مما لا شك فيه أن جائحة كوفيد-19 قد شكلت في العام الماضي، تحدياً كبيراً أمام سائقى الشاحنات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا الذين واجهوا صعوبات وعراقيل متنوعة بسبب الإغلاق الحدودي الوقائي للتصدي للجائحة.
واجه قطاع الشحن البري تحديات غير المسبوقة بدءاً من اللوائح غير المستقرة وقضايا البنية التحتية والتدابير الجديدة وانتهاءً بالإغلاق الحدودي من أجل التصدي للجائحة.
يمتلك القطاع الشحن البري في الشرق الأوسط وأفريقيا المزيد من الفرص والمقومات رغم التداعيات السلبية لجائحة كوفيد-19.
لكن رغم هذه التحديات، إلا أنه لا يزال القطاع يحمل المزيد من الفرص الواعدة، لا سيما بعد رفع الحصار السياسي والاقتصادي عن قطر من دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن دام لثلاث سنوات.
وخلال السنوات الماضية، نما سوق الخدمات اللوجستية في دولة قطر، بفضل موقعها الجغرافي المميز والذي يربط بين الشرق والغرب، وصادراتها من الغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى الخطط الحكومية الرامية لتحويلها إلى مركز لوجستي وإقليمي جديد. ومن المتوقع أن تعزز بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 المرتقبة معدلات النمو في هذا المجال.
تفاؤل متزايد بنمو قطاع الشحن البري في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا رغم الطرق الوعرة في المستقبل
هذا وتقدر قيمة سوق الشحن والخدمات اللوجستية في قطر بأكثر من 7.5 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يسجل معدل نمو سنوي مركب يزيد عن 7٪ على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقًا لـ Mordor Intelligence.
في حين أن إعادة فتح الحدود وعودة العلاقات الاقتصادية ستسهم في زيادة معدلات النمو، ومن المرجح أن يرتبط التعافي الاقتصادي بالمنطقة ببرنامج اللقاح والاستثمارات التي تقوم بها كل دولة.
تأثير جائحة كوفيد-19 على قطاع الشحن البري في الشرق الأوسط وأفريقيا
مما لاشك فيه أن الإجراءات والنظم المستحدثة من قبل الدول للسيطرة على انتشار جائحة كوفيد-19 شكلت تحديات كبيرة بالنسبة لشركات النقل، وقد أثرت هذه الإجراءات المشددة على جودة حياة سائقي الشاحنات.
وعلى غرار الوضع مع الشحن الجوي والشحن البحري، ارتفعت أيضًا تكاليف الشحن البري عبر الحدود، مع استحداث اجراءات جديدة مثل فحص PCR وفرض شروط مشددة لتأشيرات السائقين. مما أدى إلى التأخير ونقص إمكانات الشحن. ولكن مع تخفيف قيود الإغلاق وإعادة فتح البلدان للحدود، سيتم استعادة طاقة الشحن البري تدريجيًا.
أبرز الفرص في ظل الجائحة
بينما تعد مشاريع البنية التحتية في المنطقة أحد العوامل التي تسهم في خلق مزيد من الفرص في مجال الشحن، إلا أن رفع دول مجلس التعاون الخليجي الحصار عن قطر ربما يكون من أبرز الفرص على الإطلاق على مستوى المنطقة. فبعد أكثر من ثلاث سنوات على غلق الحدود البرية والجوية والبحرية بين قطر وكل من مملكة البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بات بإمكان قطر الآن إقامة روابط تجارية مع الدول المجاورة ؛ مما يخلق فرصاً جديدة لمقدمي خدمات الشحن البري في المنطقة.يأتي قرار دول مجلس التعاون الخليجي برفع الحصار الذي استمر لسنوات في الوقت المناسب، قبيل كأس العالم الذي ستسضيفة دولة قطر العام المقبل. ومع ذلك، قد تختلف تدفقات الشحنات ونوعية البضائع بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي اختلافًا كبيرًا عن ذي قبل، فقد نجحت دولة قطر في تنويع مصادر استيرادها للتعامل مع الحصار على مر السنين. على سبيل المثال، تستورد قطر عادةً اللحوم من المملكة العربية السعودية، ولكنها الآن تستورد اللحوم من أستراليا والأردن وباكستان. كما نجحت في تعزيز طاقاتها الإنتاجية، والتي شملت نقل الأبقار جواً إلى البلاد لتلبية حاجتها إلى الألبان في بداية الحصار.
ومن المحتمل أن يستغرق الأمر ما لا يقل عن ستة إلى 12 شهرًا قبل أن نتمكن من رؤية أي تأثير اقتصادي كبير بعد رفع الحصار. ومع ذلك، نتوقع أن نشهد زيادة كبيرة في حركة معدات حفر النفط والغاز ومواد البناء ومشاريع البنى التحتية المتعلقة بكأس العالم والواردات من دول مجلس التعاون الخليجي.
أهمية الرقمنة في تعزيز قطاع الشحن البري
لا يزال القطاع بحد ذاته تقليدي، حيث يواجه السائقين صعوبة في التحول لاستخدام الأدوات الرقمية الجديدة لأسباب مختلفة.
في حين يشعر البعض بالقلق من فقدان الحرية مع إمكانيات التتبع، في حين يواجه بعض السائقين صعوبة في اختيار أدوات جديدة بسبب عدم مقدرتهم على القراءة والكتابة خاصة باللغات الأجنبية، ناهيك عن التداعيات السلبية لجائحة كوفيد- 19؛ إذ واجه العديد من السائقين تحديات كبيرة ؛ وظلوا عالقين على الحدود أو امضوا وقتهم على الطريق، ولم تعد قيادة الشاحنات مهنة مجزية، مما قد يؤدي إلى نقص في عدد السائقين على المدى الطويل.
بالرغم من تركيزنا على اعتماد الرقمنة والتكنولوجيا بإعتبارها أحد العوامل التي تسهم في تعزيز قطاع الشحن البري، إلا ندرك أيضًا أهمية الدور البشري والتفاعل وجهًا لوجه، خاصة عندما يتعلق الأمر بتدريب السائق للتواصل مع الناقلين والسائقين.
يجب ألا ننسى جميعًا الدور الهام لجميع سائقي الشاحنات – أبطال Saloodo منصة الشحن الرقمية، الذين لعبوا دوراً هاماً خلال الجائحة، واستمروا، دون توقف، في تشغيل سلاسل التوريد لتوفير المنتجات والأدوات في محلات السوبر ماركت، مما مكن الأفراد من الوصول إلى المواد الغذائية والأدوية ومعدات الحماية الشخصية (PPE).
ونأمل أن نتمكن تدريجياً من غرس العقلية الرقمية في قطاع الشحن البري لزيادة كفاءة قطاع الشحن البري. تتمثل رؤيتنا في تسليم الشحنات في إطار زمني أقل، لكي نستطيع أن اختصار وقت الانتظار عند الحدود ونقاط التحميل أو التنزيل، والذي قد يسهم في زيادة فرص تحقيق دخل أعلى. مما يساعد ذلك على جعل التكاليف معقولة بالنسبة للعملاء وضمان سرعة الاستلام والتسليم في الموعد المحدد.
ومن أجل التصدي لهذه التحديات، ستوفر Saloodo منصة الشحن الرقمية الخاصة بـ دي إتش إل، للشاحنين والناقلين وسائل اتصال مجاناَ لتنظيم حركة الشاحنات. كما أنشأنا أيضًا قوائم أساسية لمراجعة متطلبات الممرات التجارية ذات الصلة لمساعدة الشاحنين على تجاوز القيود المستحدثة خلال هذه الفترة.
من خلال تحقيق التوازن بين العرض والطلب على أفضل وجه باستخدام أدواتنا الرقمية، سنمكّن الاقتصادات من خفض الانبعاثات الكربونية بشكل كبير والمساهمة في تحقيق الهدف الاستراتيجي لمجموعة دويتشه بوست، التي تعمل تحت الاسم التجاري مجموعة البريد الألماني دي اتش ال لتصبح الخدمات اللوجستية خالية تماماً من الانبعاثات الكربونية بحلول العام 2050 وذلك ضمن برنامج حماية البيئة GoGreen.
( بقلم: توبياس ماير، الرئيس التنفيذي لمنصة الشحن الرقمي Saloodo! الخاصة بـ “دي إتش إل” في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا).