الدوحة – قطر
انطلقت بالدوحة أمس فعاليات المؤتمر الوطني الخامس للتدقيق الداخلي 2015، والتي تعقد تحت عنوان “قضايا التدقيق” وتستمر لثلاثة أيام يتم خلالها استعراض أهمية دور التدقيق الداخلي داخل المنشآت والمؤسسات والأجهزة الحكومية.
وقال سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية رئيس مؤسسة عبدالله بن حمد العطية للطاقة والتنمية المستدامة، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، إن دولة قطر تعتبر من بين أفضل الدول العربية شفافية وأقلها فسادا، وتسعى إلى احتلال مرتبة ضمن الدول العشر الأوائل في مجال الشفافية، مؤكدا أن الرقابة الداخلية ستلعب دورا كبيرا في الوصول إلى هذا الهدف، فكلما تم دعم الرقابة الداخلية كلما كانت منظمة الشفافية العالمية وهيئات الرقابة الدولية الأخرى تنظر باحترام لكل دولة تحسن التعامل مع الرقابة الداخلية وتأييدها ومساندتها.
وأعرب عن ثقته بأن هناك دعما من دولة قطر لهذه المهنة التي أثبتت أهميتها وأنها ليست عملية صورية فقط بل بدأت مهنيتها في البلورة وهناك ثقافة بدأت تسود عن أهمية دور الرقابة الداخلية، مؤكدا ضرورة التركيز على الأهمية التي تمثلها إدارات الرقابة الداخلية بالهيئات والمؤسسات من منطلق أنها أصبحت العين الساهرة، فكل مؤسسة تحتاج إلى متخصصين حتى يستطيعوا السيطرة على المؤسسة ويؤمنوا الرقابة المالية والفنية والإدارية لها، والبحث في إمكانية وجود تجاوزات تخالف القوانين أو من يحاول استغلال الوظيفة لمصلحته الشخصية.
ونوه بأهمية الرقابة الداخلية على المؤسسات والشركات والهيئات الحكومية، وذلك كونها تساهم في الحفاظ على المال العام وعدم تجاوز السلطة، مشيرا إلى اهتمام دولة قطر بتطوير ودعم عمليات الرقابة الداخلية في إطار سياسة الشفافية والإفصاح التي تنتهجها الدولة.
ولفت إلى أن عمل المدققين الداخليين ليس سهلا فهم عليهم التعامل مع مستويات مختلفة من الإدارات فضلا عن التعامل مع العديد من القضايا المختلفة داخل المؤسسة الواحدة خاصة وأن النتائج التي يتوصلون إليها يجب أن تكون دقيقة ومحددة.
وأشار إلى عدد من القضايا المهمة التي تعامل معها في قطاع الطاقة والصناعة منها، التعافي من الأزمات وإدارة المخاطر والحوكمة.
وفي تصريحات صحفية على هامش المؤتمر أوضح سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية أنه كان حريصا على دعم الرقابة الداخلية في المؤسسات التي عمل بها ومنها مؤسسة البترول، مشددا على أهمية هذه الرقابة والدور الذي تقوم به، وقال حينما عينت وزيرا للبترول ورئيسا للمؤسسة القطرية للبترول عام 1992 كانت الرقابة الداخلية ليس لها أهمية أو مفهوم، أو قواعد وقوانين، ومن خلال إعادة تنظيم مؤسسة البترول القطرية تم دعم دور هذه الرقابة التي تمثل العين الساهرة على المال العام وتراقب وتمنح التقارير إلى أعلى سلطة في المؤسسة.
وأضاف العطية أنه تم منح إدارة الرقابة الداخلية كافة السلطات والاختصاصات التي تتيح لها حرية الحركة في كافة الإدارات والأقسام، كما أنها تشمل أكبر المرؤوسين وأصغرهم، وأن إدارة الرقابة الداخلية بالمؤسسة القطرية للبترول أثبتت جدارتها وأدت دورها على أكمل وجه، منوها باهتمام الحكومة والقطاع الخاص بالرقابة الداخلية ودورها في الشفافية والإفصاح، مؤكدا على الدور الكبير الذي يقوم به ديوان المحاسبة، خاصة وأن عنصر الرقابة من أهم مقومات الدولة حاليا في ظل الاهتمام بعمليات الشفافية والحوكمة.
وشدد على أهمية دور الرقابة الداخلية لأي دولة ترغب في التطور والتقدم إلى الأفضل خاصة في مجال تطبيق مبادئ الشفافية، منوها إلى أنه بات هناك انتشار واسع لثقافة الرقابة الداخلية في جميع الهيئات والمؤسسات والوزارات بالدولة، واليوم نرى الكثير من القطريين الذين انخرطوا في مجال المحاسبة وواصلوا تطورهم في اختصاص التدقيق القانوني، وهذا ما أدى إلى التطور العام وأيضا انتشار ثقافة التدقيق الداخلي.
ولفت إلى أنه تم إنشاء جمعية المدققين الداخليين منذ خمس سنوات، وتشهد النسخة الخامسة من المؤتمر حضورا كبيرا وهذا دليل على أنه خلال السنوات الخمس الماضية انتشرت ثقافة التدقيق الداخلي وزاد الوعي بأهميتها، وذلك كون التدقيق الداخلي يمثل العين الساهرة في المؤسسات والهيئات وحتى الوزارات، وما له من دور كبير في الرقابة والحد من الفساد وأيضا الحد من عدم استقرار السلطة الوظيفية أو انتهاكات قوانين المحاسبة أو السياسات المالية العامة.
وقال سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني رئيس ديوان المحاسبة إن مشاركة ديوان المحاسبة بالمؤتمر تأتي انطلاقا من القناعة الراسخة كجهاز رقابي بأهمية الدور الذي يؤديه التدقيق الداخلي داخل المنشآت والمؤسسات والأجهزة الحكومية، وقيمته المضافة على أداء تلك الجهات بالقطاعين الحكومي والخاص، حيث يعتبر التدقيق الداخلي أداة فعالة في تحقيق المساءلة ونشر الشفافية والإفصاح والالتزام، إلى جانب دوره المهم في ترسيخ مبادئ الحوكمة وتطوير إدارة المخاطر وهو جزء من منظومة الجودة التي تسعى إليها المؤسسات والأجهزة الحكومية.
وأوضح سعادته أن سعي الحكومة القطرية إلى تحقيق مستويات أعلى من الشفافية تضاهي الدول الأكثر تقدما، ونشر ثقافة المساءلة في استخدام المال العام والفاعلية في الرقابة عليه، يتطلب التخطيط لمرحلة جديدة تساهم في رسم مستقبل أكثر إيجابية لدور التدقيق الداخلي وتفعيله، والنظر في كيفية توظيف التقنية الحديثة لتحقيق أفضل الممارسات والمساهمة في الارتقاء بمستوى العاملين في هذا المجال بهدف تنشئة جيل قادر على ممارسة المهنة بشفافية وإتقان على أعلى درجة من المهنية والاحتراف.
وشدد على أن أهمية اللقاء تنبع من كونه يسعى إلى زيادة الوعي المحاسبي بأهمية التدقيق الداخلي ودوره في خدمة الاقتصاد الوطني ومناقشة الصعوبات التي تعيق المدقق الداخلي في أداء عمله بموضوعية واستقلالية واستعراض المخاطر الناتجة عن استخدام تكنولوجيا المعلومات ودور المدقق الداخلي في التعامل مع تلك المخاطر، وتسليط الضوء على العناصر التي يمكن من خلالها للتدقيق الداخلي أن يحقق أعلى قيمة مضافة لصالح الجهاز الحكومي أو المؤسسة أو الشركة التابع لها.
ولفت سعادة رئيس ديوان المحاسبة إلى أنه لتحقيق الاستفادة القصوى للتدقيق الداخلي داخل الجهات والأجهزة الحكومية فلابد من الوعي والاقتناع بدور التدقيق الداخلي على كافة مستويات الإدارة العليا والموظفين، وتوفير الاستقلالية التامة للتدقيق الداخلي عن باقي الإدارات، وكذلك توفير بيئة عمل مناسبة للتدقيق الداخلي لتنفيذ خططه وأداء مهامه بمهنية، كما أن عمل المدقق الداخلي يتطلب منه الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بالتدقيق ومواكبة المستجدات فيما يخص هذه المعايير لتحقيق جودة عالية في الأداء، وكذلك فإن تفعيل توصيات ومقترحات التدقيق الداخلي ووضعها حيز التطبيق وتفعيل المساءلة تعتبر من أهم عناصر تحقيق الاستفادة القصوى للتدقيق الداخلي.
وأوضح سعادته أنه لتحقيق الفائدة القصوى من نشاط التدقيق الداخلي نرى أنه من الضروري توفير العناصر التالية: أولا.. نشر الوعي بأهمية دور التدقيق الداخلي في المساهمة بالحوكمة وإدارة المخاطر والرقابة الداخلية، وثانيا.. تحقيق الاستقلالية التنظيمية لوظيفة التدقيق الداخلي وتوثيق ذلك ضمن ميثاق التدقيق الداخلي الذي يتعين أن يعتمد من أعلى سلطة داخل المؤسسة، وثالثا.. توفير الكفاءات البشرية اللازمة والمختصة في التدقيق، ورابعا.. الالتزام قدر الإمكان بالمعايير الدولية للتدقيق، وخامسا.. مشاركة المسؤول الأول عن التدقيق الداخلي في الاجتماعات الهامة والقيادية، وسادسا.. توسيع نشاط التدقيق الداخلي ليشمل تقديم الخدمات الاستشارية والتدريب، وسابعا.. توفير بيئة عمل مميزة للتدقيق الداخلي لتنفيذ خططه وبرامج عمله وتوفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق ذلك، وثامنا.. تفعيل التوصيات والمقترحات الواردة بتقارير التدقيق الداخلي ومتابعة إنجازها.
واختتم سعادته كلمته بالقول: “أود أن أشير إلى تجربتنا في ديوان المحاسبة، وبحكم اطلاعنا على شريحة واسعة من الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية، تؤكد بأنه كلما كانت هناك وظيفة تدقيق داخلي قوية ومهنية داخل المنشآت كلما انخفض حجم المخاطر وكانت إجراءات الرقابة الداخلية أكثر جدوى وإحكاما”.
وأعرب السيد حسن الملا رئيس معهد المدققين الداخليين- فرع قطر، عن سعادته باستضافة المؤتمر الوطني الخامس للتدقيق الداخلي 2015، مشيرا إلى أن النسخ الأربع الماضية من المؤتمر كانت من العيار الثقيل، لكن التحديات تنتقل إلى مستويات أكبر حاليا.
وأوضح أن معهد المدققين الداخليين بدولة قطر لا يألو جهدا في تطوير المدققين الداخليين القطريين وإعدادهم للانخراط بسوق العمل بفاعلية وقوة وذلك من خلال المؤتمرات والمحاضرات، لافتا إلى أن النتائج السابقة للنسخ الأربع من المؤتمر الوطني الخامس للتدقيق الداخلي تصب جميعا في صالح تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، حيث تعقد نسخة العام الحالي تحت شعار “قضايا التدقيق” وبحضور أكثر من 450 محاضرا ومدققا داخليا ومشاركين من جميع المؤسسات الحكومية والخاصة والذين يشاركون بأوراق عمل بهدف العمل على تطوير مهنة التدقيق الداخلي في دولة قطر.
ولفت إلى أن المؤتمر يزخر بالعديد من المواضيع المهمة على ساحة التدقيق الداخلي، والتي سيتم استعراضها ومناقشتها ليس فقط بهدف النهوض بالشركات المحلية ولكن أيضا بالدولة، مشجعا المهنيين ورجال الأعمال بالشركات والمؤسسات ذات الصلة على المشاركة بالمؤتمر وتلك التي على غراره بهدف زيادة الوعي بالتدقيق الداخلي وتعلم كيف يمكن إضافة قيمة للمنظمة من خلال التدقيق الداخلي.
من جانبه أكد السيد أنتون فان ويك رئيس معهد المدققين العالميين أن دولة قطر تقدم الدعم اللازم لعمل المدققين الداخليين في إطار سياسات الإفصاح والشفافية، وأن هذا الدعم يلقى التقدير من المعهد العالمي للمدققين الداخليين، موضحا أن مهنة التدقيق الداخلي هي إحدى الوسائل التي تتطلب الكثير من التعلم والاطلاع وتبادل الخبرات المشتركة بين العديد من الدول المختلفة بهدف الوصول إلى أفضل الوسائل والممارسات التي تدعم النهوض بهذه المهنة.
بدوره أكد كريس أدونس رئيس المؤتمر في دورته الحالية على أهمية الرقابة الداخلية ودور المدققين، مشيرا إلى أن مهنة التدقيق الداخلي تحتاج إلى التعلم المستمر والمتواصل وذلك بهدف التوصل إلى التطوير والتنمية المهنية المستمرة حتى نتوصل إلى القدرة على إدارة المخاطر.
ولفت إلى أن مهنة التدقيق الداخلي تتطلب استعدادا وتطورا مستمرا فالشركات والإدارات والأنظمة التي تدار بها الشركات تتغير من حين لآخر ولذا يجب على المدقق الداخلي أن يكون على اطلاع دائم ومستمر بهدف الاستعداد لأي متغير طارئ وأن يكون على دراية واطلاع دائمين.
وأوضح أن المؤتمر يستقطب كل عام أكثر من 3000 آلاف مشارك، ويعقد تحت شعار “قضايا التدقيق” يجسد مدى أهمية والحرص على أن يكون المدققون الداخليون متواصلين مع الجهات المعنية ومطلعين على أحدث المستجدات.
وقام سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية وسعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني بتوزيع جوائز على عدد من المشاركين ورعاة المؤتمر.
ويعقد على مدى الأيام الثلاثة للمؤتمر الوطني الخامس للتدقيق الداخلي 2015، حوالي 15 جلسة نقاشية و6 ورش عمل يلتقي خلالها الخبراء من المشاركين والمتحدثين بهدف تبادل الخبرات المشتركة والتعرف على أحدث الآليات المتبعة في مجال التدقيق الداخلي.