كيو بزنس Q Business:
بهدف معالجة النقطة الأضعف في تصميم الهواتف الذكية تعتزم هواوي طرح تقنيات شحن فائقة السرعة ستحدث ثورة حقيقية في تكنولوجيا بطاريات الأجهزة المتحركة
يعتبر عمر البطارية كالسيف المسلّط على عنق الهواتف الذكية، ويبدو كما لو أنه الحلقة الأضعف في سلسلة طويلة من الخواص التي توفرها الهواتف الذكية لتقديم تجربة استثنائية للمتسخدمين. وقد عملت الشركات المتخصصة في تطوير الهواتف الذكية على معالجة هذه المشكلة لعقود طويلة ودون جدوى، حيث ركزت على الدوام على واحد من طريقتين: إما من خلال إضافة ميزة الشحن السريع، أو زيادة كثافة شحن البطارية.
وتتكون تكنولوجيا الشحن السريع من دارة شحن سريع مع بطارية تدعم هذه التقنية. ولتوضيح هذه التكنولوجيا بكلمات بسيطة: تعتبر البطارية كحاوية للطاقة، ويمثل الشحن عملية تعبئة هذه الحاوية. كما تعتبر الدارة بمثابة المضخة المستخدمة لتوجيه الطاقة إلى الحاوية. وكلما زادت سرعة ضخ الطاقة إلى البطارية، كان الشحن أسرع، إلا أن تسريع هذه العملية يأتي دوماً على حساب ثبات البطارية وأدائها.
وتعمل معظم تقنيات الشحن السريع الحالية، مثل Qualcomm Quick Charge، وHuawei SuperCharge، وOPPO VOOC، على تحسين دارة الشحن، كما تدعم تصنيفاً للطاقة يتراوح بين أربعة أو خمسة أمبير. ويتطلب تعزيز سرعة شحن البطاريات دعم التيار العالي، والذي يتطلب بدوره تحقيق إنجازات فارقة جديدة في تقنيات الشحن السريع، والتي قد تستلزم مواد أو تصاميم جديدة للبطارية.
وترتبط المنهجية الثانية بتحسين كثافة الطاقة، والتي تتيح لشركات التصنيع القدرة على زيادة سعة البطاريات دون زيادة حجمها. وتتطلب هذه المنهجية من شركات التصنيع اعتماد مواد جديدة – لكنها عملية مكلفة وصعبة. حتى الآن، رأينا توجّه شركات التصنيع نحو اعتماد الجرافيت، ومركبات السيليكون و المواد القائمة على الليثيوم.
ولتحسين عمر بطارية الهواتف الذكية بشكل أساسي، لا يمكن لشركات التصنيع أن تقتصر على اختيار منهجية واحدة فقط دوناً عن الأخرى – ينبغي عليها متابعة المنهجيتين في آن معاً. إنها قفزة حقيقية في عمر البطارية طال انتظار المستهلكين لها، ولكن متى ستتحقق؟
نشر المكتب الحكومي الصيني للملكية الفكرية (SIPO) براءة الاختراع التي حصلت عليها شركة هواوي في مجال بطاريات الليثيوم. وتمثل براءة الاختراع هذه مثالاً واضحاً عن النهجين المذكورين أعلاه؛ حيث تتضمن ابتكار بطارية ليثيوم-أيون ثانوية جديدة كلياً تعتمد على مواد نشطة جديدة في تصنيع القطب الموجب. ومن خلال الاستعانة بنظام المواد المصنوعة من السيليكون عالي الكثافة ودمج المواد غير المتجانسة مع المواد المصنوعة من السيليكون، فإن هواوي تنجح في توفير مسار مرورٍ سريع لهجرة أيونات الليثيوم أثناء عملية الشحن، مما يسهم بشكل كبير في تحسين قدرة الشحن السريع للبطاريات.
بحسب خبراء القطاع، فإن السبب وراء لجوء هواوي لاستخدام السليكون في بطاريات الليثيوم-أيون يكمن في امتيازه باستطاعة تخزين أكبر للليثيوم مقارنة بالجرافيت المستخدم حالياً في تصنيع الأقطاب الموجبة. ويعني ذلك أن المواد المصنوعة من السيليكون يمكن أن تحتوي على طاقةٍ أكبر، وهو ما يحسّن بالتالي من كثافة الطاقة في بطاريات الليثيوم-أيون. ويمكن استخدام الكربون المطعًم بالنيتروجين من أجل تقييد والحد من توسع مواد السيليكون. ويتم الجمع بين ذرة النيتروجين وذرة الكربون على شكل صيغة مركّب ’بيردين‘ و’جرافيت‘ و صيغة ’بيرول‘، وذلك من أجل تأسيس شبكة كربونيّة ثلاثية الأبعاد يمكنها كبح جماح مادة السيليكون ذات السعة العالية. وباستطاعة شبكة الكربون المشبعة بالنيتروجين أن تعزز من مستوى التوصيل العام لمركبات السيليكون والمواد الكربونية المطعمة بالنيتروجين؛ وهذا يوفر مساحةً للتجميع الفعلي لأيونات الليثيوم، مما يضمن جمع الليثيوم بمعدلاتٍ غير قابلة للتحقيق عبر الوسائل الكيميائية التقليدية.
وإذا كان هذا الافتراض صحيحاً، فمن المرجح أن تصبح هذه التقنية الحاصلة على براءة اختراع بمثابة تكرارٍ للبطارية المستخدمة في هاتف Honor Magic، والتي تعتبر نسخة محسنة من تقنيات الشحن فائقة السرعة التي سلّطت هواوي الضوء عليها خلال الدورة الـ56 من ’المنتدى الخاص بالبطاريات‘ في مدينة ناغويا اليابانيّة. وأسوةً بتكنولوجيا اللمس المتعدد التي لعبت دوراً كبيراً في تغيير طرق عمل الشاشات، ستسهم تقنيات الشحن الفائقة السرعة من هواوي في إعادة تعريف طرق استخدام الأشخاص للهواتف الذكية، كما ستخلّص المستخدمين من رُهاب انتهاء شحن هواتفهم المحمولة.
ويمثل هذا الاختراع جيلاً جديداً من الابتكارات على مستوى قطاع البطاريات. وفي ضوء الاختراع المفصّل حسب براءة الاختراع، يمكن لشركة هواوي تصميم بطاريات أكبر وتقوم بعملية الشحن بوتيرة أسرع، مع دعم مستويات أعلى من التيار الكهربائي. وهذا يضمن للبطاريات التي تم ابتكارها باستخدام هذا الاختراع أن تصبح أكثر أماناً وتتمتع بعمر استخدامٍ أطول.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى إمكانية استخدام تقنيات الشحن فائقة السرعة من هواوي في تطبيقات خارج نطاق الإلكترونيات الاستهلاكية. على سبيل المثال، يمكن الاستعانة بهذه البطاريات في السيارات الكهربائية؛ ولعلّنا نسأل هنا: هل ستقوم هواوي بتوسيع نطاق أعمالها في هذا المضمار؟ في الواقع، يتمتع الجمهور بحرية مطلقة في إطلاق التكهنات حول هذا الأمر؛ ومع ذلك، نعتقد بأن جهود البحث والتطوير المتعلقة بالبطاريات تنطوي على تكاليف باهظة الثمن، ولكنها ستترافق أيضاً مع تحقيق عائدات مجزية.