مجلة كيو بزنس Q Business Magazine:
بقلم: أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك
ترجّح التوقعات أن يبقى اتجاه العديد من السلع الرئيسية مُتأثراً بالقرارات التي اتُخذت في واشنطن على مدى الأشهر الستة الماضية. وبعيداً عن تأثيرات الطقس التي وفّرت تحديات وفرصاً في آنٍ معاً ضمن القطاع الزراعي، نعتقد بأن الحرب التجارية التي شنّها الرئيس دونالد ترامب على الصين، والعقوبات المفروضة ضد إيران ستسهم برسم الملامح والتوجهات الاقتصاديّة للفترة المتبقية من العام.
وبشكلٍ عام، لا نرى أي علائم لنزع فتيل الحرب التجارية، لاسيما مع الصين، ونتوقع استمرار ذلك على الأقل حتى انتهاء الانتخابات النصفيّة في شهر نوفمبر، مع العلم أن الديمقراطيين يفضلّون النهج المتشدد الذي يتخذه ترامب تجاه الصين. وفي ضوء ذلك، أبدت الصين اهتماماً متواضعاً لمحاولة إيجاد حلٍ للأزمة قبل الانتخابات الأمريكية.
وحيث أن أداء النمو الاقتصادي وكذلك السلع المُعتمدة على الطلب، مثل المعادن الصناعية، قد شهد حالةً من الترنّح وانعدام التوزان، ولكن أسعار الطاقة سجلت بالمقابل ارتفاعاً حاداً جاء استجابةً لفرض عقوبات أمريكية على تجارة النفط الإيراني، والتي من المقرر استئناف تطبيقها بحلول نوفمبر المقبل.
وبالتوازي مع مخاطر نشوب حربٍ تجارية طويلة الأمد وارتفاع أسعار النفط بسبب العقوبات على إيران، قد يكافح الاقتصاد العالمي للحفاظ على زخمه الإيجابي المعهود. ونعتقد أن ارتفاع أسعار الطاقة وقوّة الدولار- على الأقل مقابل العديد من عملات الأسواق الناشئة- سيشكّل ضريبة غير مرغوب بها بالنسبة إلى المستهلكين.
بالإضافة إلى ذلك، نشهد ارتفاعاً في أسعار الفائدة الأمريكيّة، خصوصاً وأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يواصل تطبيع سياسته النقدية. وإن الجمع بين ارتفاع الديون الخارجيّة المقوّمة بالدولار، وزيادة أسعار الفائدة، وتنامي قوّة الدولار، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط، سينطوي باعتقادنا على مخاطر سلبيّة ستتسبب بتباطؤ معدلات النمو، وخاصة في الاقتصادات الناشئة.
ومع أخذ هذه التوقعات بالاعتبار، فإننا نسعى إلى تقييم اتجاه أسعار النفط الخام والمعادن خلال الربع الأخير من العام. وفي حين أن وعود الصين بخفض الضرائب وزيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية قد ساهمت في توفير دفعة قويّة للمعادن الصناعية، ولكن التوقعات المتعلقة بالنفط لاتزال مثيرة للقلق.
وفي هذه المرحلة، ليس لدينا تصوّر دقيق حول التأثيرات الكاملة للعقوبات على إيران؛ كما لا نعلم جيداً فيما إذا كان تخفيض الإنتاج النفطي بنحو نصف مليون أو مليوني برميل يومياً سيساعد على تحديد أسعار النفط عند عتبة 70 دولاراً للبرميل أو 100 دولار للبرميل بحلول نهاية العام.
وفي هذه المرحلة، ليس لدينا تصوّر دقيق حول التأثيرات الكاملة للعقوبات على إيران؛ كما لا نعلم جيداً فيما إذا كان تخفيض الإنتاج النفطي بنحو نصف مليون أو مليوني برميل يومياً سيساعد على تحديد أسعار النفط عند عتبة 70 دولاراً للبرميل أو 100 دولار للبرميل بحلول نهاية العام.
ورغم أن التأثير السلبي لارتفاع أسعار النفط الخام لم يشمل بعد توقعات الطلب لعام 2019، ولكننا نتوقع تكشّف ذلك التأثير عاجلاً وليس آجلاً. وتمثل الأسواق الناشئة، بقيادة الصين والهند، حوالي 90٪ من نمو الطلب العالمي، ويوضح الجدول أدناه مدى ارتفاع قيمة برميل نفط خام برنت (بالعملة المحلية) خلال العام الماضي.
وبالنسبة إلى الهند التي تسير بالاتجاه الصحيح للتفوّق على الصين من حيث تسجيل أعلى مستويات النمو للطلب، فقد ارتفعت تكلفة خام برنت (بالروبية الهنديّة) إلى المستوى الذي كان سائداً بين عامي 2011 و2014. فخلال تلك الفترة، وصل متوسط سعر البرميل إلى 110 دولار للبرميل، وهو ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 33٪ تقريباً مقارنة مع الأسعار المُسجّلة اليوم. ونعتقد أن الارتفاع المحتمل للنفط خلال الأشهر القادمة فوق مستوى 90 دولار للبرميل- بحسب توقعات بعض المحللين- سيفضي إلى مزيدٍ من التراجع في الطلب، وهو ما سيؤدي بنهاية المطاف إلى انخفاض أسعار النفط مجدداً.
وعلى المدى القصير، نعتقد أن انخفاض المعروض النفطي من إيران، وإلى حدٍ ما من فنزويلا، سيتسبب بمزيدٍ من التشديد في السوق. وسيعزز هذا التطور الضغوط على المنتجين الذين لديهم طاقةٍ احتياطية لإنتاج المزيد. وسيُنظر على نحوٍ غير مقصود إلى انخفاض الطاقة الاحتياطية على أنه أمرٌ إيجابي بالنسبة إلى الأسعار، وذلك نظراً لانخفاض القدرة على الاستجابة لأي حالات اضطراب غير متوقعة في المستقبل.
وفي ضوء التأثيرات السلبيّة لقوة الدولار الحالية، وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وتداعيات الحروب التجارية، نعتقد بأن الاقتصاد العالمي غير قادرٍ على التعامل مع أسعار النفط المتصاعدة. ورغم أن وزير الطاقة الأمريكي قد استبعد إمكانية الاستفادة من احتياطيات النفط الاستراتيجية في الولايات المتحدة، غير أن ترامب- المحبط والمنخرط بالحروب التجارية- لن يكون راضياً عن احتمال خوض الانتخابات النصفية وسطٍ ارتفاعٍ لأسعار الوقود المحلية بنسبة الثلث منذ وصوله إلى سدّة الرئاسة في نوفمبر 2016.
النفط الخام | |
الاتجاه الصعودي | الاتجاه الهبوطي |
العقوبات وانعدام الاستقرار الجيوسياسي تسببت في خفض المعروض بأكثر من المتوقع | الحروب التجارية وتباطؤ نمو الأسواق الناشئة يقللان من التوقعات ذات الصلة بنمو الطلب |
نمو إنتاج النفط الصخري يتباطأ على خلفية تزايد ضغوط التكاليف والعقبات على مستوى سلسلة التسليم | الدولار يواصل صعوده بالتوازي مع تباطؤ النمو العالمي وتأثير فرض الرسوم الجمركيّة |
إن التحوّط من التضخّم واحتمالات التراجع يجتذب الطلب من المستثمرين | زيادة المعروض من المنتجين والموردين خارج منظمة ’أوبك‘ مثل كندا والبرازيل وكازاخستان |
الدولار يستأنف ضعفه |
ومع خفض التوقعات الصعودية للنفط بنسبة 41٪ مقارنة مع المستوى القياسي المُسجّل بين شهري فبراير وأغسطس، نعتقد أن صناديق التحوط تمتلك مجالاً كافياً لزيادة فرص انكشافها على النفط، خصوصاً وأن التوقعات الفنيّة والأساسية تدعم ذلك التوجّه.
ومع استبدال الآليات العاديّة للعرض والطلب بسياسات تدخليّة، فإننا نفضل خلال المرحلة الراهنة الامتناع عن إصدار توقعاتٍ حول أداء النفط الخام لفترة نهاية العام. ولكننا نتفهم جيداً الأسباب الكامنة وراء هذا الاتجاه الصعودي؛ حيث أن سوق النفط تتفاعل بشكل سريعٍ مع الأحداث المؤثرة، وغالباً ما يترافق ذلك مع طرح تساؤلات واستفسارات في الفترة اللاحقة لذلك.