أدى انفجار مرفأ بيروت الهائل إلى تسريع انهيار لبنان، وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وتسبب بخسائر تصل إلى 15 مليار دولار وفقا لتقدير محافظ بيروت.
اعتمادا على أداء لبنان، قال البنك الدولي إن هذا البلد يمكن أن يحتل المرتبة التالية مباشرة بعد تشيلي التي استغرقت 16 عاما للتعافي من انهيار 1926، وإسبانيا خلال الحرب الأهلية في الثلاثينيات والتي تطلّبها الأمر 26 عاما، مقدرا أن لبنان قد يستغرق ما بين 12 و19 عاما للتعافي.
وقال الكاتبان جاريد مالسين ونزيه عسيران -في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” (wsj) الأميركية- إن الهدوء النسبي كان سائدا في لبنان خلال العقود الأخيرة، لكن البلد يشهد اليوم أزمة خانقة في ظل انهيار اقتصادي طالت تداعياته مختلف شرائح المجتمع بفعل الآثار المستمرة لانفجار مرفأ بيروت قبل عام. وأصبح انقطاع التيار الكهربائي متكررا وبات الناس يتشاجرون في محلات السوبرماركت حيث يتدافع المتسوّقون لشراء المواد الغذائيّة قبل نفادها أو قبل أن ترتفع أسعارها بسبب التضخم المفرط الذي تجاوز 400%. وارتفعت السرقات بنسبة 62% ومعدلات القتل آخذة في الارتفاع بسرعة، بحسب التقرير.
وأفاد البنك الدولي، في مايو/أيار، بأن الأزمة الاقتصادية تصنف ضمن أسوأ 3 أزمات في العالم خلال 150 عاما الماضية. وقال مايك أزار خبير تمويل الديون الذي قدم المشورة للوكالات الحكومية الأميركية “في مرحلة ما، تصبح الأزمة سيئة للغاية لدرجة أن الركائز الأساسية للانتعاش تتلاشى، والاقتصاد لن يعود أبدا إلى مستويات الازدهار السابقة”.
وقد عانى لبنان على مدى سنوات من سوء الحوكمة والفساد الذي تسبب في أزمة مالية عام 2019، مما أدى لتخلف البلاد عن سداد سنداتها لأول مرة منذ استقلالها عن الانتداب الفرنسي عام 1943. ولم تتسبّب الحرب الأهلية التي استمرت لسنوات، ولا تدفق ملايين اللاجئين من الدول المجاورة، ولا الصراعات المتكررة مع إسرائيل، ولا الاغتيالات السياسية في تقسيم البلاد بهذه الطريقة.
ويصنف البنك الدولي أزمة لبنان على أنها أسوأ من أزمة اليونان عام 2008، وكذلك أشد حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين. وبلغ عبء الديون 92 مليار دولار عام 2020 مقارنة بديون اليونان البالغة 417 مليارا في العام نفسه. ومع ذلك، كان للأزمة تأثير مضاعف بالشرق الأوسط. في الواقع، أودعت البنوك اليمنية أكثر من 240 مليون دولار في لبنان بداية من عام 2019، وحُرمت حكومة إقليم كردستان في العراق من عائدات النفط المتوقفة حاليا.
تعزى أزمة لبنان إلى نظامه المصرفي الذي انزلق إلى الإفلاس عام 2019 عندما انهارت سياسة البلاد المتمثلة في ربط عملتها بالدولار الأميركي. بعد سنوات من فقدان مصادر الدولارات التي استخدمها البلد لدعم عملته، وأغلقت البنوك أبوابها أسبوعين خلال موجة من الاحتجاجات، وجاء الإغلاق بنتائج عكسية، فتدافع الناس على البنوك مما تسبّب في إغلاق حسابات المودعين.
لقد أدى الانفجار الهائل إلى تسريع انهيار لبنان، وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وتسبب بخسائر تصل إلى 15 مليار دولار وفقا لتقدير محافظ بيروت.
ووفقا للبنك الدولي، ارتفع معدل البطالة بحلول ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى قرابة 40%، في حين أصبح الحد الأدنى للأجور الشهري، الذي كان يبلغ حوالي 450 دولارا، في حدود 35 دولارا. ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي، فإن قرابة نصف اللبنانيين (49%) قلقون بشأن الحصول على طعام كاف.