كيوبزنس QBusiness:
تشير توقعات الخبراء والمحللين الى ان الاقتصاد المصري سيتكبد خلال العام الجاري خسائر بنحو 1.1 مليار ريال اي ما يعادل نحو 303 ملايين دولار، والذي يمثل قيمة الصادرات من مختلف السلع المصرية نحو دولة قطر، وذلك نتيجة لانخراط جمهورية مصر العربية في الحصار الذي فرضته المملكة العربية السعودية الى جانب الامارات ومملكة البحرين على الدوحة، هو ما سيضيف اعباء جديدة على الاقتصاد المصري الذي يئن نتيجة للضغوطات التي تحاصره على جميع المستويات في ظل تراجع الاوضاع المعيشية للمواطنين المصريين.
وفقا لاحدث الاحصائيات الصادرة عن وزارة التخطيط والاحصاء التنموي القطرية، فقد بلغت واردات الدولة خلال الربع الاول من العام الجاري نحو 296 مليون ريال شملت العديد من السلع المختلفة بوزن اجمالي يصل الى نحو 60 مليون كيلوجرام، في حين تظهر الاحصائيات الاخرى ان إجمالي حجم التجارة القطرية مع مصر خلال العام الماضي بلغ نحو 1.2 مليار ريال اي ما يعادل نحو 325 مليون دولار منها نحو 1.03 مليار ريال صادرات مصرية نحو قطر اي ما يعادل 282 مليون دولار في المقابل تورد مصر من دولة قطر بنحو 156.5 مليون ريال اي ما يعادل 43 مليون دولار، حيث تستحوذ الصادرات المصرية على القسم الابرز من التبادل التجاري بين البلدين. في حين تشير الاحصائيات المصرية الى ان الثلث الاول من العام الجاري تعتبر دولة قطر من الاسواق التفضيلية لمصر بمعدل 2.7% وبقيمة تصل الى نحو 257.7 مليون ريال اي ما يعادل نحو 70.8 مليون دولار. كما اشار التقرير الى ان حجم التبادل التجاري بين جمهورية مصر العربية ودولة قطر خلال الثلث الاول من العام الجاري بلغ نحو 429.5 مليون ريال بما يعادل نحو 118 مليون دولار منها نحو 393.12 مليون ريال صادرات مصرية بما يعادل 108 ملايين دولار ونحو 36.4 مليون دولار واردات مصرية من دولة قطر.
سعر الصرف
وبلغ سعر صرف الدولار الامريكي مقابل الجنيه المصري خلال تعاملات امس الاحد 13 اغسطس نحو 17.77 جنيه لكل دولار امريكي، وعلى اعتبار ان سعر صرف الدولار الامريكي مقابل الجنيه عند هذا المستوى فان خسائر الاقتصاد المصري نتيجة الحصار ومقاطعته لدولة قطر، تقدر بنحو 5.5 مليار جنيه مصري.
ويتخبط الاقتصاد المصري خلال السنوات الثلاث الماضية في مستنقع من الازمات الاقتصادية التي ادت حشره في الزاوية رغم محاولات الاصلاح الاقتصادي المزعومة والشعارات التي يرفعها ويروجها لها النظام القائم، والتي كانت بدايتها تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الامريكي، حيث اسفرت خطوة البنك المركزي المصري عن عدة نتائج في الداخل والخارج المصري، لامست بشكل خاص الاقتصاد الذي يعاني من عدة صعوبات جعلت صندوق النقد الدولي يدعو الحكومة المصرية إلى اعتماد إصلاحات اقتصادية قبل تمكينها من قرض بقيمة 12 مليار دولار، ما يعادل 43.6 مليار ريال، ومن بين هذه الإصلاحات تعويم أو تحرير العملة مقابل الدولة، والذي اضر كثيرا بالمواطن في الداخل على حساب المواطنين في الخارج.
ميزانية المواطن
وانتهجت الحكومة المصرية في مخالفة لارادة شعبها عدة اجراءات موجعة عصفت بشكل مباشر بميزانية المواطن المصري البسيط الذي اصبح عاجزا تماما عن تغطية نفقاته اليومية الخاصة، ومنها زيادة زيادة اسعار الغاز والنفط، بعد ان تحمل اعباء اختلال ميزان الصادرات والواردات الامر الذي ادى الى ارتفاع معدلات التضخم مما ضاعف الطلب الجمعي، وقد يعني ذلك مزيدا من الضغوط على الطبقات الفقيرة، ونتيجة لذلك تراجع اسعار المنتجات المصرية بشكل حاد في الخارج لأن الجنيه المصري انخفضت قيمته كثيرا مقابل الدولار واليورو وغيرهما، في المقابل اصبحت الواردات أغلى كثيرا، وهو ما عقد الامر على المصريين ووضع حواجز كبيرة امامهم عند شراء الكثير من السلع المستوردة لارتفاع أسعارها بشدة ومن المفارقات العجيبة ان السلع المحلية المنتجة والمصنعة في مصر ارتفعت قيمتها واثقلت جيب المواطن الذي بات غير قادر على شراء “طبق من الكشري” الاكلة الشعبية والارخص نوعا ما بالنسبة للطبقة المتوسطة والفقيرة.
وتواجه مصر ازمة دين خارجي مرتفع حيث ارتفع من 67.3 مليار دولار في نهاية العام الماضي الى نحو 73.9 مليار دولار في نهاية الربع الاول من العام الجاري بارتفاع يساوي نحو 10%، وبما يمثل نحو 42% من الناتج المحلي الاجمالي، وستكون مصر خلال الفترة المقبلة مطالبة بسداد 1.7 مليار دولار خدمة ديون على المدى المتوسط والطويل منها نحو مليار دولار قرض مستحق لتركيا ونحو 500 مليون دولار تسوية مديونية لليبيا ونحو 100 مليون دولار تسوية مديونية للمملكة العربية السعودية، تضاف الى ذلك مديونية بقيمة 2.3 مليار دولار للشركات النفطية الاجنبية ومن المنتظر ان ترتفع مديونية مصر للشركات النفطية والطاقية خلال الفترة المقبلة حيث تنوي الحكومة المصرية استيراد 80 شحنة من الغاز الطبيعي المسال في السنة المالية 2017-2018.
الدين الخارجي
وتشير توقعات الخبراء الاقتصاديين المصريين الى ان الدين الخارجي المصري سيرتفع بحلول العام المقبل الى نحو 82 مليار دولار على ان يقفز بعد ذلك الدين الخارجي المصري بحلول العام 2020 الى نحو 102 مليار دولار.
في حين يمثل نصيب الفرد من الدين الخارجي المصري بنحو 13 الف دولار. كما اشار تقرير البنك المركزي المصري الى ارتفاع اجمالي الدين العام إلى 317 تريليون جنيه، بما يعادل 107% من الناتج المحلي الإجمالي، مع زيادة واضحة فى الدين الخارجي المتوقع أن يصل إلى 110 مليارات دولار. وقال صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد المصري مازال هشا، مشيرا إلى أن ارتفاع معدلات التضخم التي لامست 40%، أكبر خطر على مسيرة الاقتصاد وأضر التضخم بالفقراء داعيا الحكومة المصرية إلى مكافحة التضخم، مشيرا إلى إجراءات البنك المركزي الذي رفع سعر الفائدة 7% منذ تعويم الجنيه والاتفاق مع صندوق النقد لامتصاص السيولة من الأسواق.
وتعلق الحكومة المصرية امالا كبيرة على ان تحسن وكالة التصنيف الائتماني موديز في نهاية الشهر الجاري تصنيف مصر غير ان جميع المؤشرات الاقتصادية الصادرة مؤخرا تشير الى امكانية تخفيض التصنيف الائتماني المصري نتيجة ارتفاع تكلفة الدين العام وتراجع اقبال المستثمرين على ضخ استثماراتهم في مصر الامر الذي جعلها تتراجع من على خريطة الاستثمار العالمي.
مخاطر الحصار
وارتفعت اصوات اقتصادية مصرية داخلية تحذر من مخاطر الحصار الذي فرض على دولة قطر، معتبرين ان ذلك ستكون له تأثيرات سلبية على الشركات المصرية العاملة اما في الدولة قطر او الشركات القطرية العاملة في مصر. حيث تشير المؤسسة العربية لائتمان الاستثمارات في احدث تقاريرها الاحصائية الى وجود 9 مشاريع قطرية ضخمة في مصر وان حجم الاستثمارات القطرية المباشرة في مصر يصل الى نحو 16 مليار دولار امريكي ما يعادل نحو 58.2 مليار ريال قطري ونحو 284.3 مليار جنيه مصري خلال الفترة المتراوحية بين 2003 والعام 2016.
واعتبر خبراء ان الحصار سيؤثر على معدل تنفيذ التعاقدات الحالية بنسبة 30 إلى 35% ، حيث اشاروا الى ان الشركات المصرية كانت تتسابق للفوز بعقود بقيمة تتجاوز 5 مليارات دولار امريكي اضافة الى عقود توريد لعدد من المواد الاساسية بتحويلات مالية تتجاوز مليار دولار امريكي، مشيرين الى بعض الشركات المصرية التي تمتلك استثمارات ومنها شركات مختصة في التقنيات تبلغ تكلفة توريداتها بنحو 450 ألف ريال.
وفي حال قرر المستثمرون القطريون التخارج من السوق المصري فان حجم الخسائر المصرية ستتضاعف، خاصة ان قطر تحتل المركز الثاني في مصر بإجمالي استثمارات 104.8 مليون دولار في الربع الثاني من العام المالي 2016، مقابل 33.3 مليون دولار في الربع الأول من 2015 بزيادة قدرها 215%. ومن أبرز الشركات القطرية في مصر الديار القطرية، التي تنفذ مشروع “نايل كورنيش” بقيمة 424.3 مليون دولار، ومنتجعا سياحيا في شرم الشيخ بقيمة 79.5 مليون دولار، وتوفر هذه المشروعات نحو 6 آلاف فرصة عمل، حسب بيان للشركة.