كيو بزنس Q Business:
تلعب الأسواق الناشئة دوراً محورياً في مجال التنقيب عن العملات الرقمية؛ ويرجع ذلك إلى إمكانات التصنيع الهائلة وتوفر الطاقة الكهربائية ذات التكلفة المنخفضة في بعض الاقتصادات الناشئة.
بقلم “جيكوب باونسي”، محلل العملات الرقمية لدى “ساكسو بنك”.
وتضطلع الصين بدور رائد وعلى نطاق واسع في القطاع لأسباب عديدة: أولاً، يدير معظم المصنعين – الذين يقومون بإنتاج الأجهزة المصممة خصيصاً للتحقق وتأمين شبكات العملات الرقمية – عملياتهم التشغيلية انطلاقاً من الصين. ثانياً، تحظى الصين بأضخم معدل ’هاش‘ (أو قوة معالجة البيانات) بالمقارنة مع أي بلد آخر. وتشير معظم الإحصائيات إلى أن مساهمة الصين في شبكة البيتكوين تبلغ أكثر من نصف إجمالي قدرات التنقيب العالمية، ما يعني بأن معظم الإيرادات المتأتية من تأمين شبكات العملات الرقمية تتدفق نحو المشغّلين الصينيين.
ومن خلال الاكتتاب العام الأولي الذي تم طرحه مؤخراً على ثلاث من أضخم شركات تصنيع أجهزة العملات الرقمية، ستتيح “بورصة هونغ كونغ” الفرصة أمام المستثمرين للوصول إلى 85% من أجهزة التنقيب عن العملات الرقمية عبر توفير إيرادات مجزية، فضلاً عن فرصة الحصول على حوالي 40% من جوائز التنقيب عن البيتكوين، وهو الأمر الذي من شأنه تعزيز حضور الصين كمركز رئيسي للعملات الرقمية فيما يتعلق بالوصول إلى البنى التحتية لهذا القطاع.1
أما خارج الصين، فتقوم الكثير من البلدان مثل فيتنام وفنزويلا بحظر دخول أجهزة التنقيب عن العملات الرقمية إلى أراضيها في محاولة منها للتحكم بالتدفقات المالية. وتشير دراسة أجريت خلال هذه العام إلى أن تكاليف التنقيب عن عملة البيتكوين الواحدة في فنزويلا قد بلغت 532 دولار أمريكي. ومن المرجح بأن يكون سبب هذا الارتفاع في التكلفة نتيجة لزيادة صعوبة إنتاج عملة البيتكوين بمقدار يفوق الضعف. ويلجأ المواطنون في فنزويلا وعدد من الاقتصادات الناشئة عادة إلى العملات الرقمية للحفاظ على قيمة مدخراتهم في ظل التضخم الهائل الذي يطال بلدانهم.
من ناحية ثانية، يعتقد البعض بأن العملات الرقمية تتسم بالتقلّب وتشكل محفظة ضعيفة للقيمة، في حين يرى آخرون ممن يعيشون ضمن البلدان ذات الاقتصادات الناشئة وتحت نير الأنظمة المالية القمعية بأن العملات الرقمية تشكل آلية فاعلة لحماية الثروات وحفظ القيمة. وسواء كانت الحاجة إلى استخدام العملات الرقمية تتمثل في توفير محفظة للقيمة خارج إطار الرقابة ولا يمكن مصادرتها مثل الأشياء المادية، أو في إتاحة وسيلة مستقرة نسبياً لإنجاز المعاملات المالية اليومية؛ فإن حالات الاستخدام في الاقتصادات الناشئة غالباً ما تختلف عن مثيلاتها في الاقتصادات المتقدمة والأسواق المالية المستقرة.
وتشير توقعاتنا للربع الأخير من العام الحالي بأن الأسواق الناشئة ستواصل لعب دور متنامٍ في نمو استخدام العملات الرقمية واعتمادها . بينما ستحافظ الصين على حضورها المهيمن على منظومة التنقيب العالمية عن العملات الرقمية بالرغم من التنوع الجغرافي الذي شهدته الشركات المحلية مؤخراً وتنامي حدة المنافسة مع الشركات خارج البلاد. وخلال فترة التالية التي ترتفع فيها الأسعار، فإننا نتوقع نمواً مستمراً واستثنائياً لسوق التنقيب عن العملات الرقمية. وسيتيح رأس المال الذي سيتم جمعه خلال عمليات الاكتتاب العام الأولي الفرصة أمام المستثمرين لدخول سوق العملات الرقمية من أوسع أبوابه، فضلاً عن منح الشركات في القطاع الكثير من الموارد لمواصلة تطوير أجهزة جديدة. وتبدو الأسواق الناشئة الأكثر تعثراً كما لو أنها أشبه ما تكون بعصافير كناري في منجم فحم. ومع تنامي حالة انعدام اليقين والمخاطر الجيوسياسية، يمكن لقيمة العملات الرقمية أن ترتفع مجدداً فيما إذا مر النظام المالي العالمي بمحنة جديدة. من الصعب تحديد قيمة العائدات وموقع معدل ’هاش‘ بدقة نظراً للطبيعة المنفتحة التي تتسم بها بعض من أضخم مجمعات التعدين، حيث تتيح هذه المجمعات لأي شخص بصرف النظر عن مكان إقامته إمكانية الانضمام والبدء بالتعدين، ما يساعد على ضمان تدفقات أكثر استقراراً للإيرادات بالنسبة إلى المنقّبين المستقلين.