بينما يشهد العالم هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل، يواصل اقتصاد الحلال نموه ويعزز أهميته عالميًا وبشكل كبير، حيث من المتوقع أن يصل حجمه وإمكانات قيمته السوقية إلى 7.7 تريليون دولار بحلول 2025، مرتفعًا من 3.2 تريليون دولار في 2015. يضم هذا القطاع المزدهر الذي يلتزم بالمبادئ والقيم الإسلامية مجموعة واسعة من القطاعات، ابتداءً من التمويل إلى الغذاء والأدوية، والسفر، ومستحضرات التجميل، والأزياء. وفي خلال السنوات الأخيرة، اكتسب اقتصاد الحلال اهتمامًا واسعًا واستثمارات متزايدة في ظل معدل نمو سنوي مركب متوقع وصول نسبته إلى 9.2% ما بين عامي 2015 و2025. ومع استمرار اقتصاد الحلال في التوسع والتنوع، فإنه يوفر فرصة فريدة للشركات والمستثمرين للاستفادة من تنامي سوق المستهلكين الذين يسعون للحصول على منتجات وخدمات حلال في إطار قيمهم الأخلاقية.
ووفقًا لدراسة متخصصة أجرتها وكالة ترويج الاستثمار في قطر مؤخرًا حول اقتصاد الحلال، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بوضع جيد يٌمكنها من الاستفادة من نمو هذا السوق، خاصة في ظل مكانة دولة قطر كمركز لهذا القطاع المزدهر. وقد أثبتت قطر ريادتها في قطاع الأغذية الحلال من خلال وجود جهات معنية رئيسية في السوق مثل شركة حصاد الغذائية التي تساهم في تعزيز الأمن الغذائي والاستدامة والابتكار. كما أن تركيز دولة قطر على المجالات الأساسية ذات إمكانات النمو العالية نتج عنه زيادة مذهلة لحجم سوق اقتصاد الحلال عبر قطاعات متعددة. ففي عام 2021، سجلت الأصول السوقية لاقتصاد الحلال ما قيمته 156.4 مليار دولار في الأسواق المالية؛ ومليار دولار في التأمين الإسلامي (التكافل)، و14.2 مليار دولار في السياحة الإسلامية، و5.1 مليار دولار في قطاع الرعاية الصحية، بالإضافة إلى 849 مليون دولار في مجال التكنولوجيا المالية الإسلامية.
المؤشرات الرئيسية لهيمنة دول مجلس التعاون الخليجي على السوق العالمي لاقتصاد الحلال:
1- قيمة سوق الأغذية الحلال: 58.2 مليار دولار في 2021 في دول مجلس التعاون الخليجي
2- الأصول المالية لاقتصاد الحلال: بلغت القيمة السوقية 1.5 تريليون دولار في 2021 في المنطقة
3- معدل النمو: معدل النمو المتوقع +7% بين 2020 و2026 لاقتصادات منظمة المؤتمر الإسلامي
4- تمويل رأس المال الاستثماري: بلغت قيمة التمويل الإسلامي للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مليار دولار في 2020
وتواصل قطر جهودها واسهاماتها محليًا وعالميًا في مجال اعتماد اقتصاد الحلال، ويتجلى ذلك في إنشاء هيئة الحلال التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، وإصدار وزارة الصحة العامة دليلها الإرشادي حول استيراد المنتجات الغذائية الحلال. وتقوم جهات فاعلة عبر قطاعات متعددة بدعم سلاسل القيمة لاقتصاد الحلال في البلاد، بدءً من شراء المنتجات الحلال إلى اعتمادها واعتماد معايير الحلال، والخدمات اللوجستية، والتوزيع على المستخدمين النهائيين. وتعمل قطر على تعزيز هذه الروح التعاونية من خلال مبادرات مثل البرنامج المرئي “الرزق الحلال” التابع لوزارة التجارة والصناعة؛ والذي يهدف إلى زيادة الوعي حول الحياة الحلال والإمكانات الكبيرة لمصارفها الإسلامية، فيما يتعلق بالتكافل والاستثمارات الخضراء (استثمارات تراعي المعايير البيئية) وإصدار الصكوك.
وبفضل اقتصادها المستقر والمرن، والمناخ الداعم للأعمال، ومنظومتها المعرفية الشاملة، وثقافتها الثرية، تقدم قطر للمستثمرين الأجانب بيئة أعمال جاذبة وتنافسية، وتهدف الدولة في إطار رؤيتها الوطنية الطموحة 2030 إلى تعزيز مكانتها كوجهة رائدة في مجالات التجارة والسياحة والاستثمار في المنطقة، بما في ذلك اقتصادها الحلال الذي يُصنف ضمن أفضل عشر اقتصادات حلال طبقًا لمؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي.
ومن جهة أخرى، يتزايد الطلب على المنتجات والخدمات الحلال، ليس فقط من قبل المستهلكين المسلمين، ولكن أيضًا من غير المسلمين، الذين ينظرون إلى المنتجات الحلال على أنها صحية وآمنة وتتوافق مع المعايير الأخلاقية. ومن المتوقع أن يصل حجم الإنفاق الإعلامي لهذا السوق إلى 308 مليار دولار بحلول 2025، مع احتفاظ قطر بتصنيفها ضمن أكبر ثلاث دول في منظمة التعاون الإسلامي في مجال خدمات الإعلام وأنماط الحياة ذات الطابع الإسلامي. ويساهم هذا النمو في إمكانية خلق المزيد من فرص العمل وتعزيز الابتكار والإسهام في التنمية الاقتصادية.
وللاستفادة من سوق المنتجات والخدمات الحلال، يتعيًن على الشركات والمستثمرين التعاون مع أطراف وجهات متنوعة، بما في ذلك هيئة شهادات الحلال، ومنصات التوزيع، وشركات التسويق، وشركات الخدمات اللوجستية والتخزين، وتجار التجزئة. ومع استمرار توسع اقتصاد الحلال عالميًا، فإن موقع قطر الاستراتيجي وانخراطها الكبير في هذا القطاع والبنية التحتية القوية لاقتصاد الحلال تجعلها وجهة جاذبة للمستثمرين من المنطقة ومن حول العالم.