الدوحة – قطر
قال التحليل الاقتصادي لمجموعة (كيو إن بي QNB) إن الانتعاش الأخير في أسعار النفط كان مدفوعاً بتحسّن في الطلب، وقد يكون ذلك عائداً إلى تحسّن آفاق النمو في الاقتصادات المتقدمة، خاصة في منطقة اليورو و اليابان.
وأضاف التحليل الأسبوعي الصادر اليوم، أن توقعاته باستمرار أسعار النفط في الانتعاش مبنية على فرضية أن منتجي النفط عالي التكلفة، خاصة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، سوف يضطرون لخفض إنتاجهم تحت ضغط الانخفاض في أسعار النفط، وهو ما لم يتحقق بعد، ومن ثم يمكن أن تقود استقطاعات الإمدادات لدفع أسعار النفط إلى أعلى ابتداءً من 2016. وأوضح أن أسعار النفط انتعشت بنسبة 33,1 في المائة إلى 62 دولارا للبرميل بعد بلوغها أدنى مستوى في يناير، متسائلا عن المحرّك الذي يقف وراء هذا الانتعاش، وما إذا كان يعود إلى تعافي الطلب وتحسّن الأوضاع الاقتصادية، أم أنه كان نتيجة لانخفاض العرض بعد أن أدى انخفاض الأسعار إلى خروج المنتجين ذوي التكلفة العالية من السوق.
ورأى أن المنهجية التي اتبعها توضح أن الطلب بمفرده كان وراء الانتعاش الذي حدث مؤخراً، غير أن العرض هو الذي كان مسؤولاً عن معظم الانهيار الذي حدث في أسعار النفط بنسبة 60 في المائة خلال النصف الثاني من عام 2014، كما تدعم استنتاجاته بشأن الأدوار النسبية التي يلعبها كل من الطلب والعرض، بيانات مستقلة صادرة عن وكالة الطاقة الدولية.
واعتبر أن الانتعاش في أسعار النفط يشير إلى أنه لا تزال لديه فرصة لمزيد من التحسّن، حيث لم يحدث تأثير انخفاض العرض حتى الآن، ونتيجة لذلك يتوقع أن يرتفع متوسط أسعار النفط في عام 2016 إلى 64.1 دولار للبرميل من السعر المتوقع 56.2 دولار برميل لعام 2015.
وأشار إلى أن هناك طريقة مبسطة للتمييز بين عوامل العرض والطلب، بأن ننظر إلى تأثيرهما على كل من أسعار النفط والأسهم، فارتفاع الطلب العالمي على سبيل المثال، نتيجة نمو أقوى سوف يرفع أسعار النفط، كما ينبغي لذلك أن يعزز أرباح الشركات مما يؤدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم.
من ناحية أخرى، فإن الزيادة في النفط المعروض ستقود إلى خفض أسعار النفط، ولكن يجب أن يؤدي ذلك أيضا إلى انخفاض تكاليف الطاقة، وارتفاع أرباح الشركات، وبالتالي إلى ارتفاع أسعار الأسهم، لذلك فإن التحرك المشترك بين أسعار النفط والأسهم يوفر أساساً للتمييز بين مفاجآت العرض والطلب، فإذا تحركت أسعار النفط والأسهم في نفس الاتجاه، يفسر هذا بأنه ناجم عن مفاجأة الطلب.
وعلى العكس من ذلك، إذا تحركت أسعارهما في اتجاهين متعاكسين، فإن تفسير ذلك التحرك هو أنه مدفوع بمفاجأة عرض النفط، مؤكدا أن المنهجية المستخدمة هنا عبارة عن نسخة معدلة من تلك التي استخدمت مؤخراً من قبل صندوق النقد الدولي.
وقال التحليل الاقتصادي لمجموعة (كيو إن بي QNB) إنه تم تطبيق هذه المنهجية على البيانات اليومية لأسعار النفط (خام برنت) وأسعار الأسهم (مؤشر S & P500 باستثناء قطاع الطاقة)، في نفس الوقت الذي يتم فيه كل يوم إحالة سبب التغير في أسعار النفط، إما للتغيرات في توقعات الطلب العالمي (إن كانت أسعار النفط وأسعار الأسهم تتحرك في نفس الاتجاه)، أو إلى التغيرات في التوقعات بشأن إمدادات النفط (إن كانت أسعار النفط وأسعار الأسهم تتحرك في اتجاهات مختلفة).
ويتم بعد ذلك جمع التغيرات في أسعار النفط التي تعزى إلى الطلب العالمي والتغيرات التي تعزى إلى إمدادات النفط خلال فترة من الزمن، وبذلك يتم التوصل إلى استنتاجين: أولاً، أن إمدادات النفط أسهمت بنسبة 54 في المائة من الانخفاض في أسعار النفط خلال الفترة من 19 يونيو 2014 إلى 13 يناير 2015 وثانياً، يعزى الانتعاش في أسعار النفط من 14 يناير 2015 إلى اليوم حصرياً إلى الطلب العالمي (97 في المائة).
ورأى أن المنهجية حققت نتائج معقولة، فعلى سبيل المثال عزت هذه المنهجية ما حدث من تراجع في أسعار النفط وقت انعقاد اجتماع منظمة “الأوبك” 27 نوفمبر 2014 إلى العرض على نحو صحيح، فقد فاجأت المنظمة أسواق النفط بعدم خفضها لسقف إنتاجها، وهو ما أدى إلى انخفاض حاد في أسعار النفط وارتفاع لأسعار الأسهم.
كما أن النتائج التي تم الحصول عليها باستخدام هذه المنهجية أيضاً متسقة مع البيانات المستقلة الصادرة من وكالة الطاقة الدولية ، حيث ظلت الأخيرة من يونيو 2014 إلى ديسمبر 2015 تعدّل باستمرار توقعاتها للإنتاج من خارج أوبك في 2015 إلى أعلى، وتعدّل توقعاتها للطلب العالمي إلى أسفل، وهذا يدعم الاستنتاج الأول الذي مفاده أن العرض والطلب كليهما مسؤول عن انخفاض أسعار النفط خلال هذه الفترة.
وعلاوة على ذلك، لم تتغير توقعات وكالة الطاقة الدولية للإنتاج في عام 2015 من خارج أوبك في يونيو 2015 مقارنة بشهر ديسمبر 2014، بينما ظلت وكالة الطاقة الدولية تعدّل باستمرار توقعاتها للطلب العالمي إلى أعلى منذ نهاية العام الماضي وهو ما يتماشى مع الاستنتاج الثاني الذي مفاده أن انتعاش أسعار النفط يعزى إلى الطلب بمفرده.