حذّر عددٌ من خبراء العقار من استمرار حالة الركود في سوق الإيجارات العقارية إن لم يتجاوب الملاك والشركات العقارية المستثمرة للعديد من العقارات في السوق المحلية مع متطلبات زيادة المعروض من الوحدات السكنية والتجارية مقابل قلة الطلب.
وقالوا إن الكثير من السماسرة، خاصة غير المرخصين يرفضون تخفيض القيم الإيجارية للعقارات وتحديداً في الدوحة، حيث ما تزال القيم الإيجارية تتراوح ما بين 5500 و7500 للشقق ذات الغرفة والغرفتين، وتزيد على ذلك بازدياد المساحة.
وطالبوا بضرورة وجود معايير محددة يتم بناء عليها التعامل بين المؤجر والمستأجر، بعيداً عن المزاجية والأهواء التي تسود السوق في الفترة الحالية، حيث من المفترض أن تشهد السوق انخفاضاً في القيم الإيجارية بما لا يقل عن 20% لتحقيق توازن بين المتطلبات والاحتياجات من جهة، وبين المعروض والمتوافر من جهة ثانية، بحيث تتقلص الفجوة بين العرض والطلب لصالح خلق بيئة استثمارية دون الإضرار بحركة السوق العقارية، ومنعاً لزيادة الركود الحاصل فيه، ومنعاً لزيادة خسارة الملاك والشركات المستثمرة للعقارات مستقبلاً، فضلاً عن تأثير ذلك على وتيرة البناء والتعمير الحاصلة في الدولة رغم الحاجة لمزيد من الوحدات السكنية.
بسبب زيادة العرض على الطلب في السوق
المسلماني: 10% انخفاضاً في إيجارات الوحدات السكنية
أكّد الخبير والمثمن العقاري خليفة المسلماني أن السوق العقاري عادة ما يشهد في موسم الصيف، خاصة مع قدوم موسم الإجازات بعد شهر رمضان المبارك هدوءاً في الطلب على الإيجارات، وهذا ما يحفز ملاك العقارات في هذه الفترة الراهنة على تخفيض القيم الإيجارية إلى أكثر من 10%، فضلاً عن العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في انخفاض الإيجارات، وأهمها زيادة العرض على الطلب.
وأضاف إن السوق العقاري شهد انخفاضاً ملموساً في القيم الإيجارية لمختلف أنواع الوحدات السكنية وكذلك الأراضي والعقارات، خاصة المتواجدة خارج الدوحة، حيث لعب انخفاض أسعار النفط، والأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية، والتركيز على المشروعات الحيوية والبنية التحتية دوراً في تخفيض الشركات لعدد من عمالتها، ما أثر ذلك على السوق العقاري، خاصة الإيجارية منها، ولعب دوراً كبيراً في تخفيض القيم الإيجارية ما بين 10-15% بحسب المنطقة وجودة الموقع والخدمات المقدمة من قبل مشغل العقار.
وتوقع المسلماني أن يشهد السوق العقاري تحسناً ملحوظاً في المبيعات، وكذلك في مجال التأجير مع منتصف شهر سبتمبر المقبل، وذلك بعد عودة الموظفين والمستثمرين أيضاً من إجازاتهم السنوية، وعودة النشاط الاقتصادي للسوق المحلي عامة، نافياً في الوقت نفسه عدم رغبة ملاك العقارات في تخفيض القيم الإيجارية لعقارات، مشدداً على أن هذا الأمر بات واقعاً مفروضاً عليهم سواء أكان عاجلاً أم آجلاً، خاصة أن الكثير من ملاك العقارات مرتبطون بالتزامات مادية للبنوك وغيرها من المشروعات التي تحتاج لسيولة مادية ستدفعهم في النهاية إلى تخفيض القيم الإيجارية لتلبية تلك الاحتياجات والالتزامات، وكذلك الابتعاد عن الخسارة المتوقعة في حال بقي العقار من دون استفادة فعلية منه سواء بالإيجار أو البيع.
القيم الإيجارية لا تزال مرتفعة
الدوسري: معايير محددة لتأجير الوحدات السكنية
حذّر الخبير العقاري راشد الدوسري من ركود قد يستمرّ لمدة في السوق العقاري فيما لو استمر تعنت ملاك العقارات ومشغلي الوحدات السكنية من الشركات العقارية المستثمرة تجاه تخفيض القيم الإيجارية لعقاراتهم، حيث شهد السوق العقاري المحلي بحسب الدوسري العديد من إعلانات التأجير التي ملأت واجهات العمارات والفلل، وبعد الاتصال بالعديد منهم تجد أن القيم الإيجارية ما تزال على حالها رغم زيادة العرض وقلة الطلب، فالشقة المكونة من غرفة وصالة ما تزال بـ 5500 ريال، والشقة المكونة من غرفتين وصالة تصل إلى 7500 ريال وكلما زادت مساحة الشقة زادت معها القيمة الإيجارية مع اختلاف السعر أيضاً حينما تكون الشقة مفروشة.
وأضاف إن المشكلة الحقيقية تكمن في الشركات العقارية المستثمرة للعديد من العقارات، وتبحث عن أرباح مضاعفة لقيمها الإيجارية، وهذا ما يجعلها رافضة لفكرة تخفيض تلك القيم في الفترة الحالية، مشيراً في السياق نفسه إلى مشاركة السماسرة، خاصة غير المرخصين منهم في بقاء هذا الكساد في سوق الإيجارات المحلي إن لم يتم تدارك هذا الأمر، وتحفيز المستثمرين على تخفيض القيم الإيجارية لوحداتهم السكنية تماشياً مع حاجة السوق.
وأكّد الدوسري على ضرورة وجود معايير محددة من قبل الحكومة لإدارة الوحدات السكنية المخصصة للتأجير، بحيث يتم التعامل بين المؤجر والمستأجر بناء عليها، كذلك تكثيف الرقابة على الفلل المقسمة، ومنعها لما تسببه من ضرر على المستأجرين أنفسهم وعلى البيئة الحضارية للمنطقة المتواجدة فيها، فضلاً عن عدم تطبيقها معايير الأمان والسلامة، وبالتالي يتم توزيع القاطنين بالفلل المقسمة على الوحدات السكنية الشاغرة الجديدة.
وأشار أيضاً إلى أهمية تكاتف جهود العديد من الجهات الرسمية في انتعاش حركة سوق التأجير من خلال تكثيف الحملات والرقابة على الأبنية والعمارات، مع ضرورة تفعيل القانون فيما يتعلق بمعاقبة السماسرة غير المرخصين، أو ما يسمون بالشريطية الذين يتسببون في ارتفاع القيم الإيجارية بلا مبرر.
مطلوب تخفيض 20% من الإيجارات السكنية والتجارية
أكّد خبير عقاري على أن حركة التأجير سواء السكني أو التجاري تلعب دوراً كبيراً في التأثير على السوق العقارية عامة، خاصة أن نشاط سوق تأجير الوحدات السكنية والتجارية ينعكس نشاطاً مضاعفاً على حركة البناء والتعمير، والعكس صحيح أيضاً، لافتاً في هذا السياق إلى أن حركة البيع والشراء في السوق المحلي تشهد هدوءاً أشبه بالركود مع بداية الربع الثالث من هذا العام بسبب عدم توافق القيمة السعرية بين العرض والطلب مع توقعات باستمرار هذا الهدوء في الربع الرابع لانخفاض العائد الربحي من الاستثمار في العقارات، والذي بات لا يتجاوز 5% بحسب وصفه.
وأرجح ذلك بسبب تمسك ملاك العقارات بأسعار تأجيرية مرتفعة لا تتناسب مع القوة الشرائية للكثيرين ممن يرغبون بالتأجير، خاصة مع الظروف الاقتصادية التي يمر بها الجميع وانخفاض أسعار النفط، وتوجه الحكومة للمشروعات التنموية أكثر من المشروعات التكميلية، وغيرها من العوامل التي لعبت دوراً في توجه الكثير من الشركات إلى تخفيض عمالتها، ما سبب فراغاً مهماً في الوحدات السكنية والتجارية، وظهرت العديد من الإعلانات الباحثة عن مستأجرين، إلا أن الملاك والشركات المستثمرة للعقارات يرفضون تخفيض القيم الإيجارية، والبعض منهم يتذرع بكون الشركات المستأجرة لهذه العقارات أخذتها بأسعار مرتفعة من الملاك، وبالتالي تتعرض لخسارة كبيرة إن قامت بتخفيض القيم الإيجارية في الوقت الحالي قبل انتهاء العقود مع الملاك، وكتابة عقود جديدة بأسعار جديدة، والبعض الآخر يعتقد بأن هذا الانخفاض في الإيجارات ما هو إلا انخفاض وهمي نتيجة موسم الإجازات، وأن الأمور ستعود للارتفاع بداية سبتمر المقبل.
وشدّد الخبير العقاري على ضرورة مواكبة الملاك والشركات المستثمرة للعقارات المؤجرة لمفهوم العرض والطلب، خاصة أن الفترة الحالية تشهد زيادة في العرض وقلة في الطلب، وبالتالي ضرورة تخفيض القيم الإيجارية للوحدات السكنية والتجارية بما لا يقل عن 20% منعاً لزيادة الركود الحاصل في السوق العقارية، ومنعاً لزيادة خسارتهم مستقبلاً، فضلاً عن تأثير ذلك على وتيرة البناء رغم الحاجة لمزيد من الوحدات السكنية، ما يشي بدخول السوق العقارية في مرحلة ترقب وحذر وسط توقعات متباينة حيال تحقيق توازن بين المتطلبات والاحتياجات من جهة وبين المعروض والمتوافر من جهة ثانية، بحيث تتقلص الفجوة بين العرض والطلب لصالح خلق بيئة استثمارية دون الإضرار بحركة السوق، مستشهداً بقيام إحدى شركات العقارات الشهيرة بتخفيض 10% على بعض عقاراتها تماشياً مع حركة السوق.