الدوحة – قطر
توقع التحليل الأسبوعي الصادر عن بنك قطر الوطني QNB أن تحقق الصين نسبة النمو المستهدف التي تبلغ حوالي 7 بالمائة في العام 2015 على الرغم من المخاطر المحتملة، وذلك بفضل الدعم القوي الذي تخصصه للاقتصاد وسوق الأسهم.
وذكر التقرير أن الاقتصاد الصيني ظل متماسكاً على الرغم من الانهيار الذي شهده سوق الأسهم مؤخراً بتراجعه بنسبة 27 بالمائة من الذروة التي بلغها في 8 يونيو، حيث أوضحت بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني الصادرة في 15 يوليو أن نسبة النمو الحقيقي بلغت 7 بالمائة، وهو أعلى من التوقعات التي كانت تُجمع على نسبة 6.8 بالمائة، ومتوافقة مع النمو المستهدف من قبل الحكومة لعام 2015 بحدود 7.0 بالمائة.
وجاءت البيانات الاقتصادية الأخرى إيجابية أيضا، فقد ارتفعت أرقام كل من مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي على أساس سنوي في يونيو بعد أن كانت قد تباطأت في وقت سابق من العام، فيما شهدت أسواق العقارات تحولاً كبيراً مع ارتفاع متوسط أسعار المباني السكنية الجديدة في 70 مدينة خلال شهري مايو ويونيو، وهي المرة الأولى التي ترتفع فيها الأسعار العقارية منذ أبريل 2014.
وأشار التحليل إلى أن الأداء الاقتصادي القوي الذي تحقق خلال الربع الثاني، كان وراءه عدد من التدابير التي أدخلتها الحكومة بهدف التحفيز النقدي والمالي، حيث قام بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) مراراً بخفض أسعار الفائدة ونسبة متطلبات الاحتياطي للبنوك، فمنذ نوفمبر 2014، قرر البنك المركزي الصيني خفض أسعار الفائدة أربع مرات، إذ تم تخفيض سعر الفائدة على الإقراض من 6 بالمائة إلى 4.85 بالمائة للوقت الحالي، كما تم تخفيض سعر الفائدة على الودائع من 3 بالمائة إلى 2 بالمائة، وتم أيضاً خفض نسبة متطلبات الاحتياطي ثلاث مرات منذ فبراير 2015، من 20 بالمائة إلى 18.5 بالمائة حالياً.
كما قام بنك الشعب الصيني بضخ السيولة في البنوك، وتوسيع نطاق تسهيلات الإقراض للبنوك، وأدخل برنامجاً لمبادلة الديون بقيمة 323 مليار دولار لتخفيف عبء ديون الحكومات المحلية، وقد عززت هذه التدابير عمليات الإقراض المصرفي، ودعمت بذلك اقتصاد البلاد، وساعدت الحكومة أيضاً في تعزيز النمو من خلال الحوافز المالية، حيث تم الإعلان عن سلسلة من مشاريع النقل الجديدة. فعلى سبيل المثال، أعطت الحكومة الأولوية للاستثمار في السكك الحديدية، والذي بلغ في النصف الأول من عام 2015 ما قيمته 43 مليار دولار أمريكي، بزيادة نسبتها 12.7 بالمائة مقارنة مع عام 2014.
ورغم كل تلك الاجراءات المذكورة، تظل الصين تواجه عددا من مخاطر التراجع في النمو، حيث يوجد فائض كبير في الطاقة الانتاجية في الاقتصاد، وهو أمر مرتبط بالمستويات العالية لديون الحكومات المحلية وقطاع الشركات، وبالتالي، اتخذ نمو الإنفاق الاستثماري منحىً تنازلياً حيث وصل إلى نسبة 11.4 بالمائة في السنة المنتهية في يونيو 2015 وذلك من نسبة 15.7 بالمائة في نهاية يونيو 2014.
وأدت البيانات المخيبة للآمال لمؤشر مديري المشتريات الصادرة خلال الأسبوع الماضي (48.2 مقارنة بالتوقعات التي أجمعت على 49.7) إلى زيادة التخوفات بشأن النمو، فيما قد تنعكس تقلبات سوق الأسهم قد بشكل سلبي على الاقتصاد الحقيقي. وكان الارتفاع الفلكي في أسواق الأسهم الصينية الداخلية (وصل إلى 151% في السنة حتى 15 يونيو ) متبوعاً بتصحيح حاد (تراجع بنسبة 28.0% منذ منتصف شهر يونيو)، ومن شأن هذه التقلبات إضعاف الاستقرار المالي وتقويض ثقة المستهلك.
ولمواجهة هذه المخاطر السلبية، يُرجح أن تقوم الحكومة بتقديم حوافز إضافية للاقتصاد خلال النصف الثاني من العام وذلك لعدد من الأسباب أولها أنه من المحتمل أن تكون هناك حاجة لهذه الحوافز لتحقيق نسبة النمو المستهدف التي تبلغ حوالي 7 بالمائة، الى جانب ما أثبتته السلطات من التزام وقدرتها على دعم الاقتصاد. اضافة الى أن لدى السلطات موارد وفيرة لتقديم حوافز كبيرة وذلك بفضل احتياطاتها الدولية التي تكاد تبلغ 4 ترليونات دولار، بينما يبلغ معدل التضخم حالياً 1.4بالمائة، وهو أقل بكثير من النسبة المستهدفة التي تبلغ حوالي 3.0 بالمائة، مما يترك متسعاً كبيراً للتحفيز النقدي، ولذلك، فإن التخفيضات الإضافية لنسبة متطلبات الاحتياطي وسعر الفائدة إلى جانب الخطة الموسعة لمبادلة ديون الحكومات المحلية والمزيد من إجراءات التحفيز المالي تعد جميعها من التدابير المتوقعة خلال النصف الثاني من العام.
وقد فرضت الحكومة عدداً من التدابير لدعم سوق الأسهم بشكل مباشر، حيث قال البنك المركزي الصيني أنه سيوفر سيولة كبيرة لسوق الأسهم لضمان عدم وجود مخاطر نظامية، كما قدم البنك المركزي دعم سيولة وضخ رأس مال قدره 12 مليار دولار إلى شركة أسهم تديرها الحكومة، هي صندوق الضمان الاجتماعي الصيني، والتي استثمرت 32 مليار دولار في صناديق الأسهم في يوم 8 يوليو وحده، وتشمل التدابير الأخرى توفير ما لا يقل عن 200 مليار دولار أمريكي من السيولة لشركات الوساطة المالية، ووقف الاكتتابات الأولية العامة، وتشجيع المؤسسات الحكومية على شراء الأسهم، بما في ذلك صناديق التأمين والتقاعد الحكومية والمؤسسات المملوكة للدولة.