مددت مؤخرًا دول منظمة أوبك مع عدد من المنتجين الرئيسيين الآخرين من غير أعضائها اتفاقها القاضي بخفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا من نهاية يونيو 2017 حتى مارس 2018. وعند البحث في أسباب وإستراتيجية قرار تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج، سنجد أن منظمة أوبك مهتمة في الأساس بالحفاظ على ثبات منحنى العقود الآجلة لأن ذلك يجعل من الإنتاج الجديد لمنتجي النفط ذوي التكلفة العالية غير مربح، حيث لن يصبح بإمكانهم بيع النفط بالأسعار العالية للعقود الآجلة.
لقد أدى اتفاق أوبك المبدئي إلى استواء منحنى العقود الآجلة بما يلحق الضرر بالمنتجين ذوي التكلفة العالية. فقبل أن تعلن منظمة أوبك عن اتفاقها لخفض الإنتاج في نهاية نوفمبر 2016، كان منحنى العقود الآجلة حادًا (سعر النفط لـ 24 شهرًا كان أعلى من الأسعار الفورية بحوالي 5.4 دولار أمريكي للبرميل). وسهل ذلك على منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة بيع نفطهم بأسعار مستقبلية عالية، مع الاستثمار في الوقت نفسه في مشاريع جديدة للإنتاج. وأدى هذا الأمر إلى ارتفاع إنتاج النفط الخام الأمريكي من 8.5 مليون برميل يوميًا في أكتوبر 2016 إلى 9.3 مليون في مايو. ولكن عقب اتفاق أوبك في نهاية عام 2016، اتخذ منحنى العقود الآجلة شكلًا مستويًا بدرجة كبيرة بسبب تخفيض الاتفاق لفائض الإمدادات. وبنهاية أبريل، كان سعر النفط لـ 24 شهرًا أعلى فقط بمقدار 1.6 دولار للبرميل من الأسعار الفورية. وكانت الفكرة هي تحويل منحنى العقود الآجلة إلى مستويات أقل من سعر تعادل النفط الصخري الأمريكي (حوالي 55 دولار أمريكي للبرميل).
وقد أدى الاتفاق لخفض الإنتاج في النصف الأول من عام 2017 بقيادة أوبك إلى إبقاء منحنى العقود الآجلة على ثبات لسببين رئيسيين. أولًا، من خلال تسريع عملية إعادة التوازن إلى السوق بإزالة فائض المعروض، يُفترض أن تنخفض المخزونات في الدول المستهلكة للنفط. وتراجع المخزونات يعني بالضرورة انخفاض تكاليف التخزين وإجمالي المعروض المتاح للسوق الفورية – وبدرجة أقل – للأسواق المستقبلية، وهو ما سيؤدي إلى تسوية منحنى العقود الآجلة. وأعلنت أوبك أنها تسعى لخفض المتوسط التاريخي للمخزونات لخمس سنوات (2.7 مليار برميل) من حجمه الحالي الذي يبلغ 3.0 مليار برميل. ثانيًا، في حين أن أوبك خفضت المعروض اليوم، فهي ملتزمة أيضًا بزيادة الإنتاج في السنوات القادمة لإبقاء الأسعار دون مستوى التعادل لمنتجي النفط الصخري الأمريكي. وينبغي لذلك أن يُبقي الأسعار المستقبلية على انخفاض وعند مستوى أقل من الأسعار الفورية. ولذلك، يُرجح أن تكون أوبك قد قررت تمديد خفض الإنتاج إلى مارس 2018 لضمان بقاء منحنى العقود الآجلة مستويًا أو سعيًا منها لخفض الأسعار المستقبلية إلى مستوى أقل من الأسعار الفورية.
واستنادًا إلى بيانات الوكالة الدولية للطاقة وبالنظر لتمديد تخفيضات الإنتاج من قبل أوبك، ستشهد سوق النفط العالمية نقصًا في المعروض بحوالي 900 ألف برميل في اليوم في المتوسط في عام 2017، وهو ما من شأنه أن يخفض المخزونات إلى مستوياتها التاريخية بحلول مارس 2018. ومع ذلك، فإن القصة لن تنتهي عند ذلك الحد، حيث ستواجه أوبك، إلى جانب المنتجين الرئيسيين الآخرين، قرارًا صعبًا بشأن تمديد تخفيضات الإنتاج. ففي حال قيامهم بإزالة تخفيضات الإنتاج، فإنهم سيواجهون خطر تحول السوق إلى فائض المعروض وإعادة تكدس المخزونات وتراجع أسعار النفط وانحدار منحنى العقود المستقبلية. ومن ناحية أخرى، في حال قيامهم بتمديد تخفيضات الإنتاج أكثر، فإنهم سيجازفون بفقدان حصتهم في السوق أمام المنتجين الآخرين، مثل منتجي النفط الصخري الأمريكي. وعمومًا، ستسعى أوبك للحفاظ على أسعار النفط عند مستوى أقل بقليل من سعر تعادل منتجي النفط الصخري في كل منحنيات العقود المستقبلية.