الدوحة – قطر
أكد سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت وزير التخطيط التنموي والإحصاء أن دولة قطر أثبتت قدرة في مواجهة مختلف التحديات الاقتصادية وكفاءة في التعامل معها ولديها رصيد واسع وتجربة ثرية من النجاحات في هذا المجال.
جاء ذلك في محاضرة له مساء الأربعاء، بحضور عدد من أصحاب السعادة السفراء وممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة، ومسؤولين في الدولة وذلك في إطار “اللقاء الدبلوماسي” الذي ينظمه المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية.
وتحدث سعادته خلال اللقاء الذي احتضنه النادي الدبلوماسي عن الوزارة ورسالتها ومهامها ووظائفها، مستعرضا بشكل موجز ورؤية قطر الوطنية 2030 وركائزها التنموية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
كما تطرق إلى استراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016، والتجارب والدروس المستفادة منها لتطوير استراتيجية جديدة للأعوام 2017-2022، وأهم التحديات التنموية التي تواجه الدولة على المدى المتوسط والبعيد.
وقال سعادته إن دولة قطر مثل غيرها من دول العالم تواجه تحديات تنموية مستجدة على المدى المتوسط والبعيد، مشيرا إلى أن زيادة السكان بمعدلات مرتفعة نتيجة العمالة الوافدة، والمالية العامة، والتنويع الاقتصادي هي من أبرز التحديات التي تواجه الدولة وتواجهها عدد من دول العالم.
وأوضح أن عدد السكان زاد بمعدل 7 بالمائة سنويا خلال السنوات الخمس الأخيرة جراء استقدام المزيد من العمالة الوافدة استجابة لمتطلبات التنمية مما خلق في المقابل تحديات تنموية مختلفة ومنها الضغط على قطاع الخدمات.
وعن تحدي المالية العامة أوضح أن التذبذبات في المصدر الأساسي من مصادر المالية العامة وهو النفط والغاز تخلق تحديات مستمرة وتجعل التوقع المستقبلي صعبا.
وأضاف “في ظل المستجدات المتعلقة بالكميات المنتجة من النفط والغاز وأسعارها وارتفاع مستوى التحديات في سوق الهيدروكربون فإن انضباطا أكبر أصبح ملحا في تقدير وإنفاق الميزانية التنموية لكافة البرامج والمشاريع”.
كما نبه إلى أن الحاجة ملحة للنظر في قضايا مثل ترشيد الدعم وتوجيهه نحو الفئات المستهدفة وتطوير النظام الضريبي ودعم جانب الإيرادات في الميزانية.
وأشار إلى أنه بسبب الخطة الطموحة في الاستثمار والبنى التحتية تنشأ مخاطر جدية في تأخير بعض المشاريع الكبرى وذكر على سبيل المثال (الطاقات الاستيعابية للمخازن والمنافذ والمعروض من المواد الأولية وارتفاع تكلفة المشاريع)، مشددا على ضرورة وضع جدول زمني للمشروعات ووضع أولويات واضحة “حيث إن هناك تحديات إدارية وتشريعية في إدارة هذه المشاريع”.
وحول تحدي التنويع الاقتصادي أكد سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت وزير التخطيط التنموي والإحصاء أن الاقتصاد المعرفي هو خيار استراتيجي مهم في الأجل الطويل في خيار التنويع “وهو مناسب تماما لطبيعة دولة قطر”، منوها بأن تمكين هذا النوع من الاقتصاد يتطلب جهودا حثيثة على كافة الصعد البنيوية والإدارية.
وقال إن “التنويع الاقتصادي تحد حقيقي وهناك الكثير من البرامج التي نفذناها وننفذها بحيث يكون الاقتصاد قادرا على استيعاب الصدمات الخارجية واعتقد أن تجارب السنوات الماضية أثبتت أنه كان أفضل من الاقتصاديات الأخرى في امتصاص الصدمات والتعامل معها”.
كما تطرق سعادته إلى تحديات الأمن الغذائي والمائي لكنه أكد على أن هناك خطوات مهمة تم اتخاذها في هذا المجال، داعيا إلى الاستمرار فيها لضمان الاستدامة.
ولفت سعادة وزير التخطيط التنموي والإحصاء إلى أن دولة قطر كسائر دول العالم تواجه تحديات تنموية كبيرة خاصة بها وعلى رأسها التحديات تلك التحديات المذكورة وتضمنتها رؤية قطر الوطنية 2030.
كما أشار إلى أن دولة قطر تشارك الأسرة الدولية تحديات وهموما تنموية ذات طبيعة مشتركة ومن أهمها التغير المناخي والتحديات البيئية واستدامة الازدهار الاقتصادي للأجيال المقبلة.
وقال إن الدولة تدرك جيدا أن تجاوز هذه التحديات يتطلب التعاون مع الأسرة الدولية وتبادل المعلومات والخبرات، مؤكدا أن دولة قطر ممدودة اليد بشكل دائم لهذا التعاون ولتبادل الخبرات والبيانات والمعلومات مع شركاء التنمية على المستوى العالمي.
وحول التجارب المستفادة من استراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016 أوضح سعادته أن هذه الاستراتيجية واجهت تحديات كان من بينها بناء ثقافة التخطيط ووضع الأهداف وتحديدها وقياسها وتقييمها، وقال “هذه الثقافة من الصعب تحقيقها بين عشية وضحاها في أجهزة تنفيذية تعمل منذ عشرات السنين لكن قطر حققت قدرا كبيرا في هذا المجال”.
وأضاف أن من الصعوبات في هذه الاستراتيجية التي تعد الأولى في إطار رؤية قطر الوطنية 2030 “أنها كانت طموحة إلى حد بعيد كونها وضعت في ظروف معينة وهو ما قد يعيق عملية التنفيذ”.
ولفت إلى أنه على الرغم من هذا التحدي إلا أن هناك الكثير من الأهداف التي تم تحقيقها وأخرى في طريقها للتنفيذ فيما تحقق بعضها بشكل جزئي.
وبين أن الاستراتيجية الثانية 2017-2022 التي بدأ التحضير لها ستكون بأهداف واقعية وبرامج موائمة لتلك الأهداف وأكثر قربا من الجهاز التنفيذي وخصوصا بعد أن تحددت وبشكل واضح اختصاصات الوزارات والمؤسسات المعنية بتنفيذ هذه الخطط والاستراتيجيات.
وتضمنت محاضرة الدكتور صالح النابت عرضا لجهود وزارة التخطيط التنموي والإحصاء في إطار اختصاصاتها المتعلق بالتنمية من خلال وضع وتطوير الرؤية الشاملة للدولة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وإعداد استراتيجيات التنمية الوطنية، ومتابعة تنفيذها، ودعم عملية التخطيط في الجهات الحكومية وغيرها من المهام في هذا المجال.
كما تطرق سعادته إلى وظيفة الوزارة في تطوير نظام إحصائي متكامل، وإجراء العمليات الإحصائية الرسمية وتنظيمها والإشراف عليها، وتنفيذ التعدادات والمسوح المختلفة ونشر البيانات والمنتجات الإحصائية.
وأشار في هذا السياق إلى جملة التطورات في النظام الإحصائي للدولة والتي أثمرت مؤشرات عديدة متاحة للجميع على موقع الوزارة وهو ما انعكس على ترتيب الدولة في الكثير من التقارير التنموية والاقتصادية الدولية بعد أن وفرت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء إحصاءات دقيقة للمؤسسات الدولية المعنية بإصدار هذه التقارير.
وأعلن أن الوزارة انتهت من التحضير للاحتفال باليوم الوطني للإحصاء الذي يصادف 20 أكتوبر من كل عام، وقال “إن احتفال هذا العام سيكون متميزا ومختلفا وسيعكس جملة التطورات في القطاع الإحصائي”.