في أواخر ديسمبر الماضي، امتدت المفاوضات حول موازنة الأمم المتحدة حتى وقت متأخر من الليل بين الدول الـ193 الأعضاء وغالبا ما كانت تتحول إلى مساومات بحسب دبلوماسيين. وطرحت أرقام عدة بينما تقدمت بعض الدول بمطالب غير مبررة ودخلت المفاوضات في تفاصيل التفاصيل، وعلق دبلوماسي تابع المحادثات الماراثونية عن كثب «هكذا تجري الأمور». في الختام، تبنت الأمم المتحدة موازنة لعامي 2018 و2019 بقيمة 5.397 مليار دولار بخفض 5% بالمقارنة مع موازنة 2016 – 2017 والتي بلغت 5.683 مليار دولار. أما ميزانية مهمات السلام فهي منفصلة وتم إقرارها في يونيو الماضي وبلغت 7,3 مليار دولار.
وفي أواخر ديسمبر، كانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أول من أصدر تقريرا أشادت فيه بدور بلادها وراء خفض الموازنة قائلة إن «المنافسة كانت عادلة»، لكن دبلوماسيا غربيا رفض الكشف عن هويته نفى ذلك.
وسعت هايلي منذ توليها منصبها قبل عام إلى خفض حصة بلادها المساهم المالي الأول في الأمم المتحدة. يقول دبلوماسيون إن ذلك في الواقع يتجاهل جهود الدول الأعضاء الأخرى لخفض الميزانية. لكن واشنطن يمكن أن تواصل الدفع من أجل خفض «جذري» في الأموال المخصصة للأمم المتحدة، بحسب أحد الدبلوماسيين. وأشار دبلوماسي آخر إلى أن جميع الدول «كانت موافقة للمرة الأولى على خفض النفقات» في موازنة 2018 – 2019، بعد أن كانت الدول الغربية في الماضي تطالب باقتطاعات إزاء معارضة الدول النامية. وبدأت المساومات منذ ديسمبر 2016 وعرضت الدول الأعضاء على الأمين العام 5.395 مليار دولار لإعداد الميزانية المقبلة، وتابع المصدر أن المسألة كانت بالنسبة إلى البعض «خطا أحمر» بينما اعتبرها آخرون «تقديرا أوليا يمكن تجاوزه لاحقا». طيلة العام 2017، عمل خبراء في الأمانة العامة على توزيع الموازنة وعادوا بحلول الخريف مع رقم 5.532 مليار دولار عدلته هيئة استشارية إلى 5.493 مليار دولار. وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أن الدول الأعضاء في الجمعية العامة دخلت عندها على الخط لتطالب كلها بتخفيضات. الولايات المتحدة كانت الأكثر تشددا وطالبت بخفض 250 مليون دولار أي بموازنة من 5.243 مليار دولار وأعطت لائحة بأماكن التوفير من بينها عدم دفع أي مبالغ للفلسطينيين وتجميد التوظيف وتجميد الرواتب وغيرها.
وقال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي يطالب في الوقت نفسه بخفض من 160 مليون دولار والمكسيك من 80 مليونا ومجموعة الـ77 بـ60 مليونا والدول الإفريقية 40 مليونا. وأوضح خبير في الملف دون الكشف عن هويته «إنه فارق كبير. لقد اضطر الجميع إلى التنازل قليلاً»، ما أدى إلى جولة جديدة شملت اقتراح اقتطاعات مقبولة من الدول الأخرى، من أجل التوصل إلى موازنة موحدة. وكانت وثائق العمل التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس تدخل في التفاصيل: استشاريون ورحلات ومساعدات ومواد عينية وغيرها ونسب خفض مئوية في كل سطر وأحيانا كثيرة استثناءات بحسب المناطق. وأشار دبلوماسي إلى أن هايلي «كانت تميل إلى المبالغة في النتيجة لكنها حصلت على أقل مما طالبت به». وطلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في إطار الإصلاحات التي يريد القيام بها أن تعود المنظمة الدولية في العام 2020 إلى موازنة سنوية، مشددا على ضرورة ضمان المرونة وتجاوز مخاطر معدلات الصرف على المدى الطويل. وكانت موازنة الأمم المتحدة سنوية حتى العام 1973 عندما انتقلت إلى عامين لتفادي بلوغ الأمم المتحدة «مستوى الخطر» كل عام، بحسب أحد الدبلوماسيين.