مجلة كيو بزنس Q Business Magazine:
لم يقتصر أثر جائحة كوفيد-19 على إغلاق أجزاء واسعة من العالم وإجبار عدد ضخم من الموظفين على العمل من المنزل- في شتى القطاعات والمناطق، بل أصبحت كذلك عاملاً رئيسياً في تسريع التحول الرقمي. ونتيجة لذلك، فإنها تسهم في التغلب على تحديات كبرى وبلورة عدد من الفرص للمشتغلين بالقطاع المالي خلال العامين المقبلين.
قبل تفشي جائحة كوفيد-19، كان الامتثال للقوانين المتغيرة يعتبر الهمّ الأول بالنسبة للمديرين الماليين. والآن، أُضيف إلى ذلك تحدٍ جديد يتضمّن الامتثال في ظلّ شبكة عمل لا مركزية، وقوة عاملة هجينة، ومساحة أكبر معرضة للهجوم.
وبينما تستمر جائحة كوفيد-19 في وضع التحديات والمعوقات على ساحة الأعمال، يبادر المديرون الماليون إلى حمل المسؤولية وأداء دور في التحول الرقمي أكبر مما تخيلوه من قبل. في الواقع، أكّد الكثير منهم ضمن استطلاع الرأي الذي أجرته “سايج” أنهم يقودون الاستراتيجية الرقمية في شركاتهم.
ويقرّ جوردان برجر المدير المالي لشركة سايج أفريقيا والشرق الأوسط بأن: “إدارة القوى العاملة عن بعد وقيادة الشركة أثناء الإغلاق والتباعد الاجتماعي شغلت تفكير المديرين الماليين في الجزء الأكبر من عام 2020. ونتج عن ذلك تسارع جميع التوجهات المطروحة قبل تفشي الجائحة- الانتقال إلى السحابة وإدارة العمل عن بعد والنجاح على صعيد الامتثال.”
ويضيف: “لا عجب في أن المشتغلين بالقطاع المالي يرون أن اهتماماتهم الكبرى تشمل تحديات ذات صلة مثل المتطلبات المتغيرة لأصحاب المصلحة واستعمال التكنولوجيا في تحديث العمليات وإدارة المخاطر المتعلقة بالاحتيال. وعلى أي حال، فإن المديرين الماليين وصناع القرار الذين استثمروا بالفعل في التكنولوجيا القائمة على السحابة ووضعوا التحول الرقمي على رأس أولوياتهم قبل تفشي جائحة كوفيد-19 أبدوا ثقتهم في قدرة شركاتهم على الصمود في وجه الجائحة.”
النمو أثناء الأزمة
يجمع المديرون الماليون تقريباً على أن تكنولوجيا الجيل هي عامل هام من عوامل نجاحهم. فالعديد من الشركات تبنّت التقنيات الناشئة بشكل من الأشكال، فيما تعمل أكثر من نصف تلك الشركات على تنفيذ ابتكارات متقدّمة من أجل إحراز التفوق.
وتكتسب التكنولوجيا الجديدة ثقة متزايدة بكل تأكيد، بينما يحصد معظم صناع القرارات المالية منافع مباشرة على صعيد الإنتاجية، مثل إعداد تقارير الامتثال المؤتمتة والقدرة على صنع قرارات بشأن المخاطر والفرص في الزمن الفعلي. وفي غياب ما يمكن أن يعوقهم من أرقام وميزانيات ودمج للبيانات وإعداد للتقارير، يستطيع المديرون الماليون تسليط تركيزهم تجاه المتطلبات المتغيرة لأصحاب المصلحة.
ويعتمد المديرون الماليون أكثر فأكثر على التقنيات الناشئة في التقليل من المخاطر وإنشاء عمليات مالية قادرة على الصمود في وجه تحديات المستقبل؛ فاستراتيجية الأعمال السليمة لها أهمية كبيرة في الأوقات الصعبة. ومن خلال استثمارات التكنولوجيا الذكية، يمكن للمديرين الماليين أداء دور أقوى في صياغة استراتيجية الأعمال ومساعدة شركاتهم على اجتياز فترات الغموض.
ويتفق معظم المديرين الماليين على أن حلول الإدارة المالية من الجيل التالي التي تشمل التكنولوجيا الناشئة تشكّل عاملاً هاماً من عوامل نجاحهم بفضل المنافع المباشرة على صعيد الإنتاجية، مثل إعداد تقارير الامتثال المؤتمتة والقدرة على صنع قرارات بشأن المخاطر والفرص في الزمن الفعلي.
علاوة على ذلك، ستغيّر التقنيات التنبؤية أسلوب عمل المديرين الماليين على مستوى مجلس الإدارة. إذ من المتوقع بأن تتولى التكنولوجيا الناشئة تدقيق النتائج باستمرار وأتمتة تقارير نهاية الفترة وحسابات الشركة، مما يسهم في تقليص الوقت المطلوب للانتهاء من العملية. كما أن التكنولوجيا الناشئة ستواصل دعم المديرين الماليين في ممارسة أدوارهم والسماح لهم بالإلمام التام بما يدور في شركاتهم. إن التكنولوجيا تأخذ القطاع المالي في اتجاه جديد وتُظهر أبحاثنا أن كبار صناع القرارات المالية يسيرون في الاتجاه ذاته- مستمتعين كذلك بما يجنونه من منافع.