مجلة كيو بزنس Q Business Magazine:
قطر تحتلّ المرتبة الثانية عربياً بحسب تقرير مؤشر التحوّل في مجال الطاقة النظيفة
تمكنت قطر خلال الإثني عشر شهراً الماضية من إحراز تقدم كبير فيما يخصّ التحوّل إلى الطاقة النظيفة لتتقدم بمعدل إحدى عشر نقطة في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الخاص بالتحوّل في مجال الطاقة وتحلّ ثانية عربياً -بعد المغرب. هذا وحلّت قطر أولى في مؤشر التنمية الاقتصادية والنمو المندرج في التقرير الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي اليوم.
يعتمد هذا التقرير على رؤى مستمدة من مؤشر التحول في مجال الطاقة (ETI) 2020، الذي يقيس أداء 115 اقتصاداً فيما يتعلق بأدائهم الحالي في أنظمة الطاقة لديهم – وذلك عبر مجالات التنمية الاقتصادية والنمو، والاستدامة البيئية، وأمن الطاقة، ومؤشرات النفاذ والوصول – واستعدادهم للتحول إلى أنظمة طاقة آمنة ومستدامة ومعقولة التكلفة وشاملة.
وحلّت قطر أولى عالمياً في مؤشر التنمية الاقتصادية والنمو بتقدم نقطة واحدة عن أدائها في العام الماضي، وكذلك شهد مؤشر البنية التحتية وبيئة الأعمال المبتكرة تقدماً بمعدّل خمس نقاط لتحلّ قطر في المرتبة التاسعة عشر عالمياً. أما مؤشر أمن الطاقة والنفاذ إليها، فشهد قفزة هائلة بمعدّل ثماني عشر نقطة. هذا وحلّت قطر سادسة عالمياً في مؤشر رأس المال البشري ومشاركة المستهلكين، لتكون بذلك ضمن ترتيب العشر الأوائل في إثنين من مؤشرات التقرير.
هذا ولا بد من الإشارة إلى أن تصدّر قطر لجدول الترتيب العالمي في مؤشر التنمية الاقتصادية والنمو في التقرير يعتبر دليلاً على الدور القوي الذي يلعبه قطاع الطاقة في الاقتصاد القطري. كما تشير نتائج التقرير إلى أن الأمن والقدرة على تحمل التكاليف يعتبران من نقاط القوة الرئيسية لقطاع الطاقة في قطر.
علاوة على ذلك، فإن التقدم الطفيف في الاستدامة البيئية في الأداء القطري يدلّ على تحقيق الدولة لتخفيضات تدريجية في كثافة الطاقة في الاقتصاد وانبعاثات الكربون للفرد. لا تزال البيئة المواتية لانتقال الطاقة قوية، مع بيئة مؤسسية وسياسية مستقرة، إلا أنه يمكن للاستثمار في كفاءة الطاقة، وفي البنية التحتية الجديدة للطاقة مثل تقنيات الانبعاثات السلبية والهيدروجين النظيف أن يساعد في تحقيق استدامة أكبر لنظام الطاقة في الدولة.
عربياً، حلّت المغرب في المركز الأوّل متبوعة بقطر والإمارات وعُمان. وبشكل عام، يجد التقرير إلى أن جائحة فيروس كورونا تلقي بظلالها على مجال التحول إلى الطاقة النظيفة وذلك من خلال تهديدها بإلغاء التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً في التحول إلى الطاقة النظيفة، وذلك بسبب حدوث انخفاضات غير مسبوقة في الطلب وتقلب الأسعار والضغط من أجل التخفيف بسرعة من التكاليف الاجتماعية والاقتصادية مما يضع مسار التحول – على المدى القريب – موضع شك.
ويخلص تقرير تعزيز التحول الفعال في مجال الطاقة لعام 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أنه لا بد للسياسات وخرائط الطريق وأطر الحوكمة الخاصة بعملية التحول في مجال الطاقة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية أن تكون أكثر قوة ومرونة في مواجهة الصدمات الخارجية.
وكان أجبر فيروس كوفيد-19 الشركات في شتى المجالات والصناعات على التكيف مع الاضطرابات التشغيلية والتغيرات في الطلب وطرق العمل الجديدة. وقد دشنت الحكومات حزم الانتعاش الاقتصادي للمساعدة في التخفيف من هذه الآثار، إذا ما تم تنفيذها مع أخذ استراتيجيات طويلة المدى في الاعتبار، فيمكنها أيضاً تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، من خلال مساعدة البلدان على توسيع جهودها في الوصول إلى أنظمة الطاقة المستدامة والشاملة.
قال روبرتو بوكا، رئيس قسم الطاقة والمواد بالمنتدى الاقتصادي العالمي: “إن جائحة فيروس كورونا تهيئ فرصة للنظر في التدخل غير التقليدي في أسواق الطاقة وفي التعاون العالمي لدعم الانتعاش الذي يسرع التحول في مجال الطاقة بمجرد أن تهدأ حدة هذه الأزمة الشديدة.”
وأضاف: “إن الخطوة التصحيحية العملاقة هذه تمنحنا خيار تدشين استراتيجيات قوية وتطلعية مستقبلية طويلة الأمد تؤدي إلى توفير نظام طاقة متنوع وآمن وموثوق يدعم في النهاية النمو المستقبلي للاقتصاد العالمي بطريقة مستدامة ومنصفة”.
تُظهر النتائج التي توصل إليها تقرير عام 2020 أن 75% من الدول قد حسنت استدامتها البيئية، حتى مع بقاء متوسط المعدلات العالمية لهذا البعد في أدنى فئة من الفئات الثلاث التي تم تقييمها. ويعتبر هذا التقدم محصلة أساليب تدريجية متعددة الأوجه، بما في ذلك تسعير الكربون، وإنهاء العمل في المصانع التي تعمل بالفحم قبل الموعد المحدد وإعادة تصميم ملامح أسواق الكهرباء لدمج مصادر الطاقة المتجددة بها.
إلا أن هذا التقدم الذي تم إحرازه بصعوبة، يسلّط الضوء على قيود الاعتماد المقتصرة فقط على المكاسب الإضافية من السياسات والتقنيات القائمة لإكمال التحول إلى الطاقة النظيفة. وقد تم رصد أكبر تقدم إجمالي بين الاقتصادات الناشئة، فيما بقي أداء الدول الواقعة في ترتيب 10% الأعلى محافظاً على ثباته منذ عام 2015، الأمر الذي يشير إلى الحاجة المُلحة لإيجاد حلول تقدمية فعالة – وهي أحد الأمور التي يهددها فيروس كورونا.
مؤشر التحول في مجال الطاقة لعام 2020
تتصدر السويد (1) مؤشر التحول في مجال الطاقة (ETI) للسنة الثالثة على التوالي، تليها سويسرا (2) وفنلندا (3). وكانت كلّ من فرنسا (8) والمملكة المتحدة (7) هما الدولتان الوحيدتان في مجموعة العشرين اللتان ظهرتا في المراكز العشرة الأولى. ومع ذلك، فإن لهما سمات مشتركة، مثل خفض دعم الطاقة، وتقليل الاعتماد على الواردات (وبالتالي تحسين الأنظمة الأمنية الناشئة)، وتحقيق مكاسب في كثافة الطاقة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الالتزامات السياسية لمتابعة التحول الطموح في مجال الطاقة وأهداف تغير المناخ.
شهدت بقية دول مجموعة العشرين أداءً متبايناً. وقد بذلت مراكز الطلب الناشئة مثل الهند (74) والصين (78) جهوداً متسقة لتحسين البيئة المواتية، والتي تشير إلى الالتزامات السياسية ومشاركة المستهلكين والاستثمار والابتكار والبنية التحتية، من بين أمور أخرى.
في حالة الصين، أدت مشاكل تلوث الهواء إلى تدشين سياسات للسيطرة على الانبعاثات والحد منها وتحويل المركبات إلى التشغيل بالكهرباء وتطوير أكبر قدرة في العالم فيما يخص محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية ومحطات طاقة الرياح البرية.أما فيما يخصّ الهند، فقد جاءت المكاسب من برنامج توسيع الطاقة المتجددة بتكليف من الحكومة، والذي تم توسيعه ليصل إلى 275 جيجاوات بحلول عام 2027. كما حققت الهند خطوات كبيرة في كفاءة الطاقة من خلال الشراء المكثف لمصابيح الليد ““LED، والعدادات الذكية، وبرامج وسم الأجهزة وتصنيفها. وتجري تجربة تدابير مماثلة لخفض تكاليف المركبات الكهربائية.
وفي الوقت نفسه، كان الاتجاه إيجابياً إلى حد ما في ألمانيا (20) واليابان (22) وكوريا الجنوبية (48) وروسيا (80). حيث أظهرت ألمانيا التزاماً قوياً بالتخلص التدريجي من الفحم وإزالة الكربون وخفض انبعاثاته من الصناعة من خلال استخدام الهيدروجين النظيف، ولكن القدرة على تحمل تكاليف خدمات الطاقة كانت تمثل تحدياً. وتواجه كل من اليابان وكوريا معوقات طبيعية كمستوردين صافييّن للطاقة. ومع ذلك، تظل بيئة الأعمال المبتكرة وتطوير البنية التحتية والالتزام السياسي بمثابة عوامل داعمة رئيسية في كلا البلدين. في روسيا، لا يزال قطاع الطاقة ركيزة قوية للاقتصاد ولا يزال يحتل مكانة عالمية في مجال أمن الطاقة، على الرغم من أن التقدم في الاستدامة البيئية كان متوسطاً.
من ناحية أخرى، شهد ترتيب الولايات المتحدة (32)، وكندا (28)، والبرازيل (47)، وأستراليا (36) على مؤشر ETI إما ثباتاً أو تراجعاً. وتؤكد هذه التحديات مدى تعقيد التوازنات المتأصلة في التحول في مجال الطاقة. في الولايات المتحدة، كانت الرياح المعاكسة والعوامل المناوئة مرتبطة في الغالب ببيئة السياسات، بينما بالنسبة لكندا وأستراليا، تكمن التحديات في موازنة تحول الطاقة مع النمو الاقتصادي نظراً لدور قطاع الطاقة في نظاميهما الاقتصاديين.
ولا بد من الإشارة إلى أن تحقيق 11 دولة فقط من أصل 115 لتحسينات مطردة ومتزايدة في درجات مؤشر ETI منذ عام 2015 تظهر مدى تعقيد التحول في مجال الطاقة. تعد الأرجنتين (56) والصين (78) والهند (74) وإيطاليا (26) من بين الدول الكبرى الذي تحقق تحسينات سنوية متسقة. في الوقت الذي حققت فيه دول أخرى مثل بنجلاديش (87) وبلغاريا (61) وجمهورية التشيك (42) والمجر (31) وكينيا (79) وسلطنة عُمان (73) مكاسب هائلة مع مرور الوقت.
من ناحية أخرى، تراجع أداء كلّ من كندا، وتشيلي (29)، ولبنان (114)، وماليزيا (38)، ونيجيريا (113)، وتركيا (67) منذ عام 2015. أما الولايات المتحدة فقد تراجعت إلى ما بعد ترتيب الـ 25% الأوائل للمرة الأولى، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى التوقعات التنظيمية غير المؤكدة للتحول في مجال الطاقة.
حققت أكثر من 80% من الدول تحسناً في الأداء في مجال الحصول على الطاقة وأمن الطاقة منذ عام 2015، إلا أن التقدم في الدول النامية في آسيا وأفريقيا لا يزال يمثل تحدياً، حيث لا بد لبرامج الحصول على الطاقة في هذه المناطق إلى إعطاء الأولوية للخدمات المجتمعية، مثل إنارة الشوارع وتدفئة المناطق والتبريد ومخازن التبريد لحفظ المواد الغذائية والأدوية والصرف الصحي في المناطق الحضرية وإدارة حركة المرور.
في الأنظمة الاقتصادية المتقدمة، يتم تعريف “الحصول” من خلال القدرة على تحمل التكاليف. تمثل فواتير الخدمات والمرافق حصة متزايدة من إنفاق الأسر والعائلات، وهو تحدٍ يمكن أن يتفاقم بسبب الشكوك الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا. علاوة على ذلك، فإن أمن الطاقة معرض بشكل متزايد للظواهر الجوية المتطرّفة مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات – والتي تتزايد من حيث تكرار حدوثها وشدتها – وللهجمات السيبرانية. في حين أن الفجوات الكامنة بين ما هو مطلوب، وما يتم الالتزام به، وما يُحتمل تحقيقه تبقى واسعة، فإن الاضطرابات المركبة الناجمة عن فيروس كورونا أدت إلى زعزعة استقرار نظام الطاقة العالمي مع نكسات محتملة قصيرة المدى. نهايةً، لا بد من بذل جهود أكبر لضمان ألا نكتفي بالحفاظ على الزخم الأخير فحسب، بل أن يتم تسريعه من أجل تحقيق الأهداف الطموحة المطلوبة.