قال محافظ مصرف قطر المركزي سعادة الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني: إنه على الرغم من الظروف غير المواتية التي شهدها الاقتصاد العالمي في العام 2015، والمتمثلة في التراجع الحاد لأسعار النفط مع استمرار أجواء السياسة المضطربة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واستمرار حالة عدم الاستقرار والنمو الضعيف في الاقتصاديات المتقدمة، إلا أن تأثير كل ذلك على الاقتصاد القطري كان في أضيق الحدود.
وأوضح محافظ «المركزي» أن نمو الاقتصاد القطري بلغ 3.7%، مشددا على نمو القطاعات غير النفطية، إضافة إلى اعتدال التضخم بما يعكس جزئيا الأثر الإيجابي لانخفاض الأسعار العالمية للسلع، مقابل تحسن سعر صرف الريال، وتابع قائلا، في كلمة نشرت ضمن التقرير السنوي الصادر حديثا: «قد أثر انخفاض أسعار النفط سلبا على عائدات التصدير والإيرادات الحكومية مما أدى إلى مراجعة خطط الإنفاق الحكومي مع التركيز على الكفاءة»، مشيرا في ذات الإطار إلى انخفاض ودائع القطاع العام مقابل نمو الائتمان نتيجة تراجع أسعار النفط.
وأشاد المحافظ بالدور الريادي الذي لعبه مصرف قطر المركزي لضمان إدارة السيولة في النظام بهدف تسهيل تدفق كاف من الائتمان للقطاعات الإنتاجية للاقتصاد بطريقة فعَّالة من حيث التكلفة، مضيفا: تمَكَّنَ مصرف قطر المركزي من مواصلة سياسة نقدية متكيفة لدعم النمو ومن ثم تعزيز الأنظمة الرقابية لتعزيز الاستقرار المالي.
وكشف التقرير السنوي رقم 39 لـ»المركزي»، عن أن إجمالي الناتج المحلي للعام 2015 بلغ 792.1 مليار ريال بأسعار 2013 مقارنة بنحو 763.1 مليار ريال في 2014، أما بالنسبة للناتج بالأسعار الجارية فقد تراجع الإجمالي بنحو 20.6% حيث انخفض من 764.7 مليار ريال في 2014 إلى 607.5 مليار ريال في 2015.
وكان نصيب النفط والغاز من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015 بالأسعار الجارية نحو 219.9 مليار ريال، مقارنة بنحو 390.7 مليار ريال في 2014، وهو ما يمثل 36.2%، في حين بلغ إجمالي مساهمة القطاعات غير النفطية 387.5 مليار ريال بنمو بنحو 3.6% مقارنة بالعام 2014، فيما شكَّلَ 63.8% من إجمالي المساهة في الناتج.
وأشار التقرير إلى أنه على خلاف ناتج قطاعات إنتاج السلع، شهد ناتج قطاعات الخدمات تباطؤا سواء في معدل النمو بالأسعار الجارية أو في معدل النمو الحقيقي، حيث حقق ناتجها الاسمي خلال عام 2015 زيادة قدرها 23.4 مليار ريال ونسبتها 9.5% مقارنة بنمو معدله 13.6% خلال العام السابق ليصل رصيده إلى نحو 267.9 مليار ريال مقارنة بنحو 244.6 مليار ريال.
أما فيما يتعلق بالمالية العامة للدولة، فتشير البيانات الأولية المبنية على الفترة المتراوحة بين 1 أبريل 2015 إلى غاية 31 ديسمبر 2015 إلى تراجع الإيرادات بنحو 44% مع تراجع النفقات بنسبة أقل تبلغ نحو 15.6% مما أدى إلى عجز في الميزانية العامة منذ أكثر من 10 سنوات بلغ 4.9 مليار ريال مقارنة بفائض قدره 105 مليارات ريال في ميزانية العام المالي 2014-2015.
وقد بلغت الإيرادات في الفترة المذكورة 184 مليار ريال مقارنة بنحو 328.8 مليار ريال في العام المالي 2014-2015، ويعود هذا الانخفاض إلى سببين رئيسيين الأول تراجع أسعار النفط إلى نحو النصف، أما السبب الثاني هو اقتصار الحسابات على تسعة أشهر.
ويمضي التقرير في تحليل بنود الميزانية، ليوضح تراجعا في إيرادات النفط والغاز إلى نحو 150.6 مليار ريال مقارنة بنحو 269.4 مليار ريال في العام المالي 2014-2015 بنسبة تغير تساوي 25.5% مما يمثل 81.8% من حيث أهميتها في إجمالي الإيرادات، وقدرت الإيرادات التحويلية والمتمثلة في إيرادات الرسوم والضرائب المختلفة نحو 33.4 مليار ريال مقارنة بـ 59.4 مليار ريال في العام المالي 2014-2015، متراجعة بنحو 25%.
المالية العامة
أما من حيث النفقات العامة المدرجة ضمن الميزانية لفترة التسعة أشهر، فقد بلغ بند الرواتب والأجور نحو 36.8 مليار ريال مقارنة بنحو 45.3 مليار ريال في العام المالي 2014-2015، أما إذا تمت مقارنة بند الرواتب والأجور بنفس الفترة المماثلة من العام المالي الأسبق، فإن نسبة التغير فيه تقدر بنحو 8.4%، ويشكل هذا البند نحو 19.5% من إجمالي النفقات، مسجلا تراجعا بنحو 18.8%. في حين بلغت المصروفات الجارية خلال الفترة المتراوحة بين 1 أبريل 2015 إلى غاية 31 ديسمبر 2015 نحو 71.7 مليار ريال مقارنة بنحو 99.8 مليار ريال في العام المالي 2014-2015، وتمثل المصروفات الجارية نحو 37.9% من إجمالي النفقات، وقدرت النفقات الرأسمالية الثانوية بـ 30.8 مليار ريال، أما النفقات على المشروعات الرئيسية فبلغت 49.5 مليار ريال، ما يمثل 26.2% من إجمالي النفقات.
ويشير مصرف قطر المركزي من خلال البيانات المالية التي يتضمنها التقرير إلى أنه عند مقارنة نفقات المشاريع خلال فترة التسعة أشهر من العام 2015 بالفترة المالية للعام 2014-2015، فإنها سجلت نموا بنحو 4.4%، الأمر الذي يؤكد مواصلة الدولة العمل على تنفيذ مشروعات البنية التحتية في مختلف القطاعات وخاصة المشاريع الرئيسية ومشاريع كأس العالم 2022.
وبذلك يبلغ العجز من خلال الأرقام الأولية الخاصة بالتسعة أشهر من العام 2015، نحو 4.9 مليار ريال وهو ما يمثل 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
موازنة 2016
موازنة 2016، أول موازنة تعتمد نظام السنة الميلادية بدلا من السنة المالية، وذلك بناء على القانون رقم 2 لسنة 2015 والقاضي بتحويل السنة المالية إلى سنة ميلادية تبدأ من يناير وتنتهي في ديسمبر. ووفقا لتقديرات موازنة 2016، فإنه من المنتظر أن يبلغ إجمالي الإيرادات 156 مليار ريال، منها نحو 118.2 مليار ريال إيرادات للنفط والغاز في ظل تراجع الأسعار عالميا، وبالتالي ستشكل هذه الإيرادات نحو 75.76% من الإجمالي، فيما يتوقع أن تصل الإيرادات التحويلية إلى نحو 37.7 مليار ريال، بزيادة بنحو 4.3 مليار ريال على الأرقام الفعلية لموازنة 2015 والتي تقدر بنحو 33.4 مليار ريال ومتضاعفة عن الأرقام التقديرية للعام 2015 والتي تبلغ 18.1 مليار ريال.
أما باب النفقات، فيتوقع أن يبلغ 202.5 مليار ريال في موازنة 2016 مقارنة بنحو 167.2 مليار ريال في تقديرات موازنة 2015 ونحو 188.9 مليار ريال كأرقام فعلية في 2015، أي بنسبة تغير على التوالي تساوي 21.11% و7.19%.
وسيمثل بند الرواتب والأجور من إجمالي النفقات 25.6%، حيث يتوقع أن تصل إلى 51.9 مليار ريال مسجلة نموا بنحو 38.7% عن الأرقام التقديرية للعام 2015 والبالغة نحو 37.4 مليار ريال ونحو 41.41% عن الفعلية للعام 2015 والتي تقدر بنحو 36.7 مليار ريال، لتأتي في المركز الثالث بعد نفقات المشروعات الرئيسية التي يتوقع أن تصل إلى نحو 90.7 مليار ريال في موازنة 2016، مقارنة بالأرقام التقديرية في 2015 والتي تبلغ نحو 55.4 مليار ريال ونحو 49.5 مليار ريال بالأرقام الفعلية في 2015. وثانيا المصروفات الجارية والتي تبلغ نحو 56 مليار ريال مقارنة بنحو 65.4 مليار ريال في تقديرات 2015 و71.7 مليار ريال بالأرقام الفعلية لـ2015.
أما تقديرات النفقات الرأسمالية الثانوية فستسجل تراجعا إلى نحو 3.8 مليار ريال مقارنة بنحو 8.8 مليار ريال في تقديرات 2015 و30.8 مليار ريال بالأرقام الفعلية للعام 2015.
أكد «المركزي»، ضمن تقريره السنوي، أن إدارة السيولة بشكل استباقي من قبله ساهمت إلى أبعد الحدود في ضمان سيولة مريحة في النظام، حيث يتبين ذلك من خلال صافي ودائع سوق النقد والاحتياطيات الفائضة التي تحتفظ بها البنوك لديه. ويضيف «المركزي» أنه استمر في تدوير السيولة على المدى القصير من خلال مزادات أذون الخزانة، ومن ثم من خلال السندات، مشيرا إلى تحرك أسعار الفائدة بين البنوك بشكل وثيق مع أسعار الفائدة على الودائع حتى شهر أغسطس 2015 قبل أن تتصلب في وقت لاحق، إضافة إلى تراجع أسعار الفائدة على القروض رغم الزيادة في معدلات الفائدة على الودائع.
وشدد «المركزي» على أن الميزانية العمومية الرئيسية للبنوك التجارية تكشف زيادة في نمو الائتمان عنه في الودائع خلال العام 2015، مضيفا أن هذا النمو يعكس بشكل رئيسي النمو القوي في الائتمان المقدم للقطاع الخاص إضافة إلى نمو الائتمان خارج قطر خلال العام 2015 بنحو 38.1%. وقد بلغ الائتمان المحلي من إجمالي الناتج المحلي في 2015 نحو 109%، منه 69.7% ائتمانا خاصا، حيث بلغ إجمالي الائتمان بنهاية 2015 نحو 519.8 مليار ريال.. وبلغت الأوراق المالية الحكومية لدى البنوك التجارية في 2015 نحو 116.5 مليار ريال من مجموع 134.8 تشمل السندات والأسهم.