نحتاج مزيداً من المخرجات في مجال التطوع بدولة قطر
شخصية قوية لها مسيرة علمية وعملية مشوقة ومفعمة بالإنجازات. فهي تعتبر من السيدات اللاتي يحملن مسؤولية كبيرة على عاتقهن، وهي من أبرز وألمع السيدات في دولة قطر الحبيبة. أخبرتنا العديد عن حياتها وعن بيئة العمل في أوريدو وعن تمكين المرأة القطرية. مزيداً من التفاصيل في هذا اللقاء الشفاف…
Text: Fatima Higah
في البداية، أخبرينا المزيد عن بدايات حياتك العلمية والعملية.
أنا مثل أية فتاة لديها طموح، ولكن ليس أي طموح. فقد كنت قاسية كثيراً على نفسي ولا أفكّر إلا بالرقم واحد وأفضّل أن أكون في القمة دائماً بدراستي وبالأعمال التطوعية التي أشارك فيها وكل ذلك. أحببت أن أبني اسمي منذ أيام الدراسة بحيث أكون متميزة ومختلفة عن الجميع وبالتأكيد ذلك لا يأتي بسهولة . تربّى لديّ شعور التميز لأنني تربيت في منزل يعمه العلم والتنافس والمعرفة والخبرة. ودائماً أوصي أطفالي بالاهتمام بالتعليم والثقافة لأنهما يشكلان شخصية الإنسان وليس اسم العائلة أو المال. درست ماجستير عام في تخصص إدارة الأعمال وفيه جزء متصل بالموارد البشرية التي تهتم بتطوير العاملين والمشكلات التي تواجههم. بعد ذلك درست ماجستير خاص بالتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية وهذا أقوى لأنه يعلمنا كيف ننقل الوظيفة من مستوى إلى مستوى أعلى، وأنا الآن أدرس الدكتوراه في إحدى الجامعات البريطانية ورسالة الدكتوراه عن تمكين توظيف المرأة في المراكز القيادية في القطاع الخاص.
هل يمكنك أن تصفي لنا يوم عملك؟
أصحو في الصباح المبكر للإشراف على أطفالي وبعد ذلك أتوجه إلى مكتبي في حدود الساعة الثامنة صباحاً، ولكل يوم تقويم أو أجندة خاصة. فلا بد لي أن أحضر بعض الاجتماعات بالإضافة إلى البريد وهو ثلاث مرات في اليوم لتوقيع الأوراق الخاصة بالموظفين. أثناء العمل اليومي لا أنسى أبدا أن آخذ قسطاً من الراحة أقوم خلاله بقراءة الكتب.
كيف يمكنك أن تصفي لنا بيئة العمل في أوريدو؟
بيئة العمل في أوريدو صحية جداً، فنحن نتبع سياسة الباب المفتوح، و نبتعد عن الطبقية والمركزية، فيمكن لأي موظف أن يتحدث مع المدراء والرؤساء دون أية حواجز. بيئة العمل محفزة ومشجعة ونؤمن بالعمل الجماعي كثيراً. فالعمل في شركة الاتصال يكون “ديناميكي” أي دائم التغير حيث أننا نطلق خدمات ومنتجات وإعلانات جديدة وعروضاً كل يوم.
ماهي نسبة القطريين العاملين في أوريدو. وهل أنتم ضمن معايير تقطير الوظائف الوطنية؟
بالطبع، نسبة القطريين تعدت الـ 41% ونحن دائماً نتطلع للنوعية وليس الكمية، وذلك عن طريق الاتصال بالجامعات وعقد دورات تدريبة مفيدة، ونحن الآن متفردون باستخدام الـ “أي تطوير” ، الذي يمكّن العاملين من الاستفادة وتلقي المعلومات عبر الإنترنت. بالإضافة إلى تقديم المنح الدراسية والتدريبات والورشات الصيفية.
ماهي القرارات التي اتخذتِها وندمتِ عليها بعد ذلك؟ ماذا تعلمتِ منها؟
لم تكن قرارات خاطئة بل كانت تجارب مفيدة بالنسبة لي. ونحن نتعلم من أخطائنا أكثر من نجاحاتنا. فبالنسبة لسيدة أعمال ناحجة مثلي وتتفاعل مع العديد من الأشخاص والمؤسسات لا بد أن أمرّ بثغرات تضيف لي وتعلمني. قراراتي في اختيار بعض الأشخاص كان خطأ في بعض الأحيان. والخطأ الثاني الذي وقعت به، هو أنني أردت أن أنجز أكثر من شيء في وقت واحد.
كنتِ من الحكام في المؤتمر المخصص لتكريم المرأة العربية بالعاصمة القطرية، ماذا يمكنك أن تخبرينا عن هذا الحدث؟
شركة “ITB ” هي صاحبة هذه الفكرة الخاصة بتكريم المرأة العربية المتميزة في بلدها. فيتم تكريم المراة السعودية بالسعودية والقطرية في قطر وهكذا… كان المؤتمر في البداية متواضعاً جداً ولكن مع الوقت اكتسب مزيداً من الجمهور والاهتمام وهذا طبيعي للغاية. وبالتاكيد اختيار الحكام لم يأتِ من عبث بل جاءت لجنه مختصة وقامت بعمل دراسات من ثم تم اختيار لجنة الحكم. واجهتنا بعض الصعوبات باختيار الفائزات وذلك بسبب صعوبة الحصول على معلومات أكثر عن المرأة والتواصل معها.
ماذا يمثل لك التطوع وخدمة المجتمع؟
في أية جلسة نقاشية أو صحافية أحاول دائماً التأكيد على أهمية العمل التطوعي، العمل التطوعي فيه نوع من الإثارة وتحميل النفس مسؤولية أكبر وعمل شيء بدون مقابل هذه الأمور الثلاثة هي هامة للغاية فضلاً عن ذلك الأهمية الاجتماعية والدينية. وأنا بالنسبة لي، فقد فتح لي التطوع آفاقاً جديدة وطرقاً منورة ، وأنا الآن أتذكر أول عمل تطوعي لي على مستوى الدولة كنت عضواً في لجنة التشريفات في حفل زفاف الشيخ جاسم ولي الشرف بذلك. العمل التطوعي في دولة قطر ضعيف نوعاً ما ويحتاج لترغيب الأفراد به وزيادة الوعي بأهميته، لأن الجميع اليوم يسأل عن المقابل الذي سيأخذونه مقابل عملهم. فنحن نظمنا الكثير من مجالس الإدارات واللجان ولكن ماذا عملت هذه المجالس واللجان؟! فنحن نحتاج لمزيد من المخرجات وليس المناصب البراقة في اللجان. ونحن نسعى لمزيد من التقدم في مجال العمل التطوعي في قطر الحبية.
من وجهة نظرك، ما وسائل تمكين المرأة في المجتمع القطري؟
وسائل تمكين المراة القطرية كثيرة جداً، فنحن اليوم خطونا شوطاً كبيراً بهذا المجال. الذي ساعد على تمكين المرأة القطرية هو المرأة نفسها لأن أصبح لديها روح التنافس وحب الاستطلاع. نظام التعليم في دولة قطر ساعد في تمكين المرأة كثيراً. فلو نتأمل إحصائيات عدد الخريجين والخريجات من جامعة قطر ومؤسسة قطر التعليمية سنجد أن الخريجات أكثر عدداً بكثير. ونحن الآن مقبلين على مرحلة تتطلب بشكل كبير تمكين المرأة. في قصور كبير من ناحية ساعات العمل، فنحن نحتاج لتكوين قادة نسائية لذلك يجب إعادة النظر في سياسة الموارد البشرية من خلال تمكين المرأة وهي تقليل ساعات العمل لها لتتمكن من تربية جيل جديد قادر على الإنتاج والقيادة وبالتأكيد هذا الجيل لن يربى على أيدي الخادمات لأنه يحتاج لصقل شخصيته بالعادات والتقاليد والأعراف والمبادئ. كما تحتاج المرأة القطرية لمزيد من التحفيز المادي عندما تقرر أن تبدأ بأي مشروع صغير أو متناهي الصغر، فالتركيز اليوم على ورشات العمل وليس على الدفع المادي الذي يقدم للمرأة، فهناك العديد من النساء الموهوبات صاحبات الأفكار المبدعة ولكن ما ينقصهن الدعم المادي. كما نحتاج من وسائل الإعلام المختلفة مزيداً من التحفيز للمرأة وأن تبرزها على الساحة وتسوق نجاحاتها. وأنا لي عتب كبير على الإعلام، بحيث نجد أن الإعلام القطري موجه على نساء قطريات محددات، فنجد أن الضوء يسلط على شخصيات محددة ومعدودة، بالإضافة إلى التركيز على الموضة والجمال ولكن المرأة تعدت هذه الحواجز وأصبحت ناجحة في مجال النفط والهندسة والأبحاث العلمية وما إلى ذلك. العامل الآخر لتمكين المرأة مرتبط بالجانب الاجتماعي الذي تتولاه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فهناك تخبط كبير وهويات متعددة تهتم بالمرأة والطفل، المرأة، الأسرة وما إلى ذلك. فصارت هناك مظلات عديدة ولكن لا ترتقي بالخدمة التي تحتاجها المرأة وتقدم خدمات متكررة دون وجود التخصص الدقيق بكل من احتياجات المرأة القطرية. وأنا كعضو بمجلس الإدارة لسيدات الأعمال أبذل قصارى جهدي لتجديد الخطط والرؤى لتمكين المرأة بشكل أكبر بحيث أننا نقوم بتحديث قاعدة البيانات لدينا بأسماء النساء القطريات الرائدات بالمجتمع بحيث نساعدهم على الظهور بالمؤتمرات والاحتفالات عالمياً وليس فقط محلياً.
هل تؤيدين مزيداً من الحرية للمرأة الخليجية بشكل عام والمرأة القطرية بشكل خاص؟
كوني امرأة مسلمة عربية قطرية، أرى أن الحرية لا تكون بالتحرر من العادات والتقاليد بل الحرية تكون بالفكر والقيمة المضافة للعمل الذي ستقوم به. فأنا مع أن الحرية تعطى للفتيات اللاتي يردن الدراسة والعمل ويفكرن بالإنجاز والسفر للخارج لغايات علمية وعملية، ولكن ضد الحرية المطلقة التي تعطى للفتيات حتى يشاركن في بعض البرامج التلفزيونية المبتذلة وما إلى ذلك. فالإعلام الغربي اليوم يسيطر على عقول الفتيان والفتيات بطريقة خاطئة ويكسبهم بعض التقاليد المتطرفة. فالحرية يجب أن تكون مقننة وذات هدف مفيد. فعلى سبيل المثال، ظهوري بوسائل الإعلام المختلفة ليس للعرض، بل ذو هدف واضح فأنا أريد أن أخدم حرفيتي وبنفس الوقت أود أن أساعد الفتيات القطريات على أن يكون أمامهم نموذجٌ للمرأة الناحجة. فأنا أريد أن ابنتي وصديقاتها سيفخرن بي وتكون أمامهم صورة امرأة قطرية ناجحة منتجة حتى يردن أن يصبحن مثلها.
” المرأة العاملة تنقص من واجباتها المنزلية”، ما ردك على ذلك؟
هذا واقع لا يمكن أن ننكره، ولكن المرأة الناجحة هي التي تخلق التوازن بين العمل والواجبات المنزلية. ولتحقيق ذلك يجب على الزوج والأهل والأطفال أن يتكاتفوا معاً لمساعدة الزوجة العاملة.
أنت إحدى السيدات اللامعات في قطر واسمك يتردد في كثير من وسائل الإعلام، كيف ينعكس ذلك على حياتك؟
أشعر بالفخر بالتأكيد، فالشعور لا يوصف عندما يوضع اسمي على أجندة معينة لأكون المتحدث الرسمي أو عند ظهوري بوسائل الإعلام فأشعر وكأنني ملكت الدنيا كلها . لأنني تعبت كثيراً حتى وصلت لما أنا عليه اليوم. فدائماً يكون لي الشرف أن أتواجد بأكثر من محفل وأكثر من برنامج تلفزيوني لأنني اليوم في عز عطائي وأنا أجني ما زرعته اليوم.