بقلم داميان هيتشين، الرئيس التنفيذي لدى ساكسو بنك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يُعد إطلاق الاستثمارات القائمة على المبادئ ظاهرة مألوفة في المنطقة، إذ لطالما توفرت صناديق التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية للمستثمرين منذ ما يزيد عن نصف قرن، وهي صناديق استثمارية تلتزم بمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية. ونشهد اليوم توجهاً جديداً نحو اعتماد التمويل المسؤول اجتماعياً، بالتزامن مع الجهود المبذولة لإرساء عالم أكثر عدلاً واستدامة لمواجهة تحديات التغير المناخي والتمييز الاجتماعي.
ويُظهر المستثمرون رغبةً متنامية في استثمار أموالهم في مجالاتٍ تساهم في إرساء مستقبل أكثر استدامة وعدالة، وفق ما أشار أنس بوخش وماري سالم في بودكاست “تَعمَّق بالأسواق مع ساكسو” الذي أطلقه ساكسو بنك. وتشير البيانات إلى أن هذا لا يُعتبر رد فعل نتيجة أزمة كوفيد-19، حيث لمسنا تغيّراً في طرق التفكير حتى قبل بدء الأزمة، إذ شهد عام 2012 زيادة بنسبة 60% في اعتماد مفهوم الاستثمار الأخلاقي، بما يعكس تحولاً سلوكياً في أوساط المستثمرين قبل الأزمة.
ودفع التوجه نحو الاستثمار المؤثر، المتمثل في تحقيق عائدات مالية ومنافع اجتماعية أو بيئية، المستثمرين إلى إلقاء نظرة فاحصة على قضايا مهمة، مثل الحفاظ على البيئة، إلى جانب التدقيق في الممارسات العامة والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. وتؤدي المرأة دوراً بارزاً في هذا التوجه، حيث سجل ساكسو بنك زيادة بنسبة 150% في عدد المستثمرين الجُدد المسجلين في المنطقة على مدى العامين الماضيين، فضلاً عن الارتفاع في نسبة المستثمرات مع تشكيل النساء ما يصل إلى 18% من العملاء الجدد خلال عام 2022. كما شهدنا زيادة غير مسبوقة في أعداد المستثمرات الراغبات في دخول أسواق رأس المال وتحقيق تطلعاتهن المالية وإحداث أثر واضح ينعكس عليهن وعلى مجتمعاتهن والعالم بأسره.
ويُظهر هذا الجيل من المستثمرين إقبالاً متزايداً على اعتماد منهجيات استثمارية أكثر استدامة تنسجم مع قيمهم، وتتمثل إحدى الطرق التي تتيح لهم تحقيق هذا الهدف، بدراسة ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في المؤسسات والشركات التي يسعون للاستثمار فيها. ويوفر عالمنا الحديث فائق الاتصال سهولة غير مسبوقة في دراسة توجهات الشركات والتعرف إلى العلامات التجارية التي تتوافق أعمالها مع هذه الممارسات وتنسجم مع الرؤية العامة للمستثمر.
وتشمل العوامل البيئية جميع العناصر المرتبطة بتأثير الشركات على بيئة الكوكب، بما في ذلك اعتماد الطاقة النظيفة والالتزام بخفض بصمتها الكربونية. وتركز العوامل الاجتماعية على تعامل الشركة مع موظفيها والمجتمع الذي تعمل فيه، بما يشمل قضايا صحة الموظفين وسلامتهم والمساواة بين الجنسين والحملات الترويجية والأمن الإلكتروني وحماية البيانات. وتنطوي عوامل حوكمة الشركات على الجوانب العامة لأخلاقيات الأعمال والشفافية واختيار أعضاء مجلس الإدارة.
ويمكن اعتبار ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات مستوى إضافي من الجهود المبذولة بالنيابة عن المستثمرين، إذ تسعى هذه الشركات عموماً لخفض تكاليفها عن طريق كفاءة استخدام الموارد والحد من المخاطر التشغيلية والمخاطر على السمعة والوصول إلى شريحة أوسع من العملاء. ويحظى المستثمرون الحاليون بإمكانات أقوى ومعرفة أوسع بالموارد المتوفرة على الإنترنت.
ويقدم ساكسو بنك ثروةً من المعلومات لمساعدة المستثمرين المحتملين على دخول عالم الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والاستثمار المسؤول اجتماعياً، ويوفر حزماً متكاملة من المنتجات والصناديق المتداولة في البورصة وصناديق الاستثمار المشترك والمعلومات المتعلقة بها، بما يضمن حصول المستثمرين على أفضل نقاط القوة المتاحة.
وتحقق الاستثمارات المؤثرة عائدات مالية إلى جانب منافعها الملموسة على الصعيدين البيئي والاجتماعي. ويتيح ربط الاستثمار برأس المال معالجة عدداً من أبرز التحديات العالمية الملحة، بما يشمل الطاقة المتجددة والممارسات المستدامة في قطاعات التمويل والزراعة والرعاية الصحية والإسكان وغيرها، إلى جانب مساهمته في تحقيق الأرباح.
ويتزايد اعتماد الشركات على منهجياتٍ أكثر التزاماً بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، فيما يحظى المستثمرون بقدرةٍ أكبر على التوفيق بين خياراتهم ومبادئهم، فضلاً عن توليد الأرباح الاستثمارية. وأدرك المستثمرون أهمية قراراتهم في إحداث الفارق وإطلاق استثمارات موثوقة وقوية مع الالتزام بمبادئهم الأخلاقية. ويثمر ذلك عن تحسين إجمالي الأرباح، وينعكس إيجاباً على المجتمع والعالم في نهاية المطاف.
للاستماع إلى الحلقة كاملةً من “تَعمَّق بالأسواق مع ساكسو”، يمكنكم الضغط على الرابط: