الدوحة – قطر
بدأت هنا أمس أعمال المؤتمر الفني الثاني عشر لاتحاد السلطات الضريبية للدول الإسلامية (ATAIC)، الذي تستضيفه وزارة المالية على مدى خمسة أيام لمناقشة المستجدات الدولية في المجال الضريبي وتبادل الآراء حول كيفية الاستفادة من تلك المستجدات، وتقديم توصيات لمساعدة الدول الأعضاء في اتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
وقال سعادة السيد علي شريف العمادي وزير المالية، في كلمة افتتاحية القاها نيابة عنه سعادة السيد خلف أحمد المناعي، وكيل الوزارة، ” إن قضية “تآكل الأوعية الضريبية وتحويل الأرباح” أصبحت اليوم تشكل قضية عالمية تتطلب تعاونا دوليا للتعامل معها في ظل العولمة وتحويل كثير من الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدمية إلى الفضاء الالكتروني، الأمر الذي أتاح للشركات متعددة الجنسيات إمكانية استغلال التباين في السياسات والأنظمة الضريبية بين مختلف الدول بهدف تقليص التزاماتها الضريبية”.
وبين سعادة وزير المالية، أن ” قضية تآكل الأوعية الضريبية تطرح تحديات حقيقية أمام مختلف دول العالم، سواء المتقدمة منها أو النامية بما فيها الدول الاسلامية، خاصة أنها تمس مبدأ أساسيا ترتكز عليه الأنظمة الضريبية، ألا وهو مبدأ العدالة الضريبية الأمر الذي يدعونا للتعامل معها بجدية”.
ولفت إلى أن قانون الامتثال الضريبي للحسابات الأجنبية (الفاتكا) الذي صدر في الولايات المتحدة الامريكية، مثل تجربة مهمة لتطوير التنسيق بين الجهات القائمة على تحصيل الضرائب على مستوى العالم والسلطات الضريبية الامريكية، وهو قانون يمهد الطريق أمام اعتماد المعيار الدولي الجديد للتبادل الآلي للمعلومات والمعروف بمعيار الإفصاح المشترك، حيث التزم عدد كبير من الدول حول العالم بما فيها الدول الاسلامية بتطبيقه خلال عامي 2017 و 2018.
وأشار إلى أنه يمكن الاستفادة من هذه التجارب في تحقيق المزيد من التعاون خصوصا بين دول اتحاد السلطات الضريبية للدول الإسلامية لتبادل المعلومات المالية بشأن نشاط دافعي الضرائب، وذلك لأن غياب التعاون والتنسيق بين الدول الاعضاء يفتح المجال للاستغلال، مما قد يتيح لبعض دافعي الضرائب الفرصة لتجنب دفع المقدار العادل من الضريبة المفروضة عليهم.
وأضاف أنه على الرغم من الاهتمام البالغ بتحقيق التعاون الدولي لتطوير الأنظمة الضريبية، فإنه يجب أن تؤخذ في الاعتبار ضرورة إيجاد توازن بين العمل على زيادة الايرادات الضريبية وضمان استمراريتها، وبين متطلبات جذب الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص على تطوير أعماله، وهي مسألة أصبحت في غاية الاهمية وتتطلب دراسات متأنية بحيث تسمح الانظمة الضريبية بالمرونة المطلوبة لتشجيع القطاع الخاص على زيادة استثماراته وتوسيع أنشطته الاقتصادية، في وقت تعمل فيه على زيادة الايرادات الضريبية، الأمر الذي يدعم الموقف المالي للحكومات ويمكنها من تعزيز الانفاق العام.
من جانبه، قال السيد جاسم محمد الكراني، رئيس المؤتمر الفني الثاني عشر لاتحاد السلطات الضريبية للدول الإسلامية، إن المؤتمر يتزامن هذا العام مع تغييرات هامة ومتسارعة تشهدها الساحة الضريبية الدولية والامريكية، حيث وصل تنفيذ اتفاقيات “الفاتكا” إلى مرحلة حاسمة إذ بعد أسابيع قليلة سيبدأ إرسال أول تقرير للسلطات الضريبية الامريكية في هذا الإطار، فيما أشرفت منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي على الانتهاء من جميع التقارير والتوصيات المتعلقة بمشروع تآكل الاوعية الضريبية وتحويل الأرباح المعروف ب BEPS
.
وبين أن هذه التطورات الراهنة تأتي في ظل وضع اقتصادي دولي هش، وانخفاض كبير في أسعار النفط وهو الامر الذي يحتم على دول الاتحاد فهم التحديات التي تطرحها هذه التغييرات بشكل دقيق وإعداد خطط متكاملة للتعامل معها بما يضمن المحافظة على الايرادات الضريبية وزيادتها لمواجهة الاعباء المتزايدة للدول، وعدم اعاقة جهد المستثمرين لاسيما في القطاع الخاص لزيادة نشاطهم وتوسعته وتنويعه.
وذكر الكراني أن دولة قطر تعي تماما أهمية التغييرات التي طرأت على الساحة الضريبية الدولية خلال السنوات الأخيرة، حيث بادرت الى الانضمام للمنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات لأغراض الضريبة، كما أنهت مرحلتي التقييم الذي يتم وفق صيغة المراجعة المتبادلة بنجاح، فيما التزمت بتطبيق المعيار الجديد للتبادل الآلي للمعلومات بداية من العام 2018.
وأضاف أنه في إطار التعاون الدولي في هذا المجال، بادرت قطر ،بعد مفاوضات ونقاشات مع الولايات المتحدة الأمريكية، الى التوقيع على اتفاقية مشروع “الفاتكا” مطلع العام الجاري لتكون أول دولة في منطقة الشرق الاوسط توقع على هذا المشروع ، موضحا أن دولة قطر تتابع عن كثب تطور مشروع تآكل الاوعية الضريبية وتحويل الارباح، وتعتزم المساهمة فيه بشكل فعال من خلال عضويتها في فريق العمل المعني بإعداد مشروع الاتفاقية متعددة الأطراف لتنفيذ الإجراءات المتعلقة بالاتفاقيات الضريبية.
بدوره، أشاد السيد عبدالله المساعدي الأمين العام لاتحاد سلطات الضرائب في الدول الاسلامية، بالدور الرائد لدولة قطر في مجال العمل الضريبي وما تتمتع به من إمكانيات كبيرة تمكنها من ترقية أعمال الاتحاد وتفعيل دوره بشكل جيد ونقل الخبرات الموجودة بين دوله.
وأوضح أن الاتحاد يضم حتى الآن 28 دولة إسلامية، لافتا إلى أن 5 دول طلبت الانضمام إلى الاتحاد مؤخرا منها تشاد والكاميرون وأوغندا، وأن تلك الطلبات ستتم مناقشتها في واحدة من جلسات المؤتمر المستمر حتى العاشر من الشهر الجاري.
وأشار السيد عبدالله المساعدي الأمين العام لاتحاد سلطات الضرائب في الدول الاسلامية، إلى أن آخر اجتماعات الاتحاد، التي عقدت في تونس، قدمت توصيات الى الأمانة العامة عملت على إنجازها بشكل كامل، كان من بينها توصية باتفاقية المقر التي تم توقيعها مع حكومة دولة السودان، كما تم خلال نسخة المؤتمر الماضية تحديد الميزانيات ومشاركات الدول الأعضاء التي ستتم مناقشتها خلال جلسات المؤتمر الراهن، مشيرا إلى أن مساهمات دول الأعضاء تتراوح ما بين 8 آلاف و 12 ألف دولار سنويا
وأضاف أن هناك عدة أوراق تم الاتفاق عليها في المؤتمر الأخير للاتحاد منها ورقة تتعلق بتآكل القاعدة الضريبية وأخرى حول تبادل المعلومات، والاتفاقيات المتعلقة بنظام الفاتيكا الامريكي لتحصيل الضرائب