مجلة كيو بزنس Q Business Magazine:
في جلسة “حالة العالم العربي اقتصادياً في العام 2019”
ضمن فعاليات المنتدى الاستراتيجي العربي
تراجع أسعار النفط يسير بالمنطقة إلى ركود اقتصادي تبدأ ملامحه العام المقبل
- الدكتور ناصر السعيدي: زمن وصول أسعار النفط إلى 100 أو 120 دولاراً للبرميل انتهى
- الدكتور ناصر السعيدي: الدين العالمي البالغ قيمته 247 تريليون دولار سيتراكم نتيجة انخفاض الفوائد
- الدكتور ناصر السعيدي: الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين تترك آثاراً سلبية على النمو الاقتصادي عالمياً
- الدكتور ناصر السعيدي: الصين والدول الآسيوية الشركاء الأكبر للمنطقة في السنوات المقبلة وهناك ضرورة لبناء علاقات اقتصادية وتجارية كبرى
- الدكتور ناصر السعيدي: العالم مقبل على أزمة مالية كبرى شبيهة بالأزمة التي حدثت في العام 2008
- الدكتور محمود محيي الدين: أسعار النفط تتراوح ما بين 47 و69 دولار في العام المقبل
- الدكتور محمود محيي الدين: 3% النمو المتوقع لدول الخليج و2% للدول العربية..
أكد المشاركون في جلسة “حالة العالم العربي اقتصادياً في العام 2019” والتي تعقد ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة من المنتدى الاستراتيجي، أن المنطقة مقبلة على ركود اقتصادي خلال العامين المقبلين 2019 و2020 والتي ستبدأ معالمه الأولى في العام المقبل، كما أكدوا أن معدلات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي سوف تكون 3% في العام المقبل، مع التأكيد أن أسعار النفط لن تشهد ارتفاعات وستتراوح بين 47 و69 دولار في 2019، مشيرين إلى أن زمن وصول الأسعار إلى 100 أو 120 دولاراً للبرميل انتهى.
وتحدث في الجلسة الدكتور ناصر السعيدي، وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الأسبق، والدكتور محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس مجموعة البنك.
وقال السعيدي: “هناك إجماع بين خبراء الاقتصاد أن العالم سيشهد ركوداً اقتصادياً خلال العامين 2019 و2020 والذي يتوقع أن نشهد بداياته في العام المقبل، حيث أن هناك 3 عومل مهمة والتي تترك الآثار على الوضع الاقتصادي على المستويات الإقليمية والعالمية، والتوقعات المتعلقة بشأنها وهي سوق النفط والتغييرات التي تشهدها الأسعار من وقت إلى آخر، والأمر الثاني هو الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين والتي لم تعد حرباً اقتصادية تؤثر على البلدين فقط بل أصبحت حرباً أشمل تضم قطاعات مختلفة وفي مقدمتها القطاع التكنولوجي والذي يقود بكل تأكيد إلى إحداث تأثيرات كبرى على الاقتصاد العالمي والاستمرار في الحرب بين البلدين سوف يقود إلى خفض في معدلات النمو الاقتصادي العالمية، ولاسيما توجهات أمريكا إلى خفض الضرائب والذي شجع بدوره على الاستهلاك.
وأشار السعيدي كذلك إلى أن العامل الثالث وهو الدين العام الذي وصل إلى معدلات تاريخية حيث وصل إلى 247 تريليون دولار ، نحو 71 تريليون دولار منها ديون الدول النامية وحدها، وقال: “مع هذه المتغيرات أصبحنا نشهد التحول من التيسير الكمي إلى التشديد الكمي والذي يقود إلى مرحلة من ارتفاع الفوائد وهذا ما سوف يسهم في تجدد ارتفاع أسعار الفائدة، وبالنظر إلى هذه القضة على وجه التحديد فإننا مقبلون على أزمة مالية كبرى شبيهة بالأزمة المالية التي حدثت في العام 2008.
وحول أسعار النفط وما تشهدها من تقلبات وتأثيرها على الوضع الاقتصادي في دول المنطقة فقد عزا السعيدي هذه التغييرات إلى عوامل عدة أهمها إنتاج أمريكا للنفط الصخري وتصديره إلى دول آسيا المستورد الرئيس للنفط من دول المنطقة، هذا بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة والتحول إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وهذه العوامل الرئيسية التي تؤثر سلباً على أسعار النفط وتؤدي إلى تراجعها، والذي في الوقت ذاته يؤثر على اقتصادات دول الخليج وعلى اقتصادات دولة المنطقة العربية التي ترتبط بشكل كبير في المتغيرات الاقتصادية في دولة الخليج التي تجمعها شراكات اقتصادية وتجارية كبرى معها.
وقال السعيدي: “إن أسعار النفط سوف تشهد مزيداً من التدني والتراجع، ولن نشهد أبداً على المدى القريب ارتفاعا لأسعار النفط إلى مستويات 100 دولار أو 120 دولاراً للبرميل، كما حدث في السابق، فهذا الزمن انتهى، ومن هنا فإنه لابد من التركيز على التنويع الاقتصادي الذي يقوم على عدم الاعتماد الكلي على النفط بشكل كلي وأن تكون مساهمته فقط نحو 25 %، هذا بالإضافة إلى العمل على تنويع مصادر الدخل للدولة وتنويع التجارة العالمية والصادرات لأنه من المهم هو تنويع الصادرات والتركيز على الصادرات الجديدة والتي تحول دون الاعتماد على النفط بشكل رئيس الذي أصبح يترك الآثار السلبية التي نشهدها اليوم، فمراجعة السياسيات الاقتصادية والمالية مهمة جداً لضمان تحقيق نمو اقتصادي مستدام”.
وقلل السعيدي من التوقعات العالمية بأن تشهد منطقة الخليج نمواً يصل إلى 3 % معتبراً أن التوقعات الأقرب للواقع هي أن يكون النمو بحدود 2%، ومع التقلبات التي تشهدها أسعار النفط فإن هذا يتطلب إصلاحات هيكلية وتغييرات في التركيبة الاقتصادية بشكل رئيسي، مبيناً أن صندوق النقد الدولي نصح المنطقة بإحداث تغيير في أساليب الإنفاق لأن الانكماش الاقتصادي كان من أحد أسبابه الرئيسية هو الحد من الإنفاق.
وقال السعيدي: “نحن قادمون على القرن الـ 21 وهو للدول الناشئة مثل الصين وبقية دول آسيا وبحاجة إلى بناء اتفاقات جديدة مع هذه الدول مثل الهند، كما أن الدول العربية عليها أن تبرم اتفاقات تعاون مع بعضها البعض لتحقيق النجاح لأن الانفتاح على المحيط العربي مهم جداً”.
وأضاف: ” التركيز على الرقمنة مهم جداً للارتقاء في التعليم المستقبلي ولابد من تعليم البرمجة من المدارس الابتدائية وزيادة الإنفاق على التعليم، والذي ليس له جدوى عملية الآن ولابد من التركيز على الرقمنة في جميع المجالات وتغيير اقتصاداتنا لتكون اقتصادات دولية.
وأشار إلى الميزانيات تذهب إلى الإنفاق الكبير دون التفكير في القطاع الخاص ولابد من التفكير بجذب الاستثمارات من القطاع الخاص والخصخصة، والتي تؤدي إلى تحقيق نمو اقتصادي كبير.
وبدوره أكد الدكتور محمود محيي الدين أن العالم الآن يمر في مرحلة عدم اليقين وهناك أزمة ثقة، ولاسيما في عالم يتجدد حيث أن قواعد اللعبة في القرن الواحد والعشرين لم تعرف بعد وهناك قوى تظهر وقوى تختفي وهناك ارتباك في دول الغرب، بالإضافة إلى ظهور النزاعات العالمية.
وقال: “من هنا فإن هناك 3 أمور رئيسية في هذا التوجه العالمي الجديد، وهي ما يرتبط بأسعار البترول وتأثره على المنطقة حيث أن المنطقة العربية تنمو وتتحرك مع تحرك أسعار النفط نمواً ورجوعاً، كما أن معدلات النمو مرتبطة بالنفط وصعوبة التوقع بأسعاره، والتي تشير إلى أن أسعار النفط في العام 2019 ستتراوح بين 47 إلى 69 دولار وهذا خاضع كذلك للتغير والمراجعة كذلك.
وحول معدلات النمو المتوقعة فإنها تشير إلى أنه ستكون 2% عربياً و3% بالنسبة لدول الخليج العربي فيما ستكون في مصر 6.5% والتي تعد الاكبر، ولكن السؤال المهم هو ما تأثير معدلات النمو هذه على التشغيل ومعدلات البطالة حيث أنها تصل إلى 30 % حالياً، فلن يكون هناك تأثير فعلي على معدلات النمو والتشغيل في المنطقة.
وتوقع أنه ونتيجة للمفاوضات العالمية فإن هناك إمكانية لإيجاد تحسن للوضع في اليمن وسوريا واستقرار في اليمن بينما سيكون الوضع في العراق كما هو عليه من حالة عدم الاستقرار والتي بدأـ من العام 2003.
وبين أن الأزمة المالية في حال حدوثها سوف تؤثر بشكل كبير على المنطقة أكثر من السابقة مؤكداً على أن التحول لبرامج التنمية المستدامة يرتبط بـ3 أمور وهي الاستثمار في رأس المال البشري حيث أن هناك تدني في هذا المجال في الدول العربية، والأمر الثاني هو الاستثمار في البنية التحتية حيث لابد من أن تكون هناك استثمارات كبرى والتي تحتاج إلى توفر بيانات وتوفر الذكاء الاصطناعي والشبكات، والأمر الثالث هو الاستثمار في الوقاية من التقلبات من المخاطر وذلك للبعد عن الآثار السلبية للمشكلات التي تحدث في العالم، وعلى الدول العربية التوظيف الأمثل لهذه الاستثمارات.
وأوضح أن بناء المدن الاقتصادية هو توجه عالمي والعبرة أن تكون ذكية تحسن من الخدمات وترقى بالتعامل مع المتغيرات العالمية ليكون هناك عائد على الاستثمارات، ولكن في المدى الطويل يجب أن ترتبط بالتنمية المستدامة وأن ترتبط بعضها في بعض.
وأشار إلى أن الحديث عن الرؤى طويلة المدى فإن هذا لا يعني أننا لن نجد هناك نتائج على المدى القصير، بل ستكون بشكل سنوي ولاسيما مع التحول إلى الاقتصادات الرقمية، والمهم هو متابعة التأثير ونقل هذه الأفكار إلى تطبيقات طموحة وكيف يمكن الاستفادة المباشرة من الاستثمارات بالوجه الأمثل.