برز دور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي خلال السنوات الماضية لأهميته في توفير الحلول الفعالة للعديد من التحديات العالمية. ولا شك بأن جائحة كورونا قد ساهمت في تزايد أهمية هاتين التقنيتين بشكل كبير في ظل توجه المؤسسات والحكومات إلى أتمتة خدماتها.
وتوقعت مؤسسة البيانات الدولية [IDC] زيادة الانفاق العالمي على أنظمة الذكاء الاصطناعي من 50.1 مليار دولار أمريكي في العام 2020 ليتجاوز الـ 110 مليارات دولار أمريكي في العام 2024. كما توقعت زيادة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا (META) ليصل إلى 1.2 مليار دولار أمريكي محققاً زيادة قدرها 24.7 بالمئة عن السنة الماضية .
بينما يستعد العالم للعودة إلى الحياة الجديدة بعد الجائحة، تبدو استخدامات الذكاء الاصطناعي واعدة أكثر من أي وقت مضى. ووفقاً لاستطلاع أجرته مجلة AI، فإن ما يقارب من 72% من قادة الأعمال في العالم يدركون أهمية الدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة. في حين يعتقد غالبية المدراء التنفيذيين المشاركين في الاستطلاع بأن الذكاء الاصطناعي سيسهم في رفع كفاءة الأعمال وصياغة نماذج أعمال مبتكرة ومنتجات وخدمات جديدة ويفتح عالماً من الفرص .
وتسعى الجهات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهدافها الطموحة في مجال الابتكار وخفض الكلفة، منها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتطلع إلى أن تصبح رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2030، من خلال اعتمادها لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عدد من القطاعات الهامة مثل القطاع الصحي وقطاع النقل وقطاع التعليم، والفضاء والتكنولوجيا. فيما احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى على المستوى العربي والمرتبة 22 على المستوى العالمي في العام 2020 وفقاً للمؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، وهي تعتزم مسارعة الخطى لتطوير الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية تماشياً مع أجندتها الرامية للتنوع الاقتصادي. وتمضي المملكة قدماً مع انتاجها أول روبوت مواطن في العالم الى جانب مدينة “نيوم” الذكية والمدعومة بالذكاء الاصطناعي بكلفة 500 مليار دولار أمريكي. وتواصل قطر جهودها لتعزيز استخدامات الذكاء الاصطناعي في القطاعين العام والخاص وفقاً لاستراتيجيتها الوطنية ولتمكين رؤية قطر الوطنية 2030.
في الواقع، من المقدر أن يتجاوز حجم سوق الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا 500 مليون دولار أمريكي في العام 2022، حوالى ضعف حجمه مقارنة بتقديرات العام 2019. وهو معدل نمو سريع لا يمكن تجاهل تأثيره. لم يعد يُخفى على أحد دور الذكاء الاصطناعي، وبشكل خاص التعلم الآلي الأكثر انتشاراً، في تغيير نهج المؤسسات في معالجة المشكلات واتخاذ القرارات وتطوير المنتجات وتوفير الخدمات. ومع تطور خوارزميات التعرف على الأنماط المعروفة باسم الشبكات العصبية، ووحدات معالجة الرسومات (GPUs) ، وانخفاض كلفة تخزين البيانات، لا سيما خلال السنوات العشر الماضية، أضحى الحاسوب شريكاً موثوقاً للإنسان في صناعة القرار.
غالباً ما يقتصر استخدام قدرات وأدوات التعلم الآلي في المؤسسات على مجموعات صغيرة من علماء البيانات المتخصصين لحل مشاكل محدودة النطاق نسبيا في مؤسساتهم، وهو ما نطلق عليه اسم التعلم الآلي التحليلي. يذكر بأن التعلم الآلي التحليلي قد حقق نجاحات في حالات محددة تستند الى مدخلات وبيانات ثابتة وخاضعة للرقابة. لكن فعاليته في تقديم نتائج متسقة وموثوقة، قد تواجه تحديات عند استخدامه على نطاق أوسع وفي الحالات الديناميكية وعندما تكون مدخلات البيانات معقدة ومتنوعة.
مثال على التحديات التي يواجهها التعلم الآلي التحليلي في الحياة الواقعية هو انحراف النموذج، والذي يمكن أن ينجم عن التغيرات في البيانات والعلاقات بين المدخلات والمخرجات. إن انحراف النموذج قد يتسبب في سرعة تدهور أداء النموذج ويؤثر سلباً على سير الأعمال ويزيد من مستوى المخاطر وهي أمور لا يمكن الاستهانة بها.
تقدم عمليات التعلم الآلي MLOps مجموعة من الممارسات التشغيلية التي يمكن استخدامها على نطاق واسع من قبل المؤسسات للاستفادة من مزايا التعلم الآلي في للحصول على قرارات صائبة وفورية ويمكن الوثوق بها. تمكن الـ MLOps من تحقيق إدارة شاملة وحوكمة فعالة لآليات تطوير وتشغيل نماذج التعلم الآلي بما يضمن مواكبة المتغييرات المؤثرة في أدائها التشغيلي والتحسين المستمر من خلال توفير المهارات والعمليات والبيانات والإمكانات التقنية المطلوبة في جميع مراحل دورة حياة التعلم الآلي.
تحاكي عمليات التعلم الآلي MLOps عمليات التطوير “DevOps” وعمليات البيانات “DataOps” الفعالة، والتي حققت نجاحاً في دمج مجالات تطوير البرامج والعمليات وتقنيات إدارة البيانات داخل المؤسسات. ويوضح الشكل أدناه كيفية ارتباط عمليات التعلم الآلي بالمجالات الأخرى ضمن إطار عمليات التطوير، مع تسليط الضوء على دور كل منها في التشغيل الرقمي للمؤسسة.
ومع اتساع نطاق الاستخدامات العملية لتقنيات التعلم الآلي ونمو دورها الرئيسي في تمكين نماذج الأعمال يصبح التحول من نموذج التعلم الآلي التحليلي إلى نموذج التعلم الآلي التشغيلي ضرورة للمؤسسات الطامحة في تحقيق العائد الأمثل من تطبيقات الذكاء الإصطناعي. وعليه يهدف تقرير بوز ألن الخاص بالـ MLOps الى وضع خارطة طريق واضحة للتحول نحو التعلم الآلي التشغيلي من خلال التركيز على المحاور الرئيسية التالية:
- إدارة نماذج التعلم الآلي كمنتج رقمي (Digital Product) يتوجب تركيزه على احتياجات وتقضيلات المتعامل والعمل على تحسينه باستمرار.
- تصميم وتنفيذ نموذج تشغيلي متكامل لتطبيق ممارسات الـ MLOps ويتضمن تحديد الأدوار والمسؤوليات وإطار الحوكمة والعمليات التشغيلية ومؤشرات الآداء والممكنات الرقمية.
- الإستثمار في استقطاب وتطوير المهارات وتعزيز ثفافة المرونة وروح الفريق والتعاون والمشاركة بين الجهات المعنية بتطبيقات التعلم الآلي.
- توفير الممكنات التقنية لتصميم وتطوير وتشغيل نماذج التعلم الآلي مع اعتماد هيكلية معمارية مرنة يمكن تكييفها وتحسينها بالسرعة المطلوبة.