قال التقرير الاقتصادي لمجموعة QNB إن فوز إيمانويل ماكرون في الانتخابات الفرنسية أتاح لكافة صناع القرار والمستثمرين في منطقة اليورو أن يتنفسوا الصعداء، حيث كان انتصاره على المترشحة المعادية للاتحاد الأوروبي، ماري لوبان، طمأنة للاتحاد النقدي الأوروبي، الذي دخل عام 2017 في مواجهة تساؤلات تتهدّد وجوده في أعقاب تصويت بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي وتصاعد الاستياء الشعوبي. في ظل توقعات واسعة النطاق بأن يستمر الوضع الراهن على ما هو عليه بعد الانتخابات الألمانية القادمة.وهذا ما يمهد الطريق لتواصل انتعاش النمو الذي بدأ منذ النصف الثاني من 2016 مدعومًا بالسياسة النقدية الميسرة، والصادرات القوية، والتخفيف التدريجي للسياسة المالية. ورغم أن بعض المخاطر السياسية والاقتصادية ستظل باقية.
وأشار التقرير إلى عدة عوامل: العامل الأول والأهم الذي سيدعم النمو في منطقة اليورو هو السياسة النقدية بالغة اليسر التي ينتهجها البنك المركزي الأوروبي. فقد بدأت أسعار الفائدة السلبية التي أدخلها البنك في أبريل 2016 تؤتي ثمارها داخل اقتصاد منطقة اليورو، مما أدى إلى تخفيض تكاليف الاقتراض إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في الربع الأول من عام 2017. وقاد ذلك بدوره إلى نمو الإقراض المقدم للمستهلكين والشركات غير المالية بالمستويات التي كان عليها في فترة ما بعد الأزمة المالية. ونتيجة لذلك، استمر النمو القوي في الاستهلاك والانخفاض في معدلات البطالة، فيما زادت خطط المشاريع الاستثمارية، إلى جانب تسارع مؤشر مدراء المشتريات بقوة منذ النصف الثاني من عام 2016.
وسيكون العامل الثاني الذي يدعم النمو هو قوة صافي الصادرات حيث أدى التباين في السياسات النقدية بين البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تراجع قيمة اليورو أمام الدولار بنسبة 3.4% في الربع الأول من 2017 مقارنة بعام قبله. ويبدو من المحتمل جدًا أن يستمر هذا التباين خلال ما تبقى من العام، وهو ما يبقي اليورو عند أدنى مستوى له منذ عقود، وبالتالي يزيد من تنافسية الصادرات الأوروبية ويثبط الواردات. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يتسارع الاقتصاد العالمي في 2017، رغم أنه من غير المتوقع أن تكون التجارة العالمية عامل دافع رئيسي لتعافي النمو العالمي، فإن الصادرات الأوروبية خالفت هذا التوجه خلال الماضي القريب. ففي 2016، تباطأت التجارة العالمية إلى أدنى مستوى لها منذ الأزمة المالية.
العامل الثالث والأخير الذي يُتوقع أن يدفع النمو في عام 2017 هو السياسة المالية الأكثر نشاطًا. فقد تم في عام 2016 توسيع الميزان النقدي الهيكلي للاتحاد الأوروبي لأول مرة منذ سبع سنوات، وهو مؤشر على تخفيف السياسة المالية العامة. وتشير الظروف التي برزت عام 2017 إلى استمرار هذا النسق. وترتبط سنوات الانتخابات بزيادة في الإنفاق حيث تلجأ الحكومات عادةً إلى استخدام موارد الميزانية للتأثير على أصوات الناخبين. ويُضاف إلى ذلك فوز ماكرون الذي دعا إلى سياسة مالية أكثر نشاطًا لأوروبا ككل، ورغبة حكومات إقليمية أخرى في كبح النزعة الشعوبية من خلال زيادة الإنفاق.
وأكد التقرير أن منطقة اليورو لم تتجاوز دائرة الخطر بالكامل بعد. ففي الجانب السياسي، ستشهد المملكة المتحدة انتخابات مبكرة في يونيو، والمفاوضات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا تزال تلوح في الأفق.ومن المتوقع أن يهيمن الوضع الراهن على نتائج الانتخابات وأن تستمر مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد، كما توجد تساؤلات مختلفة بشأن مقدرة البنك المركزي على الاستمرار في انتهاج سياسة نقدية ميسرة وما إذا كان ينبغي عليه القيام بذلك. وقد ساعدت أسعار الفائدة السلبية على رفع معدلات النمو، ولكنها قللت أرباح البنوك. إن التغيير المحتمل في السياسة هو سؤال يرتبط بعام 2018 بدرجة أكبر من عام 2017، ولكنه يشكل خطرًا رئيسيًا وشيكًا. وفي الوقت الراهن، فإن انتصار ماكرون يُعد خبرًا سارًا للمنطقة وسيزيد من زخم النمو الإيجابي خلال العام الحالي.