أظهرت نتائج الحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي نجاح الجانب الاقتصادي والتجاري والاستثماري، بشكل استثنائي، فقد تمخّض عن التوقيع على عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وخطاب نوايا من شأنها تعزيز التعاون المُشترك وضخّ استثمارات مليارية في العديد من القطاعات الحيوية والعمل على زيادة التبادل التجاري الذي وصل إلى 6 مليارات ريال، حيث تعدّ الولايات المتحدة الأمريكية الشريك التجاري السادس لدولة قطر.
كما كشفت نتائج الحوار عن اتفاق الجانبين القطري والأمريكي على بحث إبرام اتفاقية لإقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين وبحث ترتيبات الممرات والمنافذ التجارية القطرية لتيسير انسياب السلع والخدمات من وإلى قطر عبر دول الجوار، في حين جرى خلال الحوار تعزيز دور مجلس الأعمال القطري الأمريكى المشترك الذي يعدّ الأول مع دولة خليجية.
ووفقاً لنتائج الحوار فإن الفترة المقبلة سوف تشهد الولايات المتحدة الأمريكية برنامج الحراك الاقتصادي القطري برئاسة سعادة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة الذي سينظّم خلال النصف الأول من عام 2018 في عدد من المدن الرئيسيّة في الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي سيقوم فيه جهاز قطر للاستثمار بتخصيص ما قيمته 35 مليار دولار من الاستثمارات للفترة المتراوحة بين عامي 2015 و2020، بالإضافة إلى استثمار حوالي 10 مليارات دولار في قطاع البنية التحتية، وخصصت الخطوط الجوية القطرية نحو 92 مليار دولار لدعم الاقتصاد الأمريكي من خلال شراء 332 طائرة أمريكية الصنع بما أسهم بتوفير أكثر من 527 ألف فرصة عمل في الولايات المتحدة الأمريكية.
وجرى خلال الحوار بحث تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين في العديد من القطاعات ما من شأنه أن يدعم مكانة الولايات المتحدة الأمريكية لتكون الشريك التجاري الأوّل لدولة قطر، حيث توجد الآن في قطر حوالي 40 شركة أمريكية مرخصة تحت مظلة مركز قطر للمال، وأن القطاع الخاص في البلدين يمكنه الاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تتيحها الدولة في العديد من القطاعات ومن بينها مشاريع البنى التحتية التي يتمّ تنفيذها لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022، علاوة على الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاع السياحة بهدف استقطاب أكثر من 5.6 مليون زائر سنوياً بحلول العام 2023 إلى جانب قطاع الأمن الغذائي والتعليم والصحة.
وبلغ عدد الشركات الأمريكية العاملة في دولة قطر والتي بها شركاء قطريون حوالي 505 شركات، بينما بلغ عدد الشركات المملوكة بنسبة 100% للجانب الأمريكي حوالي 102 شركة، بالإضافة إلى أنه توجد في دولة قطر حوالي 20 شركة تعمل في مجال النفط والغاز، كما يوجد 5000 أمريكي يعملون حالياً في دولة قطر ضمن القطاع الخاص، وأن مليون وظيفة أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على الاستثمارات القائمة مع دولة قطر.
وشكّل الحوار الإسترايجي القطري الأمريكي والنشاطات المصاحبة سواء كانت عبر اللقاءات والاجتماعات الثنائية أو حضور بعض الفعاليات الاقتصادية فرصة جديدة لتوسيع قنوات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري القائمة بين البلدين الصديقين بما يعود بالنفع للجانبين في ظل الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها اقتصاد كل منهما.
وكانت اللقاءات التي أجراها وزير الاقتصاد والتجارة فرصة للحديث عن المناخ الاستثماري في دولة قطر، حيث تعد إحدى أكثر دول منطقة الشرق الأوسط استقراراً على المستوى السياسي، مُوضحاً أن الاقتصاد القطري حقق معدلات نمو إيجابية على الرغم من العديد من التحديات العالمية والإقليمية، وأن هذا النمو جاء مدفوعاً بالأرباح التي حققها القطاع النفطي.
كما تمّت الإشادة بتوجيهات القيادة الحكيمة بتحويل اقتصاد دولة قطر إلى اقتصاد قائم على المعرفة يقوده القطاع الخاص وفقاً لرؤية قطر 2030، وما تقوم به الدولة على تطوير نموذج اقتصاديّ يتوافق مع هذه الرؤية. وأن دولة قطر تسعى لتكون مركزاً تجارياً إقليمياً بقيادة القطاع الخاص من خلال توفير سلع ذات جودة عالية وخدمات متطوّرة، إلى جانب توفير بيئة تسهم باستقطاب أصحاب الكفاءات والمهارات العالمية لدعم الاستثمار وتعزيز السوق المحلية في دولة قطر.
كما جرى الحديث عن بيئة الأعمال في الدولة التي يجري تصميمها وتحسينها من أجل تنويع الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، فبالإضافة إلى الدعم الذي يقدمه التصنيف الائتماني السيادي القوي للدولة، فإن المستثمرين الأجانب يتمتعون كذلك بمعدلات منخفضة من الضرائب وضمانات تجاه التملك، فضلاً عن البيئة المحفزة لممارسة الأعمال والبنية التحتية عالمية المُستوى التي تساهم في تحسين الوصول إلى الأسواق الإقليميّة.
وقد تمّ التّطرق إلى توفر العديد من الحوافز للمستثمرين في المشاريع التي يتمّ تنفيذها في القطاعات الرئيسية الكبرى، مُوضحاً أن نسبة التملك في بعض المجالات تصل إلى 100%، علاوة على توفير إعفاءات ضريبية تصل لمدة 6 سنوات.
تعزيز الممرات والمنافذ التجارية القطرية
تمثلت لقاءات سعادته الثنائية في اجتماعه مع سعادة السيد ويلبر روس وزير التجارة الأمريكي، وكذلك في لقائه بسعادة السفيرة آن باتيرسون رئيسة مجلس الأعمال الأمريكي-القطري، وسعادة السيد ستيفن منوشن وزير الخزانة الأمريكي، كذلك اجتماعه بسعادة السيد دان مولاني مساعد ممثل التجارة للولايات المتحدة الأمريكية. وتمّ خلال هذه الاجتماعات بحث العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين واستعراض آفاق التعاون التجاري والاقتصاديّ بين الجانبين. وكذلك نتائج اجتماع سعادة الوزير مع سعادة السيد ستيفن منوشن وزير الخزانة الأمريكي الذي تمّ خلاله بحث الترتيبات الإقليمية حول الممرات والمنافذ التجارية التي أنشأتها دولة قطر، والتنسيق بسهولة انسياب السلع والخدمات من وإلى قطر وفق الآليات المتبعة دولياً لما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين.
وفي ذات الإطار، كان اجتماع سعادة الوزير مع سعادة السيد ويلبر روس وزير التجارة الأمريكي، حيث أشاد الوزير الأمريكي بوضع الشركات الأمريكية في قطر وبالخطوات التي اتخذتها دولة قطر في ظل الحصار الجائر، ورحّب وزير التجارة الأمريكي أيضاً، مؤكداً دعمه برنامج الحراك الاقتصادي القطري برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الذي سينظّم خلال النصف الأول من عام 2018 في عددٍ من المدن الرئيسيّة في الولايات المتحدة الأمريكية .
أما اجتماع سعادة الوزير مع سعادة السيد دان مولاني مساعد الممثل التجاري الأمريكي لأوروبا وشؤون الشرق الأوسط، فقد تمّ خلاله بحث موضوعات منظمة التجارة العالمية وموضوع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وتمّ الاتفاق بعقد اجتماع «التيفا» في الدوحة قبل نهاية عام 2018.
وكذلك لقاء سعادة الوزير مع سعادة السفيرة آن باتيرسون رئيسة مجلس الأعمال الأمريكي – القطري، حيث وجّه سعادة الوزير إلى أهمية دعم المجلس الأمريكي القطري وتفعيل أنشطة المجلس وتوسيع العضوية لتشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومن المهمّ الاتفاق بين الجانبين القطري والأمريكي على مُتابعة النتائج التي خرجت بها هذه الاجتماعات من خلال اللجنة القطرية الأمريكية المشتركة للتجارة والاستثمار التي من المزمع عقدها في الدوحة قبل نهاية عام 2018.
استثمارات جديدة مع شركات أمريكية كبرى
اتّسمت مُشاركة سعادة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة في أعمال الحوار الإستراتيجيّ القطريّ الأمريكيّ، بنشاطات مُتعدّدة ولقاءات هامّة هدفت إلى تعزيز التّعاون القائم بين البلدين في المجالات الاقتصاديّة والتجاريّة، علاوة على التّبشير بالنّجاحات الباهرة التي حقّقها الاقتصاد القطريّ خلال الفترة الماضية والمُستقبل الاستشرافيّ الذي ينتظره في ظلّ الرؤية التي خطّتها رؤية قطر 2030.
ونوّه سعادة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة خلال لقاءاته واجتماعاته بالحوار الإستراتيجى بأن دولة قطر عملت على زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة الأمريكية على مدى سنوات عديدة، وقد ساهمت هذه الاستثمارات بدورها في خلق ملايين من فرص العمل في الولايات المتحدة. هذا، وتضمّنت الاستثمارات شراكات مع العديد من الشركات الأمريكية بما في ذلك شركة إكسون موبيل، وكونوكو فيليبس، وشركة رايثيون.
وقد شملت نشاطات سعادته إجراء عددٍ من اللقاءات والاجتماعات الثنائية، علاوة على مُشاركة سعادته في عددٍ من الأنشطة المصاحبة للحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي والتي منها حفل الاستقبال الذي نظّمته غرفة التجارة الأمريكية، علاوة على ترؤسه جلسة تعزير التجارة والاستثمار بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، ومُشاركته كذلك في غداء العمل الذي نظّمه مجلس الأعمال الأمريكيّ القطريّ.
ومن بين النشاطات الهامة الاجتماع الخاص بتعزيز التجارة والاستثمار والّذي ترأسه سعادة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة، وشارك في هذا الاجتماع سعادة وزير المالية، وسعادة رئيس جهاز قطر للاستثمار وعدد من الجهات المعنية في الدولة، ومن الجانب الأمريكيّ مساعد وزير الاقتصاد وشؤون الأعمال، ومساعد وزير التجارة للأسواق العالمية، والممثل التجاري للولايات المتحدة الأمريكيّة، ومكتب حقوق الإنسان وشؤون العمل، وممثل عن الإدارة الأمريكية للعلاقات الدولية، وممثلون عن مكتب حقوق الملكية الفكرية، وممثلون عن برنامج تطوير القانون التجاريّ.
وركّز هذا الاجتماع على موضوعات خاصّة بالنفاذ إلى الأسواق والمُشتريات الحكومية والتواجد التجاري في الأسواق القطرية، وموضوعات اللجنة المُشتركة بين البلدين «التيفا» والملكية الفكرية، واتفاقية مكافحة الاتجار بالبشر، واتفاقية أمن الاتصالات، واتفاقية التجارة والسلامة الغذائية.