كيو بزنس Q Business:
ما هي تأثيرات الترقية الأخيرة للسوق البولندية على الأسواق الناشئة؟
بقلم “ألثيا سبينوزي” المتخصصة في الدخل الثابت لدى ’ساكسو بنك‘
أعلن مؤشر ’فوتسي راسل‘ مؤخراً عن ترقية السوق البولندية إلى تصنيف الأسواق المتطورة، مما قد يدفع المستثمرين إلى إعادة النظر بالأسواق الناشئة التي لم تنتهي مشاكلها بعد.
بدأ الصيف يعدّ العدّة للرحيل؛ وبدأ السكان في دول شمال أوروبا بالاستعداد للخريف. ويرحّب المستثمرون بالموسم الجديد بعد صيف محموم شهد بوادر انهيار أسواق السندات جرّاء الأخبار بشأن الأزمة التي ظهرت في الأسواق الناشئة، وتفاقم الحرب التجارية التي نشبت بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من أكبر شركائها، لا سيما الصين.
ويشهد الدخل الثابت حالياً مرحلة من الجمود يترقّب فيها المستثمرون مدى تفاقم الوضع قبل التخلص من أصولهم ذات المخاطر المرتفعة.
ومن الواضح عدم الاستيعاب الجيّد حتى الآن للدروس التي قدمتها تركيا والأرجنتين قبل بضعة أسابيع. وما زالت معنويات المخاطرة قوية، حيث يسعى المستثمرون للحصول على قيمة نسبية من المكاسب السهلة ضمن الأسواق الناشئة والقطاعات ذات العوائد المرتفعة.
ويجد هؤلاء المستثمرون ضالتهم في مجال مالي يحافظ على رؤيته الإيجابية، حتى في الأسواق الناشئة التي بدت مؤخراً كما لو أنها تتداعى.
وجاءت خطوة ’فوتسي راسل‘ بترقية بولندا إلى ’سوق متطورة‘ لتكون أول إضافة جديدة من نوعها لهذا التصنيف منذ حوالي عشر سنوات. من المؤكد أن بولندا كانت واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية، لكن أداءها الاقتصادي والمالي كان مرتبطاً بشكل كبير مع الانتعاش الذي شهده الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة المالية.
ومن وجهة نظري، فإن السؤال المهم الذي ينبغي طرحه هو مدى قوة الأساس السياسي والاقتصادي الذي يقوم عليه التصنيف الجديد لبولندا، وكفايته لتبرير هذا المصطلح.
وبالتزامن مع الترقية التي حصلت عليها يوم الاثنين، استدعى الاتحاد الأوروبي بولندا – ممثلة بالحكومة اليمينية في وارسو – إلى المحكمة بتهمة انتهاك استقلالية القضاء عبر تحديد سن تقاعد مبكر لقضاة المحكمة العليا. وكانت هذه الخطوة مثاراً للجدل والاحتجاجات في البلاد، حيث يعتقد البعض أن مثل هذه الإصلاحات تمكّن سلطة النظام الحالي من تقويض سلطة القضاء البولندي.
وبالرغم مما حققته البلاد من تنمية اقتصادية مؤثرة على مدى السنوات القليلة الماضية، لا تزال هناك بعض التحديات السياسية التي قد تعود ببولندا مرة أخرى نحو تصنيف الأسواق الناشئة.
ومع الترقية التي حصلت عليها، ستتمكن قاعدة أوسع من المستثمرين الآن من الوصول إلى السوق المالية للبلاد، مما سيعزز تقييم الأصول السيادية البولندية. وبلغ العائد على السندات الحكومية المقوّمة بالزلوتي البولندي والمستحقة لأجل 10 سنوات 3.22%، بانخفاض 60 نقطة أساس عن يناير 2017.
وتمثلت أبرز الجهات المستفيدة على المدى المتوسط في الشركات البولندية التي ستلمس تقليص التكاليف على رأس المال، مما يدفعنا لتوقّع مزيد من الإصدارات في هذا المجال إلى أن يتغير المشهد الاقتصادي العالمي في الفترة بين عامي 2019/2020.
وعند هذه النقطة، نخشى أن تؤدي بعض التناقضات داخل الأسواق الناشئة إلى مزيد من الضغوطات على هذا المجال؛ وعندما تتحول الدورة الاقتصادية إلى حالة من الركود، ستكون الشركات والأصول السيادية في الأسواق الناشئة أول الضحايا. ولن تكون بولندا وحدها من يواجه هذا التحدي، إذ تسبقها الصين حالياً في ذلك.
وكما يعلم الجميع، تشكل نية بكين تقليص قيمة ديون اقتصادها واحداً من الموضوعات الرئيسية في الأسواق الناشئة هذا العام. وفي الوقت نفسه، نرى توجه الحكومات المحلية نحو إصدار سندات ’لأغراض خاصة‘ بقيمة إجمالية تبلغ 200 مليار دولار. وستصدر هذه السندات لتمويل استثمارات البنية التحتية في ظل تباطؤ الاقتصاد. وفي هذه الحالة، قد لا تتمثل أسوأ التوقعات في سعي الحكومة الصينية نحو زيادة إجمالي نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي بلغت بالفعل 51% في نهاية ديسمبر 2017، ولكن ستتولى البنوك الصينية استيعاب هذا الدين بشكل أساسي، حيث ستوفر هذه السندات عائداً منخفضاً مع البقاء بعيداً عن التسييل، مما يجعلها غير جذابة للأموال الحقيقية.
ومن شأن ذلك إضافة ديون حكومية غير سائلة إلى الميزانية العمومية الضعيفة بالفعل في القطاع المالي الصيني، مما يشكل تهديداً كبيراً للنظام المالي ككل. وفي حال استمرت الأمور على وضعها الراهن، يمكننا توقع استمرار هذا التوازن الحالي الهش لبعض الوقت، مما يجعله أكثر ميلاً نحو الخضوع للاستثمار بدلاً من انتظار حدوث تراجع محتمل.
وفي هذه البيئة، نعتقد أن أنواعاً معينة من السندات تسمح للمستثمرين باستئناف استثماراتهم في الوقت الذي يختارون فيه مخاطر محددة بينما تتغير الخلفية الاقتصادية.
ويتوقع كثيرون حصول انكماش مرحلي مؤقت؛ وكان المستثمرون المراهنين بشدة على انخفاض الأسهم خلال موسم الأرباح الماضي، الأكثر تأثراً جراء الارتفاعات الجديدة. ولهذا السبب، من المهم الدخول في أنواع التجارة هذه في الوقت المناسب، مع مواصلة الاستثمار في أصول أكثر تحفظاً يمكنها الحفاظ على مرونتها في ظل انهيار السوق بشكل مفاجئ.
وباستثناء مكتب تحسين الأعمال التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية، من شأن هذا المجال الاستثماري إتاحة فرص مثيرة للاهتمام من حيث مواكبة وجهة النظر هذه. وقد يجد المستثمرون الباحثون عن فترات استحقاق قصيرة الأجل (حتى نهاية عام 2019) ضالتهم في الشركات الأمريكية وبعض الأسواق الناشئة المختارة ذات العوائد المرتفعة.