لعل أبرز أحداث بدايات العام الجديد، وستكون له تداعيات مستقبلية مهمة، هو مشاركة الرئيس الصيني شي جين بينغ في منتدى “دافوس” الاقتصادي، وبصورة غير تقليدية ولا مقيدة بإسار التوجه الأيديولوجي للدولة الشيوعية، وإنما ظهر كما أطلق عليه البعض، كبطل رأسمالي عتيق وهو يدافع عن العولمة والانفتاح، ليضرب التواجهات الحمائية التي تتسم بها سياسة الولايات المتحدة بعد وصول ترامب للرئاسة، ويضع قدم الصين على عتبة قيادة العالم في العصر الحالي.وغير التوجهات السياسية الأمريكية التي يتبناها ترامب والتي تثير غضب الصين، مثل دخول حدود الخط الأحمر في ما يطلق عليه “الصين الواحدة”، ونصب الصورايخ في كوريا وصراع “بحر الصين الجنوبي”، فإن التوجهات الاقتصادية التي تتسم بالتقوقع أكثر داخليا لترامب تركت الباب مشرعًا للصين لولوج وتسيد عالم يرغب في المضي قدما في العولمة.وحذر كبار الخبراء الاقتصاديين الذين شاركوا في منتدى “دافوس”، الذي انعقد منتصف الشهر الجاري، من نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وصراع بين الدولار واليوان الصيني، واعتبروها من أكبر المخاطر التي تهدد الآفاق الاقتصادية العالمية.عملت الصين منذ عقود، بعيدًا عن الأضواء، على الانتشار العالمي حيث مدت جسور علاقاتها الاقتصادية والسياسية وبطرق مختلفة إلى قارات الدنيا الخمس. وقدمت العديد من المساعدات والقروض لكثير من البلدان، خاصة في إفريقيا، وفتحت صدرها للعديد من الدول التي تعاني من مصاعب اقتصادية أو محاصرة سياسيا واقتصاديا. وفي ذات الوقت مدت جسورها الاقتصادية إلى داخل أوروبا والولايات المتحدة، مستفيدة من عوامل عديدة، جعلت كفتها مرجحة في التبادل التجاري بينها وبقية الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة.بعد أن تمددت الصين في أرجاء كثيرة من العالم، بنعومة شديدة ودون ضجيج، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، استيقظت الولايات المتحدة الأمريكية على حقيقة أن الصين تزاحمها حتى داخل حدودها. فبعد انتقال العديد من الشركات الأمريكية لتصنيع منتجاتها في الصين، بسبب العمالة الرخيصة والقوانين المشجعة، اختل الميزان التجاري بين البلدين لصالح الصين وبأرقام كبيرة، وفرض التنين سطوته أكثر على الاقتصاد الأمريكي بحيازته على سندات دين من الخزانة الأمريكية فاقت التريليون دولار.ــــــــــــــــتحليلوسط تركيز ترامب على “أمريكا أولا”.. الصين تتولى دور قيادة العالمبن بلانشارد – رويترزفقبل أيام فقط من تولي ترامب منصبه وقف شي بكل ثقة في سويسرا باعتباره المتحدث الرئيسي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ودافع دفاعا شديدا عن العولمة ونوه برغبة بكين في لعب دور أكبر على الساحة العالمية.وحتى في قضية بحر الصين الجنوبي الشائكة لم تسقط بكين في شراك ما صدر عن البيت الأبيض من تصريحات عن “الدفاع عن الحقوق الدولية” في هذا الممر المائي المتنازع عليه. بل إن الصين أكدت رغبتها في السلام ووجهت نداء متحفظا لواشنطن أن تحسب حسابا لكل ما يصدر عنها.وقال الميجر جنرال المتقاعد لو يوان أحد الشخصيات المرموقة في الجيش الصيني والمعروف عنه ميله للتشدد في العادة في مدونته هذا الأسبوع “أنتم عندكم شعاركم (أمريكا أولا) ونحن عندنا (مجتمع مصير البشرية المشترك)”.ورغم أن الصين قالت مرارا إنها لا تريد القيام بالدور التقليدي الذي قامت به الولايات المتحدة في قيادة العالم فقد سلم دبلوماسي صيني كبير هذا الأسبوع بأن هذا الدور قد يفرض فرضا على الصين.وقال جانج جون المدير العام لإدارة الاقتصاد الدولي بوزارة الخارجية الصينية “إذا كان هناك من سيقول إن الصين تلعب دورا قياديا في العالم فأنا أقول إن الصين ليست هي من يندفع إلى الصدارة بل إن من هم في الصدارة يتقهقرون فيخلون هذا الموقع للصين”.تعززت تلك الرسالة هذا الأسبوع عندما سحب ترامب الولايات المتحدة رسميا من اتفاقية الشراكة عبر الهادي مباعدا بذلك ما بين أمريكا وحلفائها الآسيويين.وقالت عدة دول من الأعضاء الباقين في الاتفاقية إنها ستتطلع الآن لضم الصين للاتفاقية مع تعديلها أو تسعى لإبرام اتفاقيات تجارة حرة بديلة مع بكين.وقالت سو شياو هوي الباحثة في معهد الصين للدراسات الدولية “في كثير من المحافل المهمة متعددة الأطراف قدم زعيم الصين مقترحات صينية مضيفا زخما إيجابيا للتنمية العالمية”.وأضافت “في عملية التكامل الاقتصادي لمنطقة آسيا المحيط الهادي وبالمقارنة بدول بعينها تحمل في ذهنها على الدوام دورها القيادي فإن ما تهتم به الصين أكثر من غيره هو (المسؤولية) و(التعزيز)”.وتمثل استضافة الصين لمؤتمر دولي عن مبادرتها “حزام واحد وطريق واحد” في مايو فرصة تبرز فيها بكين زعامتها في عالم الاستثمار والبنية التحتية العالمية.ومن المجالات الأخرى التي تحرص الصين على أن تظهر فيها بمظهر قيادي التغير المناخي. فقد سخر ترامب من قبل من قضية التغير المناخي واعتبرها “أكذوبة” وتعهد خلال الحملة الانتخابية بسحب الولايات المتحدة من اتفاق المناخ المبرم في باريس.وقال لي جون هوا رئيس إدارة المنظمات والمؤتمرات الدولية بوزارة الخارجية الصينية إن العالم يشعر بالقلق للتغيرات المناخية وما إذا كانت الدول ستحترم التزاماتها بموجب اتفاق باريس.وأضاف في تصريحات للصحفيين “فيما يخص الصين أوضح رئيسي تمام الوضوح أن الصين ستؤدي دورها”.ولم يكن هذا هو الحال على الدوام. فقد مرت الصين بعملية تعلم طويلة وصعبة حتى تصبح قوة أكثر إحساسا بالمسؤولية.ففي عام 2013 احتدت الصين في نزاعها القديم مع مانيلا في بحر الصين الجنوبي ولم تقدم سوى قدر يسير من المساعدات للفلبين بعد أن اجتاحها الإعصار هايان الأمر الذي أطلق صيحة استنكار نادرة في صحيفة جلوبل تايمز الشعبية التي تديرها الدولة فقالت إن ذلك سينال من مكانة الصين الدولية.كذلك فإن المهمة لن تكون سهلة. فالصين لن تتراجع في قضايا جوهرية بعينها ومنها موقفها من تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي.وفي أول رد فعل رسمي على تولي ترامب منصبه حثت وزارة الخارجية الصينية إدارته على التفهم الكامل لأهمية مبدأ “الصين الواحدة” الذي شكك فيه ترامب والذي تعترف واشنطن بمقتضاه بسيادة الصين على تايوان.كما تتوقع الصين في ظل إدارة ترامب أن تتركها الولايات المتحدة وشأنها في قضية حقوق الإنسان التي لازمت العلاقات مع واشنطن منذ فترة طويلة.ــــــــــــــــــــــــ133 تريليون دولار موزعة خارج الولايات المتحدةد. الحاج حمد: حرب العملات والموارد الإفريقية ستستعر في عهد ترامبالخرطوم: أبوالقاسم إبراهيمقال الدكتور الحاج حمد الخبير السوداني في مجال الاقتصاد الدولي إنه بمجيء دونالد جون ترامب انتهى شهر العسل الصيني الأمريكي، مؤكدًا على أن الصراع التجاري الأمريكي الصيني سيكون أكثر وضوحًا ويبرز للعلن بشكل ملفت خاصة أن الصين الآن تقود مجموعة البركس وتدفع بعملتها لتكون البديل الأقوى للدولار الأمريكي خاصة بعد أن أجبرت صندوق النقد والبنك الدوليين باعتماد اليوان الصيني كعملة دولية في المعاملات الدولية. وتسعى الصين مع عدد من الدول للتبادل التجاري معها عبر اليوان بدلا عن الدولار من بين هذه الدول السودان وقع على اتفاق مماثل العام قبل الماضي وهذه التحركات تمثل مصدر إزعاج كبير للولايات المتحدة إلى جانب توغل الصين في العمق الإفريقي الذي يمثل أكبر مصدر للمواد الخام والثروات البكر والأسواق المستقبلة للمنتجات الصينية.وتابع حمد بأن اتباع الصين أسلوب المناطق الحرة والصين تضمن أضخم عمالة مدربة تمثل ثروة بشرية ووجدت في السابق دعما من أمريكا للتخلي عن النظام الشيوعي والتحول إلى الاقتصاد الرأسمالي وجودة العمالة وضعف أجورها مكنها من إنتاج بضائعي واسع جدا وبتكلفة رخيصة منافسة وظهرت إشكالية الجودة مقارنة بالإنتاج الغربي الأقل كمية والأعلى تكلفة إنتاجية والنظام المالي النظام الصناعي الدولي اكتشفوا وجود سوق رخيصة واتجهوا إلى نظام المناطق الحرة وفي الصين تنتج، وحدثت هجرة للصناعات الأمريكية وقل سوق العمل وأصبحت معظم المنتجات الأمريكية تصنع في الصين وترحيل بضائعها إلى السوق الأمريكي والأسواق الأخرى وهذا الوضع خلق حالة من ضعف الوظائف والبطالة داخل أمريكا.وأضاف الدكتور الحاج بأن الرئيسي الأمريكي الجديد ينتقد المستثمرين الأمريكان الذين ذهبوا بالأموال إلى الصين وسماهم المستثمرين غير المسؤولين، خاصة في ظل توافر المقومات الصناعية من طاقة وبنى تحتية في الصين وعمالة رخيصة مما تزيد الأرباح.وأكد حمد أن أمريكا أصبحت في أزمة فرضت عليها أن تواجه الصين خاصة لا تدعم القطاع الصناعي وإنما تدعم المنتجات الزراعية مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تدفع للمزارع مقابل طن فول الصويا 300 دولار وأن الوضع شائك ومعقد ينذر بحرب أسواق شرسة ربما تتحول لحرب عسكرية في ظل إدارة ترامب الذي يطلق تصريحاته الحادة والصريحة مما يسعر أجواء الحرب ويمكن أن تتحرك إلى حرب عسكرية بين الصين والولايات المتحدة خلال العقد الحالي إذا استمر الصراع بهذه الوتيرة لم يستبعد أن يكون التقارب السوداني الأمريكي ناتجا عن التنافس والصراع التجاري والاقتصادي والأطماع في القارة الإفريقية والتي يمثل السودان بوابتها.وقال حمد إن الصين تملك سلاحا خطيرا هو الديون. وتأتي الصين في مقدمة الدول الدائنة للولايات المتحدة إذ تمتلك سندات خزانة أمريكية تتجاوز الـ 1.3 تريليون دولار، وفي ذات الوقت تمتلك أكبر احتياطيا نقديا بعد أمريكا خاصة أن الصين بدأت في تسييل السندات التي تستثمر بها في السوق الأمريكي. وأشار إلى أن التوجهات الصينية تدفع بالدولار تدريجيا للخروج من السوق العالمي كعملة معيار وهو ما يعتبر أكبر مهدد لأمريكا لأنها تطبع الدولار من دون أي ضوابط وتحمل التضخم في الاقتصاد العالمي لبقية دول العالم خاصة أن هناك 133 تريليون دولار موزعة خارج أمريكا وخطة إخراج الدولار بطريقة منهجية بإقامة أسواق في أوروبا تحابي أصحاب الأموال. وإشكالية المحافظيين الجدد أن الأزمة في تكتل اقتصادي مما يحدث أزمة إضافية ولأول مرة في التاريخ الديمقراطيون المسيطرون منحوا ترامب الفرصة ليكون نظام الضرائب لمصلحة الأغنياء في محاولة لتوسيع الصناعات الأمريكية بالداخل.ــــــــــــــــــــــــــــ659 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين أكبر قوتين اقتصاديتين في 2015قلق صيني من توجهات ترامب الاقتصادية والسياسيةاستقبلت الصين نبأ فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية بشيء من القلق، وهو ما تضمنته رسالة تهنئة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، التي عبر فيها عن تطلعه للعمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة دون صراع ودون مواجهة لتوسيع التعاون على المستوى الثنائي والإقليمي والعالمي.القلق الصيني استند بالدرجة الأولى على التصريحات القوية التي أطلقها دونالد ترامب إزاء الصادرات الصينية للسوق الأمريكية، والتي وصفها أثناء حملته الانتخابية “بأن بلاده تغتصب من قبل الصين”.يصب الميزان التجاري الصيني الأمريكي، لصالح الأولى؛ حيث سجل حجم التبادل التجاري بين أكبر قوتين اقتصاديتين 659.4 مليار دولار في 2015، استحوذت الصين على الجانب الأكبر بصادرات قدرها 497.8 مليار دولار، بينما الصادرات الأمريكية لم تتخط حاجز 161.6 مليار دولار بحسب بيانات مكتب التمثيل التجاري الأمريكي.وفي محاولة لاستشراف مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الصين وأمريكا، نقلت صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية عن توماس شالر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مريلاند، أن سياسات الصين ستصبح مختلفة تمامًا إبان إدارة ترامب.وتوقع شارلر أن يكون ترامب عدوانيا بعض الشيء حيال الاتفاقيات التجارية، وأن العلاقات التجارية ستختلف ليس فقط عن تقاليد أوباما وإنما أيضا عن تقاليد الجمهوريين بما في ذلك إدارة بوش.أما أستاذ الدراسات الدولية بجامعة رينمين الصينية، جين تسانغ رونغ، فقال إن اتفاقية الشراكة التجارية عبر الباسفيك سيكتب لها الموت، وستضعف إستراتيجية محور آسيا التي انتهجها أوباما لاحتواء الصين.ومع ذلك ربما يعتبر البعض أن تصريحات ترامب العدائية تجاه الصين قد تكون مجرد تصريحات انتخابية؛ نظرا لكون ترامب يعرف كيف يمارس الأعمال مع الدول على عكس بعض السياسيين التقليديين.ـــــــــــــــــــــــ جو شي جيان أشهر خبراء الاقتصاد الصينيين 50 مليون حذاء صيني مقابل طائرة أمريكية واحدة قال جو شي جيان أشهر خبراء الاقتصاد الصينيين عن التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة إن العلاقات التجارية بين البلدين شهدت نموًا سريعًا بعد بدء العلاقات الرسمية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. فبحسب الأرقام الأمريكية، كان حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 1979 حوالي 2.7 مليار دولار ووصل في عام 2010 إلى حوالي 500 مليار دولار أمريكي. أي أنه تضاعف بأكثر من 193 مرة خلال هذه الفترة الزمنية. عام 2010 احتل التبادل التجاري مع الصين نسبة 14.3% من حجم التبادل التجاري الدولي لأمريكا، حيث دخل الطرفان في علاقات إستراتيجية تجارية عميقة، أثر هذا التبادل الكبير، وكان هذا التعاون يأتي بثماره للطرفين. بدأت أمريكا بالهيكلة الثالثة لاقتصادها الكلي في بداية ثمانينيات القرن الماضي، بحيث خرجت الصناعات التي تحتاج إلى عمالة كبيرة إلى خارج حدود أمريكا، وصادف هذا التوقيت بدء الصين لعملية الإصلاح الاقتصادي والانفتاح ومحاولة جذب الاستثمارت الخارجية، ولنأخذ صناعة الأحذية كمثال. ففي عام 1976 كانت أمريكا تصنع محليا 53% من حاجتها إلى الأحذية، أما الآن فوصلت نسبة الأحذية المستوردة من الصين في أمريكا إلى أكثر من 80%. العلاقات التجارية الدولية تستند إلى مبدأ الربح للطرفين، فمن المعلوم أن أجرة العامل الصيني حوالي 1.5 دولار للساعة أما نظيره الأمريكي فتصل أجرة ساعة العمل لديه إلى 18-20 دولارا. قوة الاقتصاد الأمريكي تكمن في التكنولوجيا المتقدمة، فمنذ عام 1980 إلى الآن، اشترت الصين أكثر من 600 طائرة بوينغ من أمريكا، حيث يتجاوز سعر كل طائرة 100 مليون دولار، هذا الطلب الكبير قد خلق وظائف كبيرة للاقتصاد الأمريكي لا يتذكرها الخبراء الأمريكيون في دراساتهم، علما بأنه يتوجب على الصين تصدير 50 مليون حذاء لكي تستورد طائرة واحدة من أمريكا!! ــــــــــــــــــــــــ 78 ألف دولار رسوم العضوية الدائمة في “دافوس” منتدى دافوس منظمة غير حكومية لا تهدف للربح مقرها جنيف بسويسرا أسسها أستاذ في علم الاقتصاد كلاوس شواب في 1971. يعتبر هذا المنتدى بمثابة المساحة لتلاقى النخب من 1000 من ممثلى الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى والقادة السياسيين بهدف النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم وكيفية حلولها. يعقد المنتدى اجتماعاته السنوية في دافوس السويسرية حيث يتم وضع مسودات لخطط ومشاريع اقتصادية مشتركة، هذا إلى جانب دوره التعبوي لسياسات النيوليبرالية للبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والتي تستهدف بالأساس خصخصة الخدمات الأساسية وتحريرالسوق وخلق مناخ يسمح بالاستثمار بما يتطلبه ذلك من إصلاحات سياسية. شروط عضويته تحتم على أن يكون دخل الشركة لا يقل عن مليار دولار في السنة، إلى جانب اشتراك عضوية سنوى 12.500 ألف دولار، أما الاشتراك في المؤتمر السنوي فيتكلف 6.250 ألف دولار، وإذا أرادت الشركة الاشتراك في وضع أجندة هذا المؤتمر قبل انعقاده فتتكلف 250.000 ألف دولار، وإذا أرادت أن تكون شريكا دائما فتدفع 78.000 ألف دولار. يحضر ذلك المؤتمر السنوى لفيف من النخب الاقتصادية إلى جانب رؤساء الحكومات والوزراء، وبعض منظمات المجتمع المدني المختارة إلى جانب بعض المحامين والصحفيين والأكاديميين المختارين بعناية والذين لا ضرر من قيامهم بمشاريعهم الخاصة. ترامب والصين.. حرب مرتقبة القاهرة – أحمد عبد الوهاب منذ دخول الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب إلى المرحلة النهائية لانتخابات الرئاسة الأمريكية، التي انتهت بفوزه على هيلاري كلينتون، أطلق عشرات الوعود النارية في برنامجه الاقتصادي، بدءًا من جدار المكسيك الفاصل، وتحذيراته للشركات، وسياسة «الحماية مقابل المال» التي أعلن أنه سينتهجها في علاقاته الخارجية.
إلا أن أكثر من توعده ترامب بتغيير السياسات الاقتصادية، القطب العالمي الاقتصادي المتمثل في «الصين»، والتي تنتظر واقعها الاقتصادي الجديد ما بعد ترامب، في ظل تخوف من أن ينفذ الملياردير الأمريكي وعوده النارية بشأن التنين الصيني.
التحذيرات كانت تتعلق بالسياسة التجارية مع الصين، والتي صرح ترامب بأنه لن يقبل فيها بما أسماه «الترتيبات الحالية». وصول ترامب إلى سدة الحكم بشكل رسمي في العشرين من يناير الجاري، حمل العديد من الرسائل للصين، لكن الصينيين لم يكونوا يتوقعون أن يتطور الأمر بشكل كبير، وكالعادة، كان ترامب على موعد مع التصرفات المفاجئة.
البداية أتت من ملف «بحر الصين الجنوبي» الذي تسيطر الصين على جزر متنازع عليها دوليًا في مياهه، ليؤكد ترامب، بعد 3 أيام فقط من وصوله لسدة الحكم، أن أمريكا «ستدافع عن مصالحها» حول هذه الجزر.
كما أشار البيت الأبيض إلى أن «التبادل التجاري» لابد أن يجري في الاتجاهين، بينما أكد شون سبايسر، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، أن ترامب يقر بحاجة الشركات الأمريكية إلى دخول السوق الصينية الواسعة، لكنه عاد ليؤكد أنه لن يقبل «بالترتيبات الحالية». وأوضح أن هذه الترتيبات «في كثير من الجوانب، لا تسير في الاتجاهين»، مضيفًا: «هناك عدد كبير من الشركات والأفراد الصينيين الذين يمكنهم دخول السوق في الولايات المتحدة بسهولة لبيع سلعهم وخدماتهم». وأشار إلى الحدود المفروضة لدخول الخدمات المالية والمصرفية الأمريكية إلى الصين، وإلى الصعوبات التي تواجهها الشركات الأمريكية في حماية حقوق ملكيتها الفكرية.
وأضاف أن «ترامب يدرك أهمية السوق الصينية ورغبتنا في دخول أوسع إلى هذه السوق، ونحتاج إلى دراسة ذلك». ويذهب البعض إلى أن تلك التهديدات الضمنية تحمل في طياتها رغبة في إعطاء فرصة للطرف الصيني كي يعطي مزيدًا من الامتيازات للجانب الأمريكي فيما يتعلق بالشركات، والتبادل التجاري، ولكن الطرف الصيني لن يقف مكتوف الأيدي بكل تأكيد أمام تلك التهديدات، خصوصًا أن الوضع يختلف عن المكسيك، التي لا تمتلك نفس الثقل الاقتصادي العالمي.
ولا يزال ترامب يفاجئ الجميع بتصريحات من العيار الثقيل، ويبدو أن حدة تلك التصريحات لم تهدأ بعد وصوله لسدة الحكم، والعالم كله يترقب العدو التالي، والحرب الاقتصادية التالية، ولكن المؤشرات الآن كما تشير إلى المكسيك بعد أزمة الجدار الفاصل، فإنها تشير بنفس القوة إلى التنين الصيني، الذي لن يكون فريسة سهلة لمخالب ترامب بكل تأكيد. 10% معدل النمو السنوي للصين التنين يهدد أمريكا اقتصاديًا في إفريقيًا ريما زنادة كانت الخطوة الأولى للتمدد الصيني في القارة الإفريقية تتخذ اتجاها سياسيا الذي سرعان ما أصبح تبادلا تجاريا واستثمارات اقتصادية لها تأثير قوي على الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وبات مصدر قلق لها.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي خالد فلحوط خلال دراسة أعدها بعنوان «أمريكا تعيش كابوس التعاظم المتزايد لروسيا والصين» أن تصاعد القوة العالمية للصين، ذلك جعل أمريكا تجد نفسها أمام تحدي القرن الحادي والعشرين، الذي أقلقها بشكل كبير، الأمر الذي جعلها تعيش كابوس التعاظم المتزايد لهذه القوة.
وتابع: “والأمر تزايد بعد الفشل الذي أصاب السياسة الأمريكية والحروب الفاشلة التي شنّتها
تحت ذريعة «مكافحة الإرهاب وحماية المدنيين» التي لم تنجح أبدا”.
وفي دراسة أعدتها مؤسسة «راند» للأبحاث المقربة من السلطات الأمريكية بعنوان «القدرة على الإرغام مواجهة الأعداء بدون حرب»، أكدت من خلالها على أن الدولة التي سيكون من الصعب والخطر إرغامها هي الصين، نظرا لأنها تشكّل أقوى تحدٍّ لخيارات الولايات المتحدة العسكرية في منطقةٍ حيوية.
وبينت الدراسة أن الصين تبدو متماسكةً من الناحية السياسية، كما أنها تلعب دورا أساسيا في
التجارة والمالية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، هي تملك خيارات إرغامٍ خاصةٍ بها، مثل قدراتها في المجال الإلكترونيّ وحيازتها لديونٍ أمريكية.
يذكر أن اقتصاد جمهورية الصين الشعبية هو ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد اقتصاد الولايات المتحدة حيث تعتبر أسرع اقتصاد كبير نامٍ والأسرع في الثلاثين سنة الماضية بمعدل نمو سنوي يتخطى (10%) وحسب موسوعة ويكبيديا أنها بذلك تعد أكبر دولة تجارية وأكبر مصدّر وثاني أكبر مستورد في العالم.
ويرى الكاتب الصحفي سامح عبدالله في مقاله الذي جاء بعنوان «على الطريق متى تنشب الحرب بين الصين وأمريكا؟» أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب رؤيته للعلاقات مع الصين فإنها تتميز بقدر من العدائية تنذر بصدام قريب.
ولفت إلى أن ترامب يجد أن النمو الاقتصادي الصيني يأتي على حساب الولايات المتحدة التي تعاني من عجز تجاري مع الصين، ويعتقد أن نقل كثير من الصناعات الأمريكية للصين جاء على حساب المواطن الأمريكي الذي فقد ملايين الوظائف لصالح الأيدي العاملة الصينية الرخيصة.
وأوضح عبدالله أن الدخول في مفاوضات مع الصين لتحقيق مكاسب اقتصادية يحتاج لأوراق ضغط قوية تدفع الصين لتقديم تنازلات مناسبة تحقق التوازن التجاري بين البلدين وتعيد بعض الوظائف للمواطنين الأمريكان.