كيو بزنس Q Business:
في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات، فإن استمرار نمو الإنتاج الأمريكي والاتفاق النفطي الروسي-السعودي الجديد يطرحان تساؤلاً حول ما إذا كان السوق يدخل حقبة جديدة. يبحث تحليل QNB التالي في عوامل العرض والطلب في سوق النفط ويخلص في الختام إلى تحديد توقعات البنك للعام المقبل.
من المرجح أن تستمر الزيادة الطفيفة في الطلب على مدى الأشهر المقبلة قبل أن يتحقق ارتفاع في العرض. ومن المتوقع أن يصل السوق إلى توازن فضفاض بنهاية هذا العام.
وحتى الآن في عام 2018، بلغ متوسط أسعار مزيج برنت 73 دولار أمريكي للبرميل، مرتفعاً عن 55 دولار أمريكي في عام 2017 و44 دولار أمريكي في عام 2016. وقد ارتفعت الأسعار بنسبة 27% منذ بداية العام حتى الآن، وتراوحت حول مستوى 85 دولار أمريكي في بداية أكتوبر. وكان هناك عدد من العوامل التي ظلت تدفع بأسعار النفط لأعلى مما كان متوقعاً في عام 2018 من منظور العرض والطلب.
في جانب الطلب، يمضي الناتج المحلي الإجمالي العالمي في طريقه لتحقيق أقوى نمو له منذ عام 2011، وهو ما يحفز لاستهلاك كبير للنفط. ووفقاً لوزارة الطاقة الأمريكية، من المتوقع أن يصل متوسط الطلب العالمي على النفط الخام إلى 100 مليون برميل في اليوم في العام 2018.
من المنتظر أن تظل آفاق نمو الطلب في 2019 في وضع جيد. ومن المتوقع أن يتباطأ النشاط قليلاً في الولايات المتحدة، لكن، سيقابل ذلك نمو قوي في نشاط التصنيع العالمي وفي أغلب اقتصادات الأسواق الناشئة. وإجمالاً، تتوقع وزارة الطاقة الأمريكية أن يبلغ متوسط الطلب 102 مليون برميل في اليوم في 2019.
ومن جهة الإمداد، هناك عاملين رئيسيين مختلفين في 2018. أولاً، سيتباطأ إنتاج النفط الصخري الأمريكي، الذي شهد ازدهاراً بعد ما عرف “بثورة النفط الصخري”، بشكل مؤقت وذلك بسبب اختناقات في البنية التحتية. ففي حين ارتفع الإنتاج الأمريكي بإجمالي 1 مليون برميل في اليوم حتى الآن في هذا العام، فإن محدودية شبكة الأنابيب في المنطقة الرئيسية لإنتاج النفط الصخري في حوض بيرميان غرب ولاية تكساس تشكل تهديداً بالحد من نمو الإمداد إلى مستويات أقل مما كان متوقعاً في السابق. وتشير زيادة عدد الآبار المحفورة وغير المستكملة في حوض برميان (وهو مقياس رئيسي لتأخر الإنتاج لدى منتجي النفط الصخري الأمريكي) إلى تباطأ تباطؤ نمو الإمداد في المدى القصير مع تأخير المنتجين للإنتاج في انتظار تدعيم الطاقة الاستيعابية لشبكة الأنابيب
ثانياً، ظل المشاركون الرئيسيون في اتفاق أوبك +، بما في ذلك المصدرون في منطقة مجلس التعاون الخليجي وروسيا، يلتزمون بخفض الإنتاج حسب الحصص التي خصصت لهم ما بين 2016 و2017.
وبالإضافة إلى ذلك، تؤثر اضطرابات غير اعتيادية في الإمداد على منتجين مهمين، بما في ذلك أعضاء في منظمة أوبك مثل فنزويلا وإيران. فقد أدت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة إلى تراجع انتاج فنزويلا في عام 2018. كما أثر الإعلان الأمريكي بإعادة فرض عقوبات على إيران بالفعل على قطاع النفط الإيراني، وتقدر وكالة بلومبيرغ أن إنتاج إيران قد انخفض بين مايو وسبتمبر 2018. وتتطلب مثل هذه التطورات مجهوداً إضافياً من جانب الدول الرئيسية في أوبك + للتعويض عن الفاقد وموازنة السوق. وأكدت روسيا والسعودية عزمهما على خلق توازن في مقابل هذا التراجع في الإنتاج، فقد اتفق كلا البلدين على زيادة الانتاج قبيل الاجتماع الأخير الذي عقد في الجزائر العاصمة، مع توقعات بأن يصل الانتاج السعودي إلى مستوى قياسي يبلغ 11 مليون برميل في اليوم بنهاية عام2018.
وتشير توقعات 2019 إلى زيادة في المعروض من متوسط 100 مليون برميل في اليوم في عام 2018 إلى 102 مليون برميل في اليوم. ومن المقرر أن تنتهي اتفاقية أوبك + في نهاية 2018، وما سينجم عن ذلك من إطلاق لكميات إضافية من المعروض. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي لإنتاج النفط الصخري الأمريكي أن يعاود الارتفاع مع زيادة الطاقة الاستيعابية لخطوط الأنابيب القادمة من حوض بيرميان بحلول منتصف عام 2019. ويمكن أن تبلغ صادرات النفط الخام الأمريكي، المحددة حالياً بسقف يبلغ حوالي 2 مليون برميل في اليوم بفعل قيود البنية التحتية، إلى 3 مليون برميل في اليوم بنهاية 2019.
باختصار، أدى استمرار الفائض في الطلب إلى سحب المخزونات التجارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منذ الربع الثالث لعام 2016 ، من 3.1 إلى 2.8 مليار برميل في الوقت الحالي. ويقترب هذا بدرجة كبيرة من مؤشر متوسط الخمس سنوات، وهو الهدف المعلن لاتفاق خفض إنتاج الأوبك. باختصار ، يشهد سوق النفط في رأينا توازنًا فضفاضاً. لذلك ، نتوقع أن يبلغ متوسط سعر النفط السنوي حوالي 72 دولارًا أمريكيًا للبرميل. وبالنسبة لعام 2019، تشير أسعار العقود الآجلة إلى متوسط 82 دولارًا أمريكيًا للبرميل، وتشير التوقعات الإجمالية إلى 73 دولارًا أمريكيًا للبرميل. ومن ثم، تشير التوقعات إلى أن فائض الإمداد المعتدل قد يدفع الأسعار إلى الانخفاض نحو متوسط توقعاتنا البالغ 69 دولارًا للبرميل لعام 2019.