أجمع خبراء مصرفيون ومختصون في العمل المصرفي على أن القطاع المصرفي يتميز بالمتانة وقدرته الفعالة على مواجهة جميع التقلبات الجيواقتصادية، بفضل ما يتمتع به من ملاءة ومراكز مالية متقدمة إضافة إلى استجابته لكافة المعايير الدولية التي تم إقرارها خلال السنوات الماضية.كما نوه الخبراء والمختصون بحسن إدارة السيولة من قبل مصرف قطر المركزي من خلال ضبط الإستراتيجيات النقدية في الدولة بما يتماشى مع المتغيرات، مما جعل النظامين المالي والنقدي في دولة قطر يعملان بتناغم تام ويحققان النمو بشكل سريع ويساهمان في تنمية الاقتصاد الوطني.وأكد اقتصاديون لـ«لوسيل» الجدارة الائتمانية والتصنيفات العالية التي تتمتع بها دولة قطر والتي تؤهلها إلى الخروج نحو الأسواق المالية العالمية بكل يسر وأمان، مشيرين إلى أن الدعم المتميز الذي تحظى به البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة من قبل الدولة هو ما مكنها من تحقيق مستويات أداء عالية.وأشارت مصادر مصرفية ومالية إلى أن المعاملات البنكية والمالية تتم بشكل طبيعي وأن التحويلات النقدية تجرى بشكل عادي وأن البنوك والمصارف الإسلامية لم ولن تتأثر بأي تقلبات جيواقتصادية، بفضل الخبرة المالية والقدرة على الإيفاء بالالتزامات، وتوفر السيولة اللازمة.
المعروض النقدي
ارتفع المعروض النقدي بمفهومه الواسع أو ما يعرف بـ «م2» بنهاية شهر أبريل الماضي إلى نحو 525.1 مليار ريال مقارنة بنحو 496.7 مليار ريال بنهاية شهر أبريل من العام الماضي بنسبة نمو تساوي نحو 5.7% على أساس سنوي، فيما قفز عرض النقد «م3» خلال نفس الفترة من 563.2 مليار ريال إلى 695.5 مليار ريال بنهاية شهر أبريل من العام الجاري بنمو 7.5% على أساس سنوي.
وتجاوزت موجودات البنوك والمصارف الإسلامية ومطلوباتها والأصول المصرفية نحو 1.3 تريليون ريال أي ما يعادل 359.3 مليار دولار، مسجلة أقوى نمو لها خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث بلغت نسبة النمو 52%.يقول الخبير الاقتصادي ومحلل الأسواق المالية عبدالله الخاطر لـ «لوسيل» إن البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة تتمتع بملاءة مالية قوية، خاصة أن جميع البنوك والمصارف الإسلامية تتحمل جدارة ائتمانية عالية جدا من مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية التي تمنحها من فترة إلى أخرى وفقا لمعايير دولية ودراسات مستفيضة.
سلطات الرقابة
ونوه عبدالله الخاطر بالدعم الذي تحظى به البنوك والمصارف القطرية من قبل الدولة من خلال سلطات الرقابة والإشراف على القطاع المصرفي والمالي في الدولة، مشيرا إلى أن قطر تتمتع بصندوق سيادي كبير يتمثل في جهاز قطر للاستثمار الذي يدعم القطاع المصرفي ويتدخل عندما يتعرض القطاع البنكي إلى ضغوطات بهدف تحقيق الاستقرار في التعاملات، وتابع قائلا: «البنوك والمصارف قوية ومؤمنة بشكل كامل، خاصة أنها تتبع إستراتيجية محافظة في نسب الاقتراض من نسب الإقراض على الرهون ونسب الإقراض الشخصي وهي سياسة منخفظة المخاطر إذا ما تمت مقارنتها بالنسب العالية لدى مؤسسات مالية وبنوك عالمية، كما أن الجدارة الائتمانية التي تتمتع بها بنوكنا ومصارفنا الإسلامية تتميز بدرجات عالية تعد الأفضل على المستوى العالمي».
وعن قدرة البنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة على تمويل المشاريع العملاقة التي تعمل عليها دولة قطر، قال الخاطر إن البنوك والمصارف لديها قدرة عالية على ضمان التمويل المالي لعشرات السنوات المقبلة، وهو ما يتضح من خلال الإيداع الضخم من قبل البنوك والمصارف الإسلامية وهو ما يوفر السيولة اللازمة لتلك البنوك والمصارف لمواصلة التمويل، مضيفا: «كما أن البنوك القطرية قادرة على تحصيل السيولة سواء من الداخل أو الخارج والوصول إلى السيولة المتوفرة في الخارج بنسب جيدة جدا بفضل التصنيفات الائتمانية التي تتمتع بها».
وبلغ إجمالي ودائع القطاعين العام والخاص في الجهاز المصرفي للدولة نحو 722.4 مليار ريال بنهاية شهر أبريل الماضي مسجلة نموا بنحو 50% مقارنة بالمستوى المسجل في شهر أبريل من العام 2013 والتي بلغت 522.8 مليار ريال.وتمثل الودائع الخاصة بشهر أبريل 2017 نحو 60% من إجمالي الميزانية المجمعة للبنوك.
أزمات اقتصادية
وقال قاسم محمد قاسم الرئيس التنفيذي الأسبق لأحد البنوك والخبير المصرفي لـ «لوسيل» إن الاقتصاد القطري أثبت قوته وصلابته في مواجهة أعتى الأزمات الاقتصادية التي عصفت بالعالم في السنوات الماضية وكان آخرها انخفاض أسعار البترول من 120 دولارا للبرميل إلى 25 دولارا في العام الماضي، وتابع قائلا: «استطاع الاقتصاد القطري خلال السنوات الماضية التعامل مع الأوضاع والمتغيرات الاقتصادية المختلفة ونجح في تحقيق الاستقرار»، مشددا على أن البنوك والمصارف الإسلامية تتمتع بمراكز مالية قوية تؤمنها من أي تقلبات قد تحدث، مستشهدا بالأداء القوي الذي حققته البنوك المحلية خلال العام الماضي إضافة إلى الربع الأول من العام الجاري، والتوزيعات المالية التي قدمتها البنوك والمصارف للمساهمين.وشهد صافي الأرباح المجمعة للبنوك والمصارف الإسلامية العاملة في الدولة والمدرجة في بورصة قطر، نموا خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 4.22%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث قفزت الأرباح من 5.069 مليار ريال بنهاية شهر مارس 2016 إلى 5.283 مليار ريال بنهاية مارس 2017، مدفوعة بالنمو القوي المسجل من قبل مجموعة بنك قطر الوطني QNB الذي يستحوذ على موجودات تتجاوز قيمتها 724.9 مليار ريال أي ما يعادل نحو 220 مليار دولار.
امتصاص الصدمة
وبخصوص ردة فعل السوق المالي وتعاطيه مع أي متغيرات، أوضح قاسم أن أي سوق مالي في العالم قد تتأثر بمتقلبات مختلفة، قبل أن تعود للتعافي، مشددا على أن السوق ستمتص تلك الصدمة على غرار ما وقع في أزمة تراجع أسعار النفط في العام الماضي، مشيرا إلى أن البنوك في الخارج تتعامل مع البنوك القطرية بمهنية عالية، كما أن البنوك القطرية تتمتع بخبرات ومهنية مصرفية تستجيب إلى المعايير الدولية، مطمئنا المواطنين والمقيمين بأن النظام المالي والنقدي تحت السيطرة والإدارة المتميزة لجهات الرقابة والأشراف.ونوه الخبير المالي بأهمية ارتباط الريال القطري بالدولار وبالتالي لا توجد مخاوف من تذبذب في أسعار الريال صعودا أو نزولا، مضيفا: «كما أن الاحتياطيات الدولية والمالية لدولة قطر ضخمة وموجودة في أماكن مختلفة من العالم إضافة إلى الاستثمارات الموجودة في دول مجلس التعاون والتي لن تتأثر بالتقلبات التي حصلت أو قد تحصل».
احتياطيات دولية
وتقدر الاحتياطيات الدولية لدى مصرف قطر المركزي بنحو 126 مليار ريال مسجلة نموا خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري بنسبة 2.6%. واعتبر الخبير المصرفي قاسم محمد قاسم أن التصنيفات الائتمانية التي تتمتع بها دولة قطر تجعل اقتصادها مستقرا وبنظرة مستقبلية متفائلة، مضيفا: «حتى لو تم تخفيض التصنيف الائتماني فإن دولة قطر على أرض الواقع تبقى تتمتع بقوة وملاءة مالية كبيرة تجعل مراكزها الاقتصادية داخليا وخارجيا في مأمن من كل التقلبات».