كيوبزنس QBusiness:
شهدت البورصة القطرية أول أمس إدراج أسهم أول شركة عائلية للتداول، لتضرب البورصة موعدا جديدا مع التاريخ في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تعيش على وقعها المنطقة، وخاصة ان هذا الادراج جاء ليؤكد متانة الاقتصاد القطري وقدرته على مواجهة التحديات التي فرضها الحصار الذي تنفذه المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ومملكة البحرين زائد مصر. إلى ذلك، فإنه ينتظر ان يتم خلال الاشهر القليلة المقبلة فتح الباب امام القيام بادراج جديد من اجمالي 3 ادراجات اخرى ضمن البورصة القطرية خلال هذا العام الجاري، حيث يتوقع ان يتم ادراج صندوقين استثماريين جديدين الاول خاص ببنك الدوحة والثاني خاص بمصرف الريان ، اما الادراج الرابع فهو خاص باحدى الشركات العائلية ينتظر ان تحدد في وقت لاحق موعد ادراجها، كما ينتظر ان يتم الاعلان عن بدء عمل صانعي السوق خلال الاسابيع القليلة المقبلة، ليكون اجمالي الادراجات لهذا العام 4 ادراجات والتي تتماشى مع ارتفاع ملحوظ في عدد المحافظ الاستثمارية الاجنبية التي ابدت رغبتها في دخول السوق، حيث تم خلال شهر واحد تسجيل اكثر من 70 محفظة اجنبية جديدة قامت بفتح حسابات لدى البورصة لبدء التداول الاسهم القطرية التي يؤكد خبراء ومستثمرون انها تشكل فرصة مهمة للمستثمرين للمزايا التي تتوفر عليها حيث انها تعتبر مغرية من حيث الاسعار، اضافة الى استقرارها الذي يأتي مدعوما بالنتائج المالية السنوية التي تحققها الشركات المدرجة في البورصة مما ينعكس على نسب توزيع الارباح.
صناعة السوق
وفتح النجاح الذي يحققه الاقتصاد القطري من يوم الى اخر الباب امام ملف مهم هو مدى القدرة على صناعة السوق المالي، وطرح منتجات وفرص جديدة ضمن البورصة والسوق المالي بشكل عام ليتداولها المستثمرون بشكل عام ، اضافة الى امكانية توسيع قاعدة السوق من الشركات المدرجة ليرتفع عدد الشركة المدرجة ضمن البورصة من 45 شركة الى اكثر من ذلك، خاصة ان جميع المؤشرات الاقتصادية تؤكد على القدرة التنافسية للاسواق المالية القطرية سواء على مستوى المنطقة او حتى على مستوى العالم، وخاصة على مستوى الاقتصاد الكلي للدولة الذي يعمل بدعم من الجهاز المصرفي.
تطور الاقتصاد
يعيش الاقتصاد الوطني منذ سنوات على وقع تطورات مهمة انعكست بشكل إيجابي على الأداء الاقتصادي العام، وخاصة خلال الفترة الاخيرة حيث اصبحت الرؤية العامة تتجه نحو خلق موارد وافاق استثمارية جديدة للافراد والشركات على حد السواء وذلك بهدف تعزيز الايرادات بعيدا عن قطاع النفط والغاز واللذان حققا خلال السنوات الماضية زيادة ملحوظة في الإنتاج والتصدير خاصة في مجال الغاز إثر اكتمال العمل في مشروعات الغاز العملاقة، وقد كانت نتيجة النمو الإقتصادي السريع أن أصبحت قطر إحدى الدول الأكثر ثراءً في العالم من ناحية نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، كما جعل ذلك دولة قطر تعيش طفرة اقتصادية غير مسبوقة حيث تتواصل جهود الدولة لتنفيذ سياساتها المتعلقة بتنويع مصادر الدخل، وتطوير البنية التحتية للاقتصاد، والاستفادة الكاملة من مواردها الهيدروكربونية التي تعتمد على النفط والغاز والبتروكيماويات، وتنمية وتسويق مشاريع الغاز العملاقة بالإضافة إلى تحرير الاقتصاد، وتفعيل دور القطاع الخاص، وإصدار القوانين الرامية إلى تسهيل وتبسيط إجراءات الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية.
واستمرت الدولة في تنفيذ سياسات ترشيد الإنفاق العام وزيادة مصادر الإيرادات غير النفطية. وبفضل هذه الجهود حقق الاقتصاد في السنوات الأخيرة نموا حقيقيا موجبا، الى جانب تحسن فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات بالإضافة إلى ثبات معدل التضخم واستقرار سعر الصرف وغدا واحداً من الاقتصادات الأكثر نموا في المنطقة.
وجاءت توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لتعزز من تلك الرؤية والتي كانت ضمن الخطاب التاريخي والذي اكد على ضرورة تعزيز الاستثمار وفتح الافاق الاقتصادية بهدف الوصول الى الاستقلالية.
وتعد صناعة السوق المالية من اهم الركائز الاساسية لاقتصاد الدولة المرآة التي تعكس صورته الحقيقة، حيث نجحت الدولة في ارساء نظام بنكي ومصرفي متين، بلغت اصوله من حيث الموجودات والمطلوبات نحو 1.3 تريليون ريال، اضافة الى تكوين ثروة سيادية تتجاوز أصولها 300 مليار دولار.
تنوع الاستثمارات
وتعمل البنوك والمصارف الاسلامية والشركات المالية وغيرها على تنويع استثمارتها وتعزيز من محافظها الاستثمارية في محاولة منها لتحفيز أداء السوق، او ما يعرف بالصناعة المالية التي تعود ايجابا على الدولة التي تستهدف خلال افترة المقبلة الى تركيز مدينة مالية متكاملة في مشروع مشيرب قلب الدوحة، لتضاهي الاسواق المالية العالمية على غرار السوق المالي البريطاني والسوق المالي الامريكي وبعض الاسواق المالية والبورصات الاسيوية التي استقطبت في السنوات الاخيرة العديد من المستثمرين لما تقدمه من خدمات ومنتجات جديدة تدخل ضمن صناعة السوق المالية.
أداء سنوي متميز
وفي ذات الاطار، فان البورصة القطرية تبذل جهودا حثيثة لزيادة عدد الشركات المدرجة فيها عن طريق زيادة الوعي بفوائد إدراجها في أسواق المال لتمويل نموها لتواكب التطور الكبير الذي تشهده البلاد في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.
وتظهر البيانات الخاصة بعمليات التداول ضمن بورصة قطر على اساس سنوي نموا في النشاط والاقبال على الاستثمار في سوق الاسهم القطرية، من ذلك ان قيمة الاسهم المتداولة ارتفعت من نحو 3.8 مليار ريال خلال شهر يوليو من العام الماضي الى نحو 5.4 مليار ريال في شهر يوليو من العام الجاري بنمو 42.10%، كما ارتفع عدد الاسهم المتداولة من نحو 98.4 مليون سهم في نفس الفترة الى نحو 199.8 مليون سهم متداول في يوليو 2017 بنسبة نمو تساوي 103.05%، كما قفز عدد الصفقات من 58.1 الف صفقة الى 72.3 الف صفقة بنسبة نمو تساوي 24.44%.
اما على مستوى قيمة الاسهم المتداولة وفقا للقطاعات فقد ارتفعت قيمة الاسهم المتداولة ضمن قطاع البنوك والخدمات المالية من 1.5 مليار ريال في يوليو 2016 الى 2.1 مليار ريال في يوليو 2017 بنسبة نمو تساوي 40% وقطاع الصناعة من نحو 778.9 مليون ريال الى نحو 1 مليار ريال في يوليو 2017 بنسبة نمو 28.53% وقطاع الاتصالات من 268.4 مليون ريال في يوليو 2016 الى نحو 642.6 مليون ريال في يوليو 2017 بنسبة نمو تساوي 139.41% وقطاع الخدمات الذي ارتفع من 360.5 مليون ريال في ذات الفترة الى نحو 603 ملايين ريال بنسبة نمو تساوي 67.26% وقطاع العقارات الذي قفزت فيه قيمة التداولات من نحو 466 مليون ريال الى نحو 502 مليون ريال في يوليو 2017 بنسبة نمو تساوي 7.27% وثم قطاع النقل الذي ارتفاع قيمة تداولاته على اساس سنوي من 256.5 مليون ريال في يوليو 2016 الى نحو 368.7 مليون ريال في يوليو 2017 بنسبة نمو 43.74% مقابل تراجع طفيف لتداولات قطاع التأمين من 167.7 مليون ريال بنهاية يوليو 2016 الى نحو 136.7 مليون ريال بنسبة تغير تساوي 18.48%.
ارتفاع التداولات
ويتوقع ان ترتفع احجام وقيمة التداولات بعد ارتفاع عدد الشركات المدرجة في البورصة الى 45 شركة بعد ان كانت 44 شركة مدرجة، فمنذ العام 2010 تم ادراج 3 شركات مساهمة عامة قطرية وهي شركة مزايا قطر للتطوير العقاري وفي العام 2014 تم ادراج شركة مسيعيد للبتروكيماويات القابضة وفي العام 2016 تم ادراج بنك قطر الاول، في حين تم ادراج شركة استثمار القابضة اول امس الاثنين، ويتوقع ان يرتفع العدد الى 46 شركة خلال الاشهر المقبلة بمجرد الاعلان عن موعد التحاق الشركة العائلية الجديدة.
خطوات صناعة السوق
قال الخبير الاقتصادي والمختص في الاسواق المالية احمد ماهر ان صناعة الاسواق المالية تدخل من ضمن الانشطة الرئيسية لجذب رؤوس الاموال الجديدة لتلك الاسواق، حيث تعمل بعض الدول على تدعيم تلك الصناعة بهدف خلق موارد مالية اضافية تدعم ايرادات تلك الدول مشددا على ان صناعة الاسواق المالية اصبحت تحظى باهتمام كبير وواسع النطاق من قبل عديد الجهات وتابع قائلا « تساهم تلك الصناعة في تنشيط العديد من القطاعات المختلفة في اي دولة، بل ان بعض الدول تسميها بالهندسة المالية التي تفتح الافاق الاقتصادية وتوفر فرصا متميزة للمستثمرين».
واوضح ماهر ان دولة قطر قطعت اشواطا كبيرة نحو تحسين البنية التحتية الاساسية لجذب رؤوس الاموال، من خلال وضع القوانين التي تحمي رؤوس الاموال والمستثمرين وتخلق بيئة عمل مالية جاذبة للاستثمار على مدار السنوات المقبلة مما سيجعل قطر متقدمة في هذا المجال على مستوى المنطقة، مضيفا « لكن مازال هناك العديد من الخطوات التي يجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة كوضع المشتقات المالية المختلفة وتوفير منتجات مالية ضمن السوق تلبي احتياجات السوق وتواكب تطلعات المستثمرين على المدى المتوسط والبعيد.».
ومن جهة ثانية، اعلنت بورصة قطر عن تغيير وحدة المزايدة المعتمدة في عمليات التداول في السوق لتصبح درهما واحدا لجميع الشركات المدرجة، وذلك اعتبارا من افتتاح جلسة التداول ليوم الأحد الموافق 27 أغسطس 2017، بعد أن تم الحصول على موافقة هيئة قطر للأسواق المالية. وأشارت البورصة في تعميم وزع على شركات الوساطة المعتمدة في السوق إلى أن وحدة المزايدة الجديدة لجميع الشركات البالغة درهما واحدا فقط ستحل محل الثلاث وحدات مزايدة السائدة حاليا.
وكان الرئيس التنفيذي لبورصة قطر قال في تصريحات اعلامية ان السوق الموازي والشركات التي ستدرج به جاهزة، لكن يتم الآن الانتهاء من الأعمال الإجرائية، وتستهدف البورصة افتتاح السوق الموازي خلال الربع الرابع من العام الجاري، مشيرا الى ان صانع السوق جاهز ومن المنتظر ان يتم الاعلان عنه خلال الاسابيع القليلة المقبلة، مشيرا الى الثراء الاستثماري الذي تتمتع به البورصة القطرية وتنويع الادوات ومنها التداول بالهامش والحسابات المجمعة، والتي تساهم في تطوير السوق المالي بما يواكب التطورات وتطلعات المستثمرين.
وقال الخبير الاقتصادي والمختص في الاسواق المالية احمد ماهر في تعليقه على قرار تغيير وحدة المزايدة المعتمدة في عمليات التداول في السوق لتصبح درهما واحدا، ان هذا الاجراء جاء ليعزز السيولة ويساهم في ايجاد فرص كبيرة من حيث الاستثمار في البورصة، مشددا على انه من بين الخطوات التي تم اتخاذها وتدعم صناعة السوق المالي من خلال تغيير الحدود السعرية بهدف جذب اكبر فئة من المستثمرين ورجال الاعمال الى السوق اضافة الى تقليل الفروقات السعرية للاسعار، مشيرا في حديثه الى امكانية ان تتبع هذا القرار خطوات اجرائية اخرى على غرار تخفيض العمولة المتواجدة على الاسهم او تقسيم الاسهم الكبيرة.
تكتل الشركات العائلية
وعن مدى قدرة البورصة القطرية على استيعاب العدد المتزايد من الادراجات، يقول الرئيس التنفيذي لشركة قطر وعمان ناصر الخالدي ان السوق القطري قادر على استيعاب عدد اكبر من الشركات الحالية، بشرط ان تكون تلك الشركات تتمتع بالقوة والملاءة المالية وتتمتع باحجام اعمال مهمة تلبي انتظارات السوق منها وبدرجة اولى المستثمرين الذين يطمحون بشكل دائم نحو تعزيز محافظهم الاستثمارية التي تبنى وفقا لنتائج اعمال تلك الشركات، واستثماراتها سواء على الصعيد المحلي او على مستوى المنطقة او في مختلف انحاء العالم، وتابع قائلا « ان اول ما ينظر اليه المستثمر في السوق المالي هو قدرة تلك الشركات على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية اضافة الى اعمالها وانشطتها سواء في السوق المحلي او السوق الخارجي، حيث كلما تعززت استثمارات ونتائج تلك الشركات كلما زاد الاقبال على اسهم تلك الشركات من قبل المساهمين ورجال الاعمال».
واوضح الرئيس التنفيذي لشركة قطر وعمان لـ «لوسيل» انه من اهم العناصر والمتطلبات الاساسية لصناعة السوق المالي هو وضع القوانين والاطر التي تنظم القطاع المالي بشكل عام ومنه السوق بشكل خاص، والتي تكون بدرجة توفر الحماية للشركات من التشتت والتفكك خاصة فيما يتعلق بالشركات العائلية، وتابع «اصبح اليوم لازما وضع قانون يحمي الشركات العائلية من التشتت بعد وفاة صاحبها الاصلي وذلك بهدف حماية الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، حيث تمثل تلك الشركات جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد القطري ويجب توفير الدعم والحماية لها من اية تقلبات قد تطرأ على الساحة الاقتصادية على المستوى المحلي والاقليمي وبما يدعم في نفس الوقت نشاطها».
واعتبر ناصر الخالدي الرئيس التنفيذي لشركة قطر وعمان ان الوقت حان لتحويل الشركات العائلية الى شركات مساهمة عامة ومن ثم الدخول الى البورصة بما يمكن من تحفيز الفرص الاستثمارية بشكل اكبر واوسع وتابع قائلا «أصبحنا اليوم نعيش في عصر التكتلات وخلق الشركات العملاقة بهدف طرحها في الاسواق المالية لاحقا، وارى ان الوقت حان الى تحفيز الشركات العائلية للدخول في السوق المالية من خلال تذليل العقبات ووضع القوانين والاجراءات اللازمة لتسهيل عملية انتقال الشركة العائلية الى شركة مساهمة عامة وتوفير عوامل النجاح لها لاحقا بما يتوافق مع صناعة سوق مالي قوي يدعم الاقتصاد الوطني للدولة ويستقطب الاستثمارات الخارجية».
ودعا الرئيس التنفيذي لشركة قطر وعمان الى ضرورة ان تتكتل الشركات ذات الانشطة المتشابهة في كيانات عملاقة وتدرج اسهمها في السوق المالي للاستثمار فيها، مضيفا «ستكون لصناعة سوق المال، انعكاسات ايجابية حيث تساهم تلك الشركات في الناتج المحلي للدولة كما أنها جزء من الاقتصاد الوطني».