مجلة كيو بزنس Q Business Magazine
في الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس دونالد ترامب عبر حسابه على تويتر عن “مرحلة أولى ضخمة” لصفقة تجارية مع الصين. وأوضح أنها “إلى حد بعيد، أعظم وأكبر صفقة تم التوصل إليها على الإطلاق لصالح مزارعينا الوطنيين العظماء”. ولكن الزراعة ليست سوى مجال واحد فقط من بين عدد من مجالات التوتر بين الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بالتجارة. (تقرير من QNB)
سنعرض فيما يلي بعض تفاصيل ما سمي بـ “الصفقة” في سياق مذكرات التفاهم بين البلدين والتي أعدها خبراء التجارة في مارس: الزراعة، والعملة، والنقل القسري للتكنولوجيا، والسرقات الإلكترونية، وحقوق الملكية الفكرية والعوائق غير الجمركية أمام حركة التجارة (انظر تقريرنا تقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين دون حدوث اختراق). ثم نختتم تحليلنا بإبداء رأينا حول ما يعنيه هذا الاتفاق بالنسبة للاقتصاد العالمي مع الإشارة إلى تقرير صندوق النقد الدولي لشهر أكتوبر حول توقعاته المستقبلية للاقتصاد العالمي.
تفاصيل “الصفقة”: يبدو أن الولايات المتحدة والصين قد اتفقتا على الخطوط العريضة لاتفاقية تجارية جزئية. ويأمل ترامب في أن يوقع على الصفقة النهائية بنفسه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في اجتماعات التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في سانتياغو، شيلي في أواخر نوفمبر.
ويبدو أن الخطوة الرئيسية للأمام هي التزام الصين بزيادة كبيرة في مشترياتها من السلع الزراعية الأمريكية. وتشير بعض التقارير إلى إحراز تقدم في قضايا أخرى تشمل الملكية الفكرية والخدمات المالية والعملة، لكن التفاصيل تظل غامضة. غير أن أبرز القضايا التي يصعب حلها تبقى عالقة، بما في ذلك الشكاوى الأمريكية بشأن سرقة الملكية الفكرية، والنقل الاجباري للتكنولوجيا والدعم الحكومي الصيني للقطاع الصناعي.
بالمقابل، قامت الولايات المتحدة بتأخير زيادة من 25% إلى 30% في التعريفات الجمركية كانت مجدولة لشهر أكتوبر على ما يبلغ 250 مليار دولار من الواردات الصينية.
لكن، تجدر الإشارة إلى أن هذه الصفقة لم تر النور بعد. فقد كان الشيطان في التفاصيل عندما فشلت المفاوضات بشأن اتفاق سابق في مايو. وفعلا، فحتى الرئيس ترامب يقر بأن لا شيء مكتوب بعد، وأن من شان ذلك أن يشكل المرحلة الأولى فقط لما يأمل أن يصبح أتفاقاً أوسع وأشمل.
لا يزال من المرتقب أن يتم فرض مزيد من التعريفات الجمركية على ما يبلغ 160 مليار دولار أمريكي من الواردات الصينية في شهر ديسمبر. وكانت الولايات المتحدة قد بدأت بالتركيز على البضائع الوسيطة (التي تستخدم كمدخلات في إنتاج سلع أخرى) لكي يكون تأثير التكاليف الإضافية موجهاً إلى أرباح الشركات وسلاسل التوريد قبل أن يصل إلى المستهلكين. لكن هذه الجولة الإضافية من التعريفات ستشمل حتماً المزيد من المنتجات الاستهلاكية، مما سيزيد من حجم الضرر الذي تلحقه الولايات المتحدة بنفسها.
الخلاصة: بالرجوع إلى وجهة النظر التي طرحناها قبل أسبوعين، فإننا نرى أن الولايات المتحدة والصين هما خصمان استراتيجيان على المدى البعيد. ولذلك نعتقد بأن الهدنة الحالية لن تدوم طويلاً وقد لا تستمر بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2020. وبالفعل، على المدى البعيد، نرى أن حدوث مزيد من التصعيد مرجح بدرجة أكبر من خفض التصعيد.
وكما توقع بنك QNB، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج الإجمالي العالمي بشكل كبير في عدد شهر أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. ووصف الصندوق النقد الدولي الاقتصاد العالمي بأنه يمر بمرحلة من “التباطؤ المتزامن” وخفض الصندوق توقعاته لنمو الناتج الإجمالي العالمي إلى 3% فقط في عام 2019، وهو أبطأ معدل منذ الأزمة المالية العالمية. وتوقع الصندوق أن يتعافى النمو قليلاً إلى 3.4% في عام 2020، ولكن هذه النسبة أيضاً مخفضة بالمقارنة بما ورد في عدد شهر أبريل من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
وتجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولي يتوقع بشكل صريح أن تؤدي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى انخفاض بنسبة 0.8% في معدلات النمو الإجمالي العالمي بحلول 2020. كما يتضح من كتاباتنا عن بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، فإننا أيضاً نتفق مع وجهة نظر صندوق النقد الدولي بأن السياسة النقدية لعبت دوراً مهماً في دعم الاقتصاد العالمي. يقدر صندوق النقد الدولي أنه بدون الدعم النقدي من البنوك المركزية، سيكون النمو العالمي أقل بمقدار 0.5 نقطة مئوية في كل من عامي 2019 و 2020