سطَّر أوميكرون فصلًا جديدًا في دليل “الإدارة في وقت الأزمات” بالنسبة للتجار وأصحاب الأعمال في مختلف أنحاء العالم. وفي سياق الأجواء الحافلة بالعديد من التحديات التشغيلية بدءًا من ضمان توفير الموظفين واستمرارية التوريد ووصولًا إلى مواكبة الإجراءات الحكومية وتأثيرها على الأعمال، يبدو أنه من الصعب الاستمرار في التركيز على استراتيجية ممنهجة ومتكاملة، مثل ما حدث مع ظهور الجائحة. غير أن الأفرقة التنفيذية ينبغي أن تنظر مرة أخرى إلى ما هو أبعد من المهمة العاجلة المتمثّلة في تزويد المجتمع بمتطلبات العيش الأساسية، وتوفير الغذاء والطعام. وخلال محادثاتي الأخيرة مع مجموعة من الرؤساء التنفيذيين العاملين في قطاعات مختلفة ورجال الأعمال على مستوى العالم، تبلورت لديّ تحديدًا ست أوليات استراتيجية ينبغي مراعاتها خلال عام 2022.
- فهم كامل للتغييرات الدائمة في سلوك المستهلك: شهدنا خلال فترة الجائحة تراجع العديد من أصحاب الشركات والمستهلكين عن القرارات التي جرى اتخاذها بالنسبة للإغلاق العام، مثل: التوجّه إلى تجارة التجزئة المختصّة بالمعدات الرياضية أو نقل بعض المراكز التجارية بعيدًا عن مركز الأسواق والعمل خارج الشبكة في المناطق الريفية. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن الطريقة التي نعيش ونعمل بها قد تغيرت تغيرًا كبيرًا منذ ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد في مطلع عام 2020. ولم يجرِ فهم طبيعة هذه التغييرات بشكل كامل بعد، وذلك على الرغم من أن العديد من أصحاب الأعمال لاحظوا الأثر العائد على الحركة التي ترفض العودة إلى مستوياتها بالكامل كما كان الحال في فترة ما قبل الإغلاق. وسيحتاج تجار التجزئة في عام 2022 إلى التعمق في فهم أنماط السلوك الجديدة للمتسوقين بتقسيم دقيق وتغيير تسويقا وفقًا لذلك.
2. التكيّف الكامل مع الحقائق الجديدة: خلقت الجائحة تحديات كبيرة في عالمنا، وتعلّمنا خلالها الكثير من الدروس والعبر في وضع خطط ممنهجة تعزّز الإنتاج بموارد أقل، فعلى سبيل المثال: تحقيق زيادة بنسبة 20% في المبيعات دون إضافة عدد الموظفين، أو التعامل مع نفس حجم المبيعات مع عدد أقل من الموظفين بنسبة 20%.
ويُتوقع مواجهة العديد من الشركات والمستهلكين لضغوط التكلفة المتزايدة في عام 2022، ولا بد من توفير الكفاءة اللازمة من خلال اتباع طرق العمل الجديدة إلى أقصى حدٍ ممكن (دراسة إمكانية تحديد وفورات التكاليف بالأرقام، وبالنسبة المئوية)، إلّا أن التكيّف لا يقتصر فقط على التوفير في التكاليف فقط. فهناك مجموعة من الأسئلة التي تحتاج الأفرقة التنفيذية إلى التفكير فيها، مثل: “كيف نعيد ضبط قاعدة أصولنا المالية على المدى الطويل؟” و”كيف يُمكننا تحسين قدراتنا المتكاملة باستمرار؟”
3. اتخاذ الابتكار منهجًا على مستوى ثلاثة نماذج: سيكون عام 2022 حافلًا بالابتكار بجميع أشكاله، ويوجد ثلاثة نماذج لا بد من الحديث عنها بشكل مفصّل، وتشمل: دراسة نماذج الأعمال المشابهة، بالنسبة إلى بائع الملابس بالتجزئة، وقد يعني ذلك دخول سوق الملابس المستعملة. وبالنسبة للبقال، يُمكن أن يتمثّل ذلك في المطاعم الافتراضية وتوصيل الطعام الساخن. ويتمثّل النموذج الثاني في الابتكار التقني الذي يحسن الكفاءة. ويتعلق النموذج الثالث بالابتكارات في تجربة التسوق الرقمي، كما يُمكن أن تكون هذه الإمكانات مدمجة تحت مظلة معينة كما هو الحال مع الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs). ولكن هل تخيلت في يوم من الأيام حجم تلك الاستثمارات الرقمية الممكنة للرموز غير القابلة للاستبدال عندما يتحوّل التسوق المتكامل في الوقت الحاضر إلى عالم افتراضي، فمن المحتمل أن يكون للمخزون الرقمي أهميته ودوره الرائد.
4. استبقاء المواهب وتوظيفها رغم التحديات: من الصعب المبالغة في تقدير التدفق في سوق التجزئة في بداية عام 2022. وحتى بالنسبة لمعظم تجار التجزئة العالميين من فئة النخبة، يُمكن أن تصل المناصب الشاغرة إلى 20% من القوى العاملة. وفي الوقت نفسه، تحاول الأفرقة التنفيذية التنبؤ بالمهارات اللازمة ورعايتها لمواكبة تطور التجارة الإلكترونية، حيث إن كل ذلك يعزّز الفرص المميزة المتاحة أمام تجار التجزئة الذين لديهم استراتيجية قوية تركّز على القوى العاملة وكفاءتها.
5. تعزيز الاستدامة “الشراء الممنهج”: قد يحتاج المستهلكون إلى شراء كميات أقل في بعض الحالات، لكن التركيز على الشراء على نحوٍ ممنهج يمنح تجار التجزئة زخمًا تجاريًا مستمرًا. ويتمثّل التحدي الآخر في تحسين الاستدامة دون خلق زيادات في التكلفة لا يُمكن تحملها.
6. توقع المزيد من التوجيهات بالنسبة للشركات ذات النطاق الواسع: أدى الوباء إلى زيادة الأهمية الاستراتيجية للحجم الذي سلطت عليه شركة “بين آند كومباني” الضوء في موجز عام 2019 بعنوان “مستقبل البيع بالتجزئة: نماذج ناجحة لعصر جديد”. وستستمر هذه الحاجة في دعم الاستثمارات وأنشطة الدمج والاستحواذ الأخرى، على سبيل المثال: يُمكن أن تكون الشراكات “ذات النطاق الافتراضي” بين تجار التجزئة وسيلة فعّالة لتجميع الموارد للاستثمار التقني.
من غير المرجح أن يتبع البداية المثالية لعام 2022 هدوء مفاجئ؛ قد يكون الاضطراب في سوق العمل أحد الأمور القليلة المتوقعة هذا العام. وستحرص الشركات بدورها على تطبيق ما تعلّمت حول “الإدارة في وقت الأزمات” وعلى مدار العام، حتى تتمكن من التكيّف مع الظروف الطارئة وتجاوز العقبات. ولكن على الرغم من جميع التحديات التشغيلية، ينطوي عام 2022 على فرص مميزة لتلك الأفرقة التنفيذية وأصحاب الأعمال الطموحة والقادرة على مواكبة التطورات لتحقيق نمو أفضل.