كلمة التحرير بقلم: محمود محمد دياب
المدير العام ورئيس التحرير
مَن منّا لا يعرف السنافر، أحد أشهر برامج الأطفال على الإطلاق؟ بالطبع جميعنا يعرفهم، فكل واحد فينا شاهد حلقاتهم، ضحك لمقالبهم، تمعّن في أحداثهم، وغاص في شخصية كل سنفور، فكان منهم الذكي، المفكّر، النشيط، وطبعاً الغبي.
لكن لو نظرنا بعمق إلى عملية تجسيد السنافر وعكس صورتهم على العادات الشرائية لدينا وكيفية استهلاكنا العام، لما وجدنا فرقاً كبيراً بين مفهوم الاستهلاك لدى المواطن العربي، وشخصية السنافر كل حسب تصرفه الشرائي.
فالسنفور الذكي (المستهلك)، هو إنسان رشيد واقتصادي في مشترياته ولا يكون ضعيفاً أمام إغراءات الإعلانات التسويقية، لا يُسرف في الشراء، بل يسعى لاقتناء المنتجات بكميات قليلة وقدر حاجته لها لأن ذلك سيفيده في التنوع، علماً أن شراءها بكميات سيدفعه إلى الإسراف في تناولها وإلى تلفها وضرورة إيجاد مكان لتخزينها، وبالطبع هو يبحث عن الجودة، حيث التركيز على شراء المنتجات ذات الجودة والنوعية العالية، وإن كانت أعلى سعراً فهي التي ستدوم طويلاً.
أما المستهلك المفكّر والحذق فهو الذي يدرس الوضع جيداً، فيحدد ما يحتاجه اليوم من منتجات، التي حدد لها شرطاً أساسياً للحصول على جدواها، وعدم الاعتماد على الذاكرة في رصد الاحتياجات مباشرة من أمام رفوف مراكز التسويق. والمفكّر يشدّد على ضرورة إعادة الأولويات والميزانيات لترشيد الاستهلاك. هو يولي القائمة المسبقة أهمية كبيرة، حيث تسهم بشكل مباشر في الحد والتقليل من النهم للشراء، وتسهم في انضباط السلوك أثناء عملية التسوّق وعدم الوقوع في مصيدة قرار الشراء السريع المبني على توقّع مستوى إشباع لا يتطابق مع المستويات الفعلية التي تتحقق بعد البدء في استهلاك السلعة.
المستهلك النشيط هو الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، فينتبه للعروضات، ويسعى للحصول على ما يريده خلال التنزيلات، لا يندفع وقت الذروة لشراء حاجاته، يفكّر ملياً لكن دون تأخير في تحديد مكان الشراء، ويعرف من أين يحصل على أجود المنتجات بأفضل الأسعار.
تعتمد الدعاية والإعلان على علم النفس وعلى أساليب التأثير والإيحاء والإغواء الخفي، فهي تستفيد من فهم علم النفس للسلوك الإنساني وطرق التأثير فيه وتحاول الاستفادة من هذا الفهم لجذب المستهلك وتوجيهه أيضاً نحو منتجات معينة، لهذا أصبح علم النفس مهم جداً في مجال الدعاية والتسويق، حيث يتم التأثير بشكل كبير على المستهلك الغبي.
ولكن ماذا يفعل هذا السنفور؟
أولاً هو يتأثر بشكل كبير جداً بالإعلانات التجارية سواء كانت تعرض منتجاً جيداً أم لا، ويقع في فخ الدعاية الإعلانية ما يجعله يُسرف في شراء المنتجات الكمالية أكثر من الأساسية، يشتري السلعة سواء احتاج إليها أم لم يحتج لها، يهتم بالشكل لا بالمضمون، ويختار جمالية المنتج دون الاهتمام بالجودة والنوعية، ما يوقعه لاحقاً في مشكلات جمّة. موسم التخفيضات تافه بالنسبة له، كونه يعتبره لأناس أقل شأناً منه، وبالتالي تفويت الفرصة على اقتناء الأشياء بسعر قد يتجاوز نصف سعرها الحقيقي أحياناً، يُهمل المنتج ولا يهتم به ما يُعرّضه للتلف، يقع دائماً في مصيدة الاستعجال وعدم التروي، وعدم ترتيب الأولويات والانتباه إلى الميزانية.
بالمحصلة فإن للعادات الاستهلاكية نفع وضرر على الاقتصاد، سواء العام منه أم الفردي، لذا فنصيحتي لكم، لا تكونوا كالسنفور” غبي”..