس القوية، مثل النفط والنحاس وغيرهما من السلع. وقد شكّل ارتفاع عائدات السندات تحوّلاً من الأسهم ذات الزخم، كما هي الحال مع الأسهم التي تملكها شركات التكنولوجيا، إلى الأسهم ذات القيمة التي يشكل منتجو السلع الأساسية جزءاً منها”.
وبشكل عام، يعتبر ارتفاع أسعار النفط مؤشراً إيجابياً لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي عانت من آثار الإغلاق الاحترازي جراء أزمة كوفيد-19، مثل تراجع السياحة.
وأضاف هانسن: “يساعد ازدياد الإيرادات المستندة إلى النفط في منح الاقتصادات المحلية متنفّساً خلال الفترات الاقتصادية الصعبة، لكن يجب ألا تكون الحكومات راضية عن نفسها. وتجدر الإشارة إلى أن التحوّل الأخضر، مثل الانتقال إلى السيارات الكهربائية، قد بدأ أولاً عندما تجاوزت أسعار برميل النفط 100 دولار أمريكي. وأدرك المستهلكون في هذه المرحلة أن البدائل الخضراء لم تعد مكلفة جداً.
وإذا مررنا بفترة من عدة سنوات ارتفعت خلالها أسعار النفط لتتجاوز التوقعات، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من المحفزات للتحول الأخضر، والاستغناء عن الوقود الأحفوري”.
كما سلّط هانسن الضوء على المخاطر المتزايدة للنزاع داخل مجموعة أوبك بلس، مثل روسيا والمملكة العربية السعودية، وأشار إلى اعتماد الأسعار المرتفعة على التماسك معاً. وترتبط الخطورة هنا مع الخلافات المتنامية بين الدولتين. وبالمثل، قد لا يواصل الطلب الصيني المسار الذي شهده في الشهور الأخيرة. وقد استفادت الصين من انخفاض الأسعار لتخزين النفط، ما يعني أن الطلب قد لا يكون قوياً خلال الفترة المقبلة.
وأردف هانسن: “يمتلك هذا الارتفاع النفطي ما يشبه الأرجل المتعددة، والتي يؤدي قطع بعضها إلى مخاطر وأضرار على المدى القريب. ولن يدفعني ذلك، حتى الآن، إلى التخلّي عن توقعاتي المتفائلة، إذ نتوقع رؤية تصحيح في أسواق النفط، لكن التفاصيل ليست واضحة. وقبل تحقق توقعاتنا في التحرّك نحو الأعلى، يمكن أن يتجه التصحيح نحو الانخفاض عند 60 دولار للبرميل”.
وفي الوقت نفسه، تنظر السوق إلى أداء النحاس باعتباره واحداً من أقوى السلع الأساسية، ونقطة تركيز رئيسية للمستثمرين؛ ويعدّ جزءاً أساسياً من عملية التحوّل الأخضر ومادة أوّلية لمحطات الشحن والسيارات الكهربائية والأسلاك ما يجعل انخفاض أسعاره أمراً ضرورياً لاستيعاب هذه المنتجات والخدمات الجديدة. ومنذ تراجعها في مارس الماضي، ارتفعت أسعار النحاس أكثر من الضعف نحو مستوى يقلّ بنسبة 10% فقط عن القيمة القياسية عام 2011.
وبيّن هانسن: “ينبغي علينا تذكّر الدور الهام الذي يلعبه الدولار الأمريكي في السلع. وبالرغم من المؤشرات الواضحة مؤخراً على قوّة الدولار الأمريكي، لا يزال تركيز السوق متجهاً نحو ضعف الدولار في المستقبل، ما يلعب دوراً في السلع الداعمة لارتفاع الأسعار”.
وأكّد هانسن أنه ما زال متفائلاً بشأن الذهب والفضة، حيث لم تقم السوق بالتسعير الكامل وفقاً للتأثيرات الحقيقية للتضخّم، وقال: “نتوقع أن يكون التضخّم أكثر ارتفاعاً من الأسعار الحالية في السوق، وسيشكل ذلك نقطة تحوّل للذهب. لقد أصبح التضخّم أمراً واقعاً حتى ولو لم تظهره البيانات. وكل ما يتطلبه الأمر هو النظر إلى تكاليف الغذاء، حيث تواصل سلة الغذاء العالمية أكبر نمو سنوي لها منذ عشر سنوات”.
وبحسب توقعاتنا، سترتفع أسعار الذهب فوق 2000 دولار أمريكي خلال الشهور القادمة. وتعتبر الفضة من السلع التي يجب مراقبتها، حيث يسهم الارتفاع الداعم لأسعار الذهب والمعادن الصناعية في تحقيق أداء أقوى نسبياً من الذهب. وباعتبار سعر أونصة الذهب 2000 دولار أمريكي، نرى سعر أونصة الفضة عند 33 دولار أمريكي، بارتفاع 20% تقريباً عن مستوياته الحالية.