اعتبر تقرير اقتصادي صادر عن مجموعة QNB حظر الحكومة الهندية استخدام أوراق النقد من الفئتين الأعلى 500 و1000 روبية، واحدة من أكثر التجارب إثارة للانتباه على الإطلاق. وقد أدت السياسة الحكومية الرامية لتغيير الأوراق النقدية الكبيرة، إلى إزالة فورية لنسبة 86% من حجم النقد من التداول.
وكان قد تم تقييد حجم الودائع التي يمكن سحبها في شكل نقدي حيث إن البنك المركزي كان يواجه صعوبات لوجستية في استبدال الأوراق النقدية القديمة بأخرى جديدة. وقاد هذا العجز النقدي إلى إيقاف النشاط الاقتصادي، ويقدّر بأن يؤدي إلى خفض في النمو الاقتصادي بحوالي 1 نقطة مئوية في السنة المالية المنتهية في 31 مارس 2017 (2016/2017). ورجح التقرير انتعاش النمو في السنة المالية 2017 م 2018، بعد اكتمال عملية استبدال العملة القديمة بالأوراق النقدية الجديدة وزوال تأثير الضائقة النقدية.
وأشار التقرير الى ثلاثة أسباب وراء القرار: أولاً، تقليل الاعتماد على النقد في المعاملات، حيث تعدّ الهند أحد أكثر الاقتصادات الكبيرة اعتماداً على النقد وزيادة استخدام التقنيات الرقمية. ثانياً، القضاء على السوق السوداء، ذات الاعتماد المكثف على النقد، والتي تمثل 23% من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً للبنك الدولي، ضمن الاقتصاد الرسمي. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى زيادة إيراداتها من خلال توسعة القاعدة الضريبية والحد من التهرب الضريبي. ثالثاً، أرادت الحكومة مكافحة تزوير أوراق النقد الهندية.
وأضاف التقرير «يبقى أن نرى فيما إذا كانت الحكومة ستنجح في تحقيق أهدافها، لكن من المتوقع أن تؤثر أزمة النقد على الأنشطة الاقتصادية. فمع هذه الأزمة يلجأ المستهلكون لتخزين أي نقود يملكونها وتأجيل أي مشتريات غير ضرورية. كما يقضي الناس وقتاً طويلاً في طوابير الانتظار أمام البنوك وأجهزة النقد لإيداع الأوراق النقدية القديمة أو سحب النقد، مما يقلل من إنتاجيتهم. وأدى نقص النقد أيضاً إلى تعطيل الإنتاج مع معاناة الشركات لدفع قيمة مدخلات الإنتاج. وعلى الرغم من أن تغيير الأوراق النقدية قد أدى إلى زيادة كبيرة في الودائع، بشكل تحسنت معه السيولة في النظام المصرفي وانخفضت أسعار الفائدة، لم يكن هذا التأثير كبيراً بما يكفي ليقابل التأثير الهبوطي لنقص النقد».
وتؤكد آخر بيانات الأنشطة التباطؤ الذي حدث في الاقتصاد. فقد تراجعت نتائج استبيان مؤشر مدراء المشتريات المركب إلى أدنى مستوى لها في نوفمبر. كما أظهرت مبيعات السيارات انخفاضاً كبيراً. وتأثرت مواد استهلاكية أخرى بعملية تغيير الأوراق النقدية. نتيجة لذلك، من المتوقع أن يتباطأ النمو بواقع نقطة مئوية واحدة خلال السنة المالية 2016/2017. علاوة على ذلك، تباطأ التضخم إلى مستوى منخفض جداً منذ سنوات وبلغ 3.6% في نوفمبر مع ضعف الأنشطة الاقتصادية.
فإلى متى سيستمر التباطؤ الاقتصادي؟ يعتمد الجواب على مدى سرعة السلطات في استبدال الأوراق النقدية القديمة بالجديدة وتخفيف مشكلة النقد، ومدى النجاح في استبدال الدفع النقدي بطرق أخرى للدفع، ودرجة إضفاء الصفة الرسمية على اقتصاد السوق السوداء.
وأكد التقرير على أن الحكومة اتخذت بعض الإجراءات التحفيزية في 31 ديسمبر، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة على المواطنين من كبار السن، ومشروعات الإسكان في المناطق الريفية وتقديم قروض رخيصة للمزارعين. ومن شأن الانتعاش المتوقع في 2017/2018 أن يجعل من الهند أسرع الاقتصادات الرئيسية نمواً مرة أخرى.