كيوبزنس QBusiness:
أكد الدكتور خالد بن راشد الخاطر، عضو زمالة الباحثين بمركز الاقتصاد الكلي ومعهد الفكر الاقتصادي المستجد بجامعة كمبردج البريطانية، أن الموارد الضخمة والسياسات الاقتصادية السليمة شكلت نقطة قوة لقطر في الأزمة الخليجية الراهنة بعد حصارها من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر. ودعا الخاطر في ندوة بعنوان (اقتصاد الحصار، الدروس المستفادة وآفاق المستقبل) التي قدمها بمنتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة مؤخراً، رجال الأعمال القطريين للاستثمار في المجالات الحيوية مثل الإنتاج الزراعي والدوائي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من الصناعات الأساسية المختلفة. وقال الخاطر إن دول الحصار أقحمت المنطقة في صعوبات بإدخالها السياسة في مجال الاقتصاد، الأمر الذي لن تقتصر أضراره على قطر، بل ستصل لجميع دول المنطقة. مشيراً إلى أن المنطقة تعاني من عدم الاستقرار السياسي، وأضاف الخاطر: «أخشى أن يؤدي ذلك لتأثير سلبي على دول مجلس التعاون، وعلى مشاهد التكامل الاقتصادي الحالية والمستقبلية»، بحيث إنها لا تستطيع إتمام التعامل التجاري والتوسع لبناء اقتصادات قوية.
العملة الخليجية
وبين الخاطر أن دول مجلس التعاون الخليجي كانت مؤهلة لإصدار عملة خليجية موحدة قبل الاتحاد الأوروبي، مضيفاً: لكننا فشلنا ونجح الاتحاد الأوروبي وذلك لغياب الرغبة السياسية التي توفرت عند دول الاتحاد الأوروبي.
وقال: «أخشى أن يكون العامل السياسي سبباً في تشرذم اقتصادات دول الخليج». وتناول الخاطر مدى فاعلية الحصارات الاقتصادية في تحقيق أهدافها، ومصادر قوة الاقتصاد القطري.
وأضاف الخاطر أن الحصار انعكس سلباً على الاستثمارات الأجنبية في المنطقة.
وقال: «المستثمرون الآن يعيدون النظر في تقييم المخاطر السياسية لهذه المنطقة التي كانت مسلما بها في الماضي بأنها تتمتع بالاستقرار وذات بيئة أعمال مرتكزة، الأمر الذي أصبح مشكوكاً فيه الآن». وشدد الخاطر على أن المستثمرين أصبحوا يشككون في كفاءة دبي كمركز مالي مستقر لتقديم الخدمات المالية العالمية لهذه المنطقة، مشيراً إلى أن بعض المؤسسات التي تقدم خدماتها المالية لقطر قامت بنقل أعمالها من دبي إلى لندن ونيويورك.
مرتكزات أساسية
وحول أهم الدروس المستفادة من حصار قطر، قال الدكتور الخاطر: يقوم على مرتكزات خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بالتعامل مع الحصار، ووضع سيناريوهات حال استمرار الحصار، موضحاً أن أهم دروس الأزمة الخليجية هي ضرورة تقليص الاعتماد على النفط وعلى الجار.
ووضع الدكتور الخاطر مرتكزات أساسية للحد من التعرض للتقلبات في أسعار الطاقة والمزاج السياسي غير الناضج للجار وتعريض أمننا الغذائي واستقرارنا الاقتصادي وقرارنا السياسي للتهديد. ودعا لإعادة رسم السياسات في كل المجالات وفقاً لثلاثة مرتكزات أساسية، تتمثل في تحقيق أكبر قدر ممكن من الاعتماد على الذات بالمضي قدماً في خطط التنويع الاقتصادي، وتقليص الاعتماد على الجار إلى أدنى قدر ممكن بالإضافة لسد النقص بالاستيراد مع تنويع مصادره ووسائط ووكلاء الاستيراد. ولكن الدكتور الخاطر أوضح أنه قبل الاستيراد لابد من ضرورة إعادة رسم السياسات في مجالين أساسيين، هما السياسة الاقتصادية والقطاعية المختلفة وسياسات تنويع الاقتصاد الهيكلية في الأجل الطويل وقال: «لابد من تعظيم وسائل الإنتاج المحلية ودعوة رجال الأعمال القطريين للاستثمار في المجالات الحيوية مثل الإنتاج الزراعي والدوائي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من الصناعات الأساسية المختلفة». ودعا الخاطر للحد من الاحتكار وحماية المستهلك، وحماية الصناعات الوطنية الوليدة.
مراكز الأبحاث
وأضاف الخاطر أن الوقت قد حان لتقوية إدارات الأبحاث في مؤسسات الدولة ودعمها في جميع المجالات بشكل عام وفي مجال السياسات بشكل خاص. مشيراً إلى أن مراكز الأبحاث هي معامل إنتاج العقول وأصبحت سلاحاً فعالأً في الحروب، وتستفيد منهم الدول بشكل قوي في أوقات الأزمات. وأضاف أن الدولة لم تقصر في هذا الجانب لكونها تصرف 2.8% من الناتج المحلي للجهود البحثية، مؤكداً أنه قد حان الوقت لتقوية هذه الإدارات ودعمها. وأضاف الخاطر: في أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008 بدأت الأصوات في الغرب تطالب بإعداد سيناريوهات لأبحاث مختلفة حتى يتم استخدامها في وقت الأزمات. ودعا الخاطر لتنمية رأس المال البشري، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن يخلق خبرات جديدة وكوادر مميزة تمكننا من تحقيق أفضل الموارد خاصة بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. وشدد الخاطر على إصلاح القطاع الخاص حتى يكون قادراً على المنافسة ومساهماً في التنمية الصناعية والتنويع الاقتصادي. مشيراً إلى أن القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام هو قطاع ريعي وعالة على الدول ويعتمد على تعظيم الأرباح السريعة من خلال التوظيف المكثف للاستثمار قليل التكلفة، الأمر الذي يلغي بدوره فكرة الحاجة للاستثمار في التكنولوجيا ويبقي الاقتصاد في حالة متدنية. وهو أيضا يجذب الأموال من قطاع السلع القابلة للتصدير للقطاع غير قابل للتصدير. وحول التنمية في دول مجلس التعاون قال الدكتور خالد الخاطر: إن خطط التنمية في دول التعاون متميزة للغاية وهي على أعلى مستوى ولكن نظريا فقط والتطبيق لا يتناسب مع الخطط التي تمت كتابتها، وقال: «من كتبوا هذه الخطط ليس لديهم القدرة على معرفة كيفية نجاحها على أرض الواقع».
اقتصاد العقار
وبين الخاطر أن معالجة القطاع الخاص تكمن في تغيير هيكلة الحوافز حتى تصل لمرحلة انتقال من اقتصاد العقار إلى اقتصاد التنويع والتصنيع بجانب طرح مشاريع للقطاع الخاص بشفافية لعدالة توزيع الفرص والحد من الفساد مع بناء قاعدة صناعية على مبدأ التصنيع والتنويع. وأكد الخاطر أنه لا يوجد هناك (لعنة موارد) ولكن هناك سوء إدارة لهذه الموارد. وأضاف أن قطر ستخرج مستفيدة من هذا الحصار إذا قامت بالإصلاحات المطلوبة ستسبق دول الحصار وتضعها في موقف محرج أشبه ما يكون بربيع خليجي تجبر على اللحاق به. كما دعا الخاطر لإعادة رسم السياسات في مجالين أساسيين هما السياسات الاقتصادية والقطاعية المختلفة، وسياسات تنويع الاقتصاد الهيكلية في الأجل الطويل، وتشمل السياسات القطاعية مثل السياسات القطاعية وإعادة هيكلة أسواق الاستيراد، للحد من تركزات الأسواق (عبر الاقتصاد) والثروة (عبر المجتمع)، بالإضافة للسياسات الصناعية وبرامج الدعم والحماية.