مسقط – سلطنة عمان
تقوم حكومة سلطنة عمان حالياً بإنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بـ “الدقم” وهي منطقة اقتصادية خاصة هدفها زيادة الدخل القومي ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
وتهدف المنطقة التي تقع على ضفاف بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي، وتبعد عن محافظة مسقط بـ 550 كيلو متراً إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل أمام المواطنين وتنمية محافظة الوسطى ضمن جهود السلطنة لتحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف المحافظات.
وقال إسماعيل أحمد البلوشي نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، أن مشروع المنطقة يعد مشروعاً كبيراً وجاء نتيجة نظرة ثاقبة من الحكومة بأن يقام بولاية “الدقم بمحافظة الوسطى، وهو مشروع اقتصادي ضخم نظراً للموقع الاستراتيجي المميز للمنطقة التي تقع على بحر العرب المفتوح والقريب من خطوط الملاحة الدولية والواقع بين موقعين يعتبران من الأماكن المزدحمة بالسكان بين أفريقيا وآسيا.
وقد أنشئت هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في العام 2011 وأنيط بها مسؤولية تشريع وتنظيم وتطوير هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 1745 كيلومتراً مربعاً، وقد قامت الهيئة بوضع مخطط شامل يعادل 50 في المائة من المساحة الإجمالية آخذة بعين الاعتبار الكثير من الأمور ومنها موضوع البيئة.
وأوضح البلوشي أن المخطط الشامل للمنطقة يشتمل على ثماني مناطق هي (المنطقة الصناعية) التي تضم ثلاثة أجزاء خصصت للصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، و(منطقة ميناء الدقم) التي تدار من قبل شركة ميناء الدقم وهي استثمار مشترك بين حكومتي السلطنة ومملكة بلجيكا، مشيراً إلى أن المراحل المرتبطة بالبنية الأساسية للميناء هي على وشك الانتهاء ،وقد بدأت الشركة بالتشغيل التجاري المبدئي في منتصف العام 2013.
وأشار إلى أن الطرق المؤدية إلى الميناء هي الآن في المراحل النهائية، أما الأعمال الأخرى من بينها التسوير والمباني والجمارك ومقرات الشرطة فهي الآن في مرحلة إسناد المناقصات للشركات والمقاولين.
كما تتضمن المنطقة الاقتصادية أيضاً (الحوض الجاف) الذي تملكه شركة مملوكة بالكامل للحكومة ويدار من قبل شركة (دايو) الكورية المتخصصة في إدارة الأحواض الجافة، وكانت قد احتفلت الشركة مؤخراً بصيانة السفينة رقم 300 منذ تدشين أعمالها في العام 2011.
ويتضمن المخطط (مطار الدقم) الذي تم تشغيله أمام الرحلات الداخلية في 23 من يوليو من العام الماضي 2014، ويتضمن (الأحياء السكنية والتجارية) التي تضم المساكن والمشاريع التجارية والسكنية، كما يحوي أيضا (المنطقة السياحية) التي تشهد حركة وإقبالاً كبيراً من المستثمرين، ويوجد حالياً بالمنطقة ثلاثة فنادق من فئة الثلاث والأربع نجوم توفر 500 غرفة وشاليه.
وتشتمل المنطقة كذلك على (مجمع الصناعات السمكية وميناء الصيد) وقد قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية بطرح مناقصته والآن قيد تعيين الشركة التي ستقوم بتنفيذ الميناء، كما تتضمن المنطقة إنشاء مجمع الصناعات البتروكيماوية ومصفاة الدقم وهو شراكة عمانية إماراتية، وقد قامت شركة المصفاة بإسناد مناقصة تسوية الأرض وهي الآن تسير حسب المخطط لها.
وفيما يتعلق بالمشاريع الصناعية أوضح البلوشي أنه تم مؤخراً توقيع اتفاقية انشاء مشروع لإنتاج زيت الخروع بشراكة عمانية هندية وهو زيت يدخل في الكثير من الصناعات الطبية والبلاستيكية وغيرها من الصناعات، موضحاً أن هناك العديد من المشاريع الصناعية الأخرى قيد الدراسة ولم تصل بعد الى مرحلة توقيع العقود إضافة إلى المشاريع السياحية الأخرى التي هي الآن قيد الدراسة وفي مراحلها النهائية والتي تتمثل في إنشاء مجمعات سياحية متكاملة وفنادق من مختلف الفئات ومطاعم فاخرة وحديقة ألعاب مائية متكاملة.
وذكر البلوشي إنه ولرغبة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التسهيل على المستثمرين من داخل السلطنة وخارجها، قامت بإنشاء (المحطة الواحدة) من خلال مكتبين الأول في محافظة مسقط والآخر في محافظة الوسطى بالدقم ،من أجل تلبية احتياجات المستثمرين لاستكمال الإجراءات المتعلقة بإنشاء الشركات وتخصيص الأراضي، مبيناً أن المرسوم السلطاني أعطى الهيئة الكثير من الصلاحيات التي تمكنها من تقديم مختلف التسهيلات للمستثمرين عبر إعطائها صلاحيات من قبل وزارة التجارة والصناعة والتي تتعلق بعملية التسجيل التجاري والصناعي وصلاحيات من قبل وزارة البيئة والشؤون المناخية تتصل بالتصريح البيئي وصلاحيات من قبل وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه تختص باعتماد عقود الإيجار والتراخيص البلدية واعتماد الرسومات والخرائط وهذا كله ساهم في عملية توطين الصناعات بالمنطقة.
وأكد البلوشي أن الحكومة صرفت حتى الآن على مشاريع البنية الأساسية بالمنطقة ما يقارب 1 مليار و700 مليون ريال عماني بما فيها مشروع الحوض والميناء والطرق الداخلية بالمنطقة، إلى جانب المبالغ التي صرفتها شركة (عمران) لتنفيذ فندقي كراون بلازا الدقم و المدينة، قائلاً إنه ما يزال هناك الكثير من المشاريع المتعلقة بالبنية الأساسية المتعلقة برصيف المواد السائلة والسائبة لتلبية احتياجات المصفاة والطرق المؤدية إلى ميناء الدقم، موضحاً أن عملية الوصول من وإلى المنطقة أصبح الآن متاحاً جواً عبر المطار وبحراً عبر الميناء ،بالإضافة إلى الطرق البرية معتبراً أن ربط الجوانب اللوجستية بعضها البعض يعد من العوامل المهمة والجاذبة للاستثمار والمحفزة للاستثمار الجيد.
وفيما يتعلق بالمشاريع الجاري دراستها لدى هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ،قال إن الهيئة تدرس حالياً مشروعين استثماريين بالقطاع السياحي لإقامة مرافق مختلفة تتضمن فنادق ومجمعات سكنية وتجارية.
وأضاف أن المسؤولين بشركة (اسكان عمان) وصلوا إلى المراحل النهائية الخاصة بإنشاء مستشفى خاص عبر تعيين المقاول والآن هو في مرحلة تمهيد الأرض متوقعاً أن يتم افتتاح المستشفى الذي يأتي بشراكة عمانية كويتية خلال العام القادم.
وأوضح أن لدى الهيئة الآن طلبين في المنطقة التعليمية لإنشاء مدرستين عالميتين باستثمارات محلية وأجنبية، وأن هناك العديد من الطلبات لإقامة مشاريع صناعية خفيفة ومتوسطة أغلبها لاستثمارات عمانية.
وعن الحوافز المقدمة للمستثمرين قال البلوشي إن هناك حزماً من الحوافز تقدم لاستقطاب المستثمرين المحليين والأجانب، من بينها عدم وجود جمارك على البضائع وإعفاء من الضرائب لمدة 30 عاماً والسماح بحق الانتفاع لمدة خمسين عاماً، وعدم اشتراط حد أدنى لرأس المال المستثمر في المشروع والسماح للمستثمر الأجنبي بتملك الاستثمار بنسبة 100 في المائة ،وعدم وجود قيود على تحويل الأرباح ورأس المال وتقديم أسعار تنافسية في الإيجار السنوي للأراضي التي يحصل عليها المستثمرون، وفقاً لنظام حق الانتفاع، موضحاً أن الايجار السنوي يختلف من موقع لآخر ومن قطاع لآخر.
وأشار إلى أن هذا الاقبال الكبير على توطين المشاريع بالمنطقة الاقتصادية بالدقم جاء نتيجة الحملات الترويجية التي قامت الهيئة بتنفيذها خلال الأعوام الثلاثة الماضية والتي جابت مختلف أنحاء العالم حتى تمكنت من وضع المنطقة على خارطة العالم، إلى جانب جهود المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص ،كما بدأت الهيئة خلال العام الجاري بتنفيذ حملات ترويجية داخلية شملت أغلب محافظات السلطنة.
وفيما يتصل بمساهمة المنطقة في الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة أوضح البلوشي أن الدراسات التي أعدت للمشاريع التي سوف يكتمل انشاؤها في عام 2020 أوضحت أن مساهمة المنطقة ستكون 5 بالمائة معرباً عن أمله أن يتم تحقيق هذه النسبة والعمل على زيادتها.
وحول الوظائف التي ستتوفر للشباب العماني، قال نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، إنه وبحسب الخطة الموضوعة فإنه من المتوقع أن يكون عدد سكان المنطقة في العام 2020 في حدود 67 ألفاً بمن فيهم الموظفون وعائلاتهم والطلبة، متوقعاً أن يستمر الوضع الاقتصادي في النمو وأن تكون المنطقة الاقتصادية بالدقم قاطرة للاستثمار ،نظراً للموقع الاستراتيجي المهم لها وتوفر جميع الخدمات اللوجستية وقربها من الأسواق الآسيوية والإفريقية وخطوط التجارة الدولية وقربها من كيانات اقتصادية كبيرة كالهند، إضافة الى المزايا والحوافز والصلاحيات العديدة التي منحتها إياها حكومة سلطنة عمان.