دبي – الإمارات
تجاوزت قيمة عقود البناء والتشييد التي جرى ترسيتها في سوق المقاولات خلال النصف الأول من العام الجاري 2015 أكثر من 17 مليار درهم تقريباً في دولة الإمارات أغلبها كانت من حصة دبي، وجاءت القيمة الإجمالية أكبر من توقعات المراقبين والمتابعين لسوق الإنشاءات الذين تحدثوا عن عقود لا تتجاوز 10 مليارات درهم، وبلغ عدد العقود الموقعة أكثر من 30 عقداً لا تشمل عقود الباطن بين المقاولين الرئيسيين والفرعيين.
وطبقاً لبعض الاستطلاعات فإن قيمة عقود مشاريع البناء المتوقع ترسيتها في الدولة خلال العام الجاري قد تتجاوز 42 مليار درهم، وكانت ديليوت قالت في تقرير نشرته أنها تتوقع أن تبلغ قيمة العقود في دول التعاون الخليجي نحو 176 مليار درهم منها عقود أرستها دولة الإمارات في الربع الأول بقيمة 6.69 مليارات درهم.
بنية تحتية
من بين العقود التي تم رصدها عقود لتنفيذ البنية التحتية وأخرى لتطوير مشاريع خدمية تخدم أغراض السكن والضيافة والترفيه، ففي شهر مايو الماضي اعتمد مجلس إدارة هيئة الطرق والمواصلات ترسية عقد مشروع مداخل جزيرة (بلو ووترز) الذي تنفذه الهيئة بالتعاون مع مجموعة مراس القابضة، بتكلفة 475 مليون درهم، وتعد الجزيرة الواقعة قبالة شاطئ جميرا بيتش ريزيدنس إحدى أهم الوجهات السياحية المميزة والأكثر جذباً في الدولة.
وبدأت أعمال البناء في المشروع الذي يهدف إلى ربط توصيلات الجسور المؤدية لجزيرة (بلو ووترز) مع تقاطع بحيرات جميرا التقاطع رقم (خمسة ونصف 5.5) على طريق الشيخ زايد، ويتكون مدخل الجزيرة من جسر رئيس بمسارين للمركبات في كل اتجاه بطول نحو 1400 متر وعرض 25 متراً، بالإضافة لمسارين بعرض قرابة خمسة أمتار ونصف المتر تخصص لعربات النقل الآلي (لنظام النقل الشخصي) المزمع تجهيزها لتسهيل حركة تنقل الزوار من وإلى محطة المترو (نخيل هاربر اند تاورز) على شارع الشيخ زايد القريبة من الجزيرة.
جزر ديرة
ففي شهر يونيو الماضي من العام الجاري عينت شركة التطوير العقاري «نخيل»، شركة «فان أورد» مقاولاً لأعمال الهندسة البحرية وذلك لتجهيز 23.5 كيلومتراً من السواحل وكواسر الأمواج في مشروع «جزر ديرة»، الواجهة البحرية الجديدة لدبي الممتدة على مساحة 15.3 كيلومتراً مربعاً.
ويشتمل العقد الذي تبلغ قيمته 387 مليون درهم، على أعمال: شواطئ رملية، أرصفة بحرية، حماية حجرية، بالإضافة إلى إنشاء كاسر أمواج في مشروع «جزر ديرة»، والذي من المقرر أن يثري منطقة ديرة بدبي ويجعلها مركزاً عالمياً للسياحة، والعيش، والتجزئة والترفيه، حيث تبلغ التكلفة الإجمالية للأعمال الساحلية نحو 550 مليون درهم.
وسيتضمن العقد الذي تبلغ مدته عامين – والذي يعتبر أولى مراحل الأعمال البحرية لشركة «نخيل» في «جزر ديرة» – شواطئ رملية بطول 8.5 كيلومترات، أرصفة بحرية بطول 3.5 كيلومترات، وحماية حجرية بطول 9.5 كيلومترات لجزيرتين من جزر ديرة الأربع، كما يشمل نطاق العمل أيضاً تطوير الواجهة الجنوبية (بطول 4 كيلومترات) للجزيرة الجنوبية التي تبلغ مساحتها 4.5 ملايين متر مربع، لاستيعاب ما يزيد على 500 مربط لليخوت وقوارب النزهة بأنواعها، بالإضافة إلى إنشاء كاسر أمواج بطول 2 كيلومتر.
ويذكر أن «نخيل» قد تعاقدت في السابق مع شركة «فان أورد» لأعمال الحفر البحرية وذلك لمشاريعها في الواجهة البحرية الشهيرة على مستوى العالم في دبي، بما في ذلك «نخلة جميرا» و«جزر العالم» والتي أضافت 300 كيلومتر إلى سواحل دبي، كما أن مشروع «جزر ديرة» سيضيف 40 كيلومتراً أخرى إلى سواحل دبي، بينها 21 كيلومتراً واجهة شاطئية.
يعتبر مشروع «جزر ديرة»، واحداً من عدة مشاريع جاري تطويرها من قبل شركة «نخيل» وذلك تماشياً مع رؤية حكومة دبي السياحية، كما أن المشروع يمهد الطريق لتطوير المئات من الفنادق والشقق المفروشة والمباني المتعددة الاستخدامات والمراسي، حيث ستتولى «نخيل» تطوير الجزيرة الجنوبية بمجموعة من معالم الجذب بما في ذلك السوق الليلي في جزر ديرة، ديرة مول، وأبراج جزر ديرة والبوليفارد.
ويتوقع أن تبلغ قيمة عقود تنفيذ الأعمال الإنشائية لمشاريع «نخيل» المختلفة التي ستمنحها لقطاع المقاولات المحلي خلال العام الجاري 10 مليارات درهم بنمو 89% مقارنة بـ2014 التي سجلت 5.3 مليارات درهم، وتمضي نخيل في تطوير وتنفيذ مشاريعها التي أطلقتها خلال السنوات القليلة الماضية وما تستعد للكشف عنه في المستقبل القريب في مختلف المناطق التطويرية المملوكة لها في سوق عقارات دبي.
ووقعت الشركة عقود بناء ضمن «نخلة جميرا» و«جزر ديرة» و«قرية جميرا» وغيرها التي تم الكشف عنها خلال الأشهر الماضية مثل «بالم اور» و«ذي بالم جيت وي» و«الخيل أفنيو».
ستي لايف
وفي يونيو الماضي أرست آر سيليكت، التابعة لـ «آر القابضة»، عقداً بقيمة 75 مليون درهم لشركة برستيج للإنشاءات ذ.م.م لتطوير مشروعها «سيتي لايف الخور» الذي يقع في عجمان، وتبلغ تكلفة المشروع برمته 120 مليون درهم ويتوقع أن يكون إحدى أبرز الوجهات العائلية في الإمارة. وكانت آر سيليكت طورت ثلاثة مراكز تجارية في الجرف (بتكلفة 65 مليون درهم)، وفي الحميدية (بتكلفة 65 مليون درهم)، وفي الزورا ( بتكلفة 90 مليون درهم) تحت اسم العلامة التجارية سيتي لايف، وأطلقت أخيراً سيتي لايف الخور، وتبلغ مساحة البناء فيه 120,000 قدم مربعة، ويسهم مشروع سيتي لايف في تحفيز اهتمام المستثمرين في إمارة عجمان.
إعمار
وفي يوليو أرست إعمار العقارية عقداً قيمته 844 مليون درهم مع شركة الغاندي واتحاد المقاولين العالمية «ايه جي سي سي» لبناء مشروع «ذا هيلز». وتواصل الشركة توقيع عقود مقاولات لتطوير مشروعاتها بشكل مستمر، كجزء طبيعي من أعمالها المعتادة، ويتمثل النشاط الرئيسي لـ «إعمار» في ممارسة أعمال التنمية والتطوير العمراني، وإدارة العقارات التجارية والسكنية، وتقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إدارة
وفي شهر يوليو الماضي كلفت شركة مركز دبي المالي العالمي شركة «تيرنر» بعقد إدارة مشروع مركز بيع التجزئة الذي تعتزم إنشاءه ضمن المنطقة الحرة للمركز بتكلفة 475 مليون درهم، ونفذت تيرنر سابقاً مشاريع لشركة مركز دبي المالي العالمي منها مشروع البوابة الرئيسية. وينتظر أن تطرح مناقصة تنفيذ المشروع الذي يستغرق 14 شهراً، في أكتوبر المقبل، حيث كانت الشركة قد تسلمت عروض الشركات الاستشارية المتنافسة على عقد إدارته في مايو الماضي، ويتضمن العقد بناء مركز تجاري يضم 60 ألف متر مربع من مساحات بيع التجزئة، ويتم تنفيذه في إطار توسعة الشركة الهادفة إلى مضاعفة حجم مركز دبي المالي ثلاثة أضعاف بحلول عام 2024.
مرسى دبي
بلغت قيمة التعاقدات لتنفيذ حزمة أبراج سكنية وفندقية في مرسى دبي الشهير أكثر من 3 مليارات درهم خلال النصف الأول وذهبت العقود لتنفيذ مشروعات يتوقع تسليمها في العام 2017 وعددها تسعة مشروعات، هي: مشروع دوتشي فيتا ومشروع مارينا ستار ومشروع ستيلا هوتيل ومشروع مارينا اركايد ومدائن هوتيل ومشروع دبي مارينا هوتيل اند تاور ومشروع 9 تاور ومشروع بلوووم تاور ومشروع مارينا 106، ولن يتبقى غير 3 مشاريع لعام 2018 هي بانتمنيوم تاور مشروع الدعاء تاور ومشروع اورا هاربور.
لفت رجل الأعمال الدكتور أحمد سيف بالحصا رئيس جمعية المقاولين بالدولة، إلى أن الوقت الراهن مناسب جداً لتطبيق عقود الفيديك في سوق الإنشاءات المحلي بالكامل، لا سيما وأن ذلك النوع من العقود يعد الأكثر شيوعاً في تنظيم مقاولات البناء في جميع دول العالم لأنها تضع إطاراً تعاقدياً مسبقاً لتخطي المستجدات في عملية إنجاز المشروع، ومن تلك المستجدات زيادة أو خفض أسعار تكلفة عملية الإنجاز ومنها سعر الوقود.
وشدد بالحصا على أن تحديد سعر الوقود شهرياً مهم جداً لأنه يوفر أرضية مثالية لتطبيق عقود الفيدك العالمية لأنه لن يترك أمام مالك المشروع والمقاول غير خيار واحد هو خفض بند تكلفة الوقود أو زيادتها من التكلفة الإجمالية حسب السعر السائد وقت تنفيذ عمليات إنجاز المشروع.
مؤكداً أن قطاع الإنشاءات من بين أكثر القطاعات الاقتصادية استفادة من السعر الجديد، لا سيما وأن القرار يأتي على خلفية الدراسة التي قامت بها وزارة الطاقة في الدولة مقارنة بالأسعار العالمية للمشتقات البترولية، والتي أثمرت عن قناعة تامة من انخفاض أسعار بيع الديزل عن مستوياتها الحالية.
ووصف بالحصا قرار تحرير الوقود بالتطور اللافت في الطريقة التي تتعامل بها الدولة مع الاستحقاقات الاقتصادية المحلية والعالمية، ولفت إلى أن من الضروري التثقيف بأن الدراسات المختصة تشير إلى أنه وعلى الرغم من تحرير الأسعار، ستظل أسعار الوقود في دولة الإمارات هي الأقل بالنسبة لدخل الفرد، مقارنة بأسواق الدول المجاورة أو الأسواق العالمية.
مكاسب
من جهته، قال العضو المنتدب لشركة إعمار العقارية أحمد المطروشي، إن أسعار المحروقات مرتبطة إلى حد كبير بكلفة البناء والتشييد، مؤكداً أن توقعاته الشخصية عشية صدور قرار تحرير أسعار الوقود الأسبوع الماضي كانت صحيحة 100%، إذ توقع تراجعاً كبيراً في سعر الديزل وهو ما تحقق بنسبة تصل إلى الثلث تقريباً من أسعاره السائدة قبل ذلك القرار.
وأوضح المطروشي أن المكاسب كبيرة بالنسبة للمطورين والمقاولين على حد سواء لكن المهم أن يكون المكسب الأكبر من حصة المستهلك، فعندما يخفض المقاول سعر تنفيذ المشروع فذلك يقود المطور إلى خفض أسعار البيع أو الإيجار وهذا بالتأكيد ما يجعل المستهلك النهائي هو المستفيد الأكبر.
وأشار المطروشي إلى أن ثمار الخطوة لن تتوقف عند دعم قطاع الإنشاءات بل تمتد إلى أنشطة اقتصادية مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بأنشطة عدة، إذ إن كلفة الوقود تؤثر في أسعار البناء وبالتالي تؤثر في كلفة المعيشة في الشق المتعلق بتملك العقارات، لكن قد لا يطال الإيجارات.
وأضاف المطروشي أن قطاع الإنشاءات يتأثر بشكل مباشر بكلفة المحروقات والقرار يدعم مرونتها في خفض أسعار التنفيذ وتحقيق عائدات جيدة، هذا غير أن أسعار الديزل ستصبح لاعباً مؤثراً في عملية التسعير، ما يخدم المقاولين ومن ثم ملاك المشاريع وصولاً للمستخدم النهائي.
تأثيرات
يلعب الديزل دوراً مهماً في تسريع وتيرة توقيع العقود الجديدة بحسب الدكتور أحمد سيف بالحصا رئيس جمعية المقاولين بالدولة.
وقال إن الديزل حفز عدداً كبيراً من المقاولين والمطورين للبدء بتفاهمات لتنفيذ مشاريع عمرانية، ذلك أن نتائج تحرير الوقود ومنها الديزل الذي انخفض بنسبة 30% تقريباً محسومة لصالح تسريع التعاقدات الجديدة وتجديد القائم منها.