مجلة كيو بزنس QBusiness Magazine:
الطريق للتغلب على فيروس كورونا “كوفيد-19” بدءًا من الاختبارات حتى إنتاج اللقاح
يوضح الدكتور ريتشارد أوكيندي، نائب رئيس البحوث والتطوير والابتكار في مؤسسة قطر، كيف تسير عملية اختبار اللقاحات المحتملة ولماذا يستغرق تطوير اللقاح وقتًا طويلًا
إن الوتيرة السريعة التي يستمر فيها تفشي فيروس كورونا “كوفيد-19” في جميع أنحاء العالم تثير تساؤلات حول الاختبارات، واللقاحات، والعلاجات المحتملة، بما في ذلك الصعوبة والوقت المستغرق في اختبار الفيروس، والمدة الزمنية اللازمة لتطوير اللقاح، وكيفية استخدامه بمجرد أن يتم تطويره.
يقول الدكتور ريتشارد أوكيندي، نائب رئيس البحوث والتطوير والابتكار في مؤسسة قطر، وخبير في علم المناعة: “من المهم أن نتذكر أن ما يجري اختباره هو على نوع محدد من الفيروسات الجديدة، فالأمر يستغرق وقتًا لتطوير اختبار لفيروس من أي نوع، ومن الضروري أيضًا التأكد من أن الاختبار يكتشف هذه السلالة المحددة من الفيروسات وليس غيرها”.
إن الحاجة الملحة التي يسعى إليها العالم هي التي تزيد من عملية تعقيد تطوير مجموعات اختبار دقيقة، ومع ذلك، يشير الدكتور أوكيندي إلى أن الشركات التي تطور الاختبارات تحتاج إلى التأكد من صحتها والتحقق منها قبل أن تنتقل إلى مرحلة التصنيع الكامل. إضافة لذلك، ما يجعل العملية أكثر صعوبة هو سرعة وارتفاع حالات الإصابة بفيروس “كوفيد-19” في جميع أنحاء العالم. وأضاف قائلًا: “يمكننا توقع إجراء اختبارات كافية في نهاية المطاف، لكن الوصول إلى هذه النقطة سيستغرق بعضًا من الوقت، وذلك بالنظر إلى خطورة الوضع الحالي”.
هذا ويعدّ موضوع إيجاد لقاح مضاد لفيروس كورونا “كوفيد-19” محلّ نقاش منذ بداية تفشي الفيروس، وبالرغم من اخفاق هذه النقاشات غالبًا في إدراك أن عملية تطوير اللقاح يمكن أن تستغرق ما بين 10 إلى 15 عامًا، ونظرًا لخطورة الأوبئة العالمية المتغيرة باستمرار، يعمل المتخصصون في العديد من البلدان على مدار الساعة على بحوث تهدف إلى تطوير لقاح خلال فترة زمنية أقصر بكثير.
وكما يوضح الدكتور أوكيندي، فإن جهاز المناعة يشكّل في الأساس سلسلة من آليات الدفاع داخل جسم الإنسان. ويمكن للأشخاص أن يلعبوا دورًا خاصًا لضمان أنه في حال وجود ما يهاجم أجسادهم لا تتاح له الفرصة للقيام بذلك، وهذا ما يفسر لماذا يتفق أخصائيو الرعاية الصحية بالإجماع على أن أفضل طريقة للتصدي لهذا الوباء هو غسل اليدين باستمرار ومراعاة المبادئ التوجيهية للتباعد الاجتماعي.
عندما تتمكن العدوى من تخطي الاحتياطات الوقائية التي نتخذها وتهاجم الجسم، يقوم جهاز المناعة بتكوين أجسام مضادة لمحاربتها. ومع ذلك، في بعض الأحيان، يتمكن الفيروس مثلما هو الحال مع فيروس كورونا “كوفيد-19” من التحوّر والإفلات من جهاز المناعة.
يقول الدكتور أوكيندي: “إن تحوّر الفيروسات ومهاجمتها للجهاز المناعي هي عملية مستمرة منذ آلاف السنين، فعندما يتمكّن فيروس كهذا من دخول الجسم ويفشل جهاز المناعة في التعرّف عليه، يتيح له ذلك الانقسام والانتشار بصورة سريعة. عادةً ما تتكوّن مناعة في الجسم ضده ولكن بعد مرور فترة من الوقت وذلك هو السبب وراء محاولات العلماء في جميع أنحاء العالم للتسريع في عملية تطوير لقاح”.
يمكن وصف اللقاح بالعامل الذي يقوم بتنشيط جهاز المناعة، فعلى سبيل المثال بالنسبة للقاح شلل الأطفال، الذي ساهم معدل نجاحه في القضاء على شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم تقريبًا، فهو يعمل من خلال تعريض جهاز المناعة البشري لجرعة صغيرة غير نشطة من الفيروس لتحفيز الاستجابة المناعية. وتلك الاستجابة هي التي تمكّن الجسم من الدفاع عن نفسه ضد الفيروس.
أضاف الدكتور أوكيندي قائلَا: “إن ما يحاول العلماء القيام به حاليًا هو تحديد ما يمكننا الحصول عليه من السلالة الموجودة بفيروس كورونا (كوفيد-19) لحقنه في الجسم بحيث يتمكّن جهاز المناعة من مقاومته”.
إن عواقب إنتاج لقاح قبل الأوان واكتشاف أنه غير آمن قد تكون وخيمة. لتجنب ذلك، تمر اللقاحات باختبارات صارمة وتجارب سريرية عديدة وهو ما يساهم في إطالة الإطار الزمني المطلوب لإنتاجها.
في هذه الأثناء، يعمل المجتمع الطبي العالمي على استكشاف العلاجات المحتملة باستخدام تركيبات من الأدوية الموجودة بالفعل. أحد هذه الأدوية والذي اكتسب شهرة كبيرة هو الكلوروكين، وهو عقار يستخدم كمضاد للملاريا، ولكن فعاليته ما زالت تخضع للتجربة.
يختم الدكتور أوكيندي: “إن منظمة الصحة العالمية تبحث كذلك في تركيبات من الأدوية التي تم استخدامها لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، وكذلك الأدوية المستخدمة لتعديل الاستجابات المناعية، وتلك المستخدمة في أمراض أخرى. مع ذلك، نحن بحاجة ماسة إلى إجراء اختبارات منتظمة لتحديد التركيبات الأكثر فاعلية، وهذا هو السبب لما قد يعتبره الناس نوعًا من التأخير في تقديم علاجات ناجحة لهذا الفيروس”.