الدوحة – قطر
انطلقت أمس أعمال المؤتمر السابع للمنتدى العربي الدولي للمرأة والتي تعقد تحت شعار “قيادات نسائية عربية شابة: صوت المستقبل” وينظمها المنتدى العربي الدولي للمرأة بالتعاون مع منتدى سيدات الأعمال القطريات بغرفة قطر وبرايس ووترهاوس كوبرز.
وهدف المؤتمر الذي تستمر أعماله ليوم واحد إلى تسليط الضوء على إسهامات سيدات الأعمال في قطر والاحتفاء بهن، ودعم وتمكين الجيل الجديد من القيادات النسائية في قطر للإسهام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في قطر بشكل خاص، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام، كما سيناقش المؤتمر الدور الذي يمكن للحكومات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والقطاع الأكاديمي الاضطلاع به لمساعدة الشباب المبتدئين في قطاع الأعمال لاستغلال قدراتهم، وذلك من خلال إطلاق مشاريع ربحية وتطويرها بشكل تدريجي، بهدف إيجاد فرص عمل ودفع عجلة نمو الاقتصاد القطري.
وقالت هيفاء فهوم الكيلاني مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة المنتدى العربي الدولي للمرأة، في كلمة افتتاحية للمنتدى، إن دمج الشباب يشكل تحديا اجتماعيا وسياسيا كبيرا وملحا، ولكنه في الوقت ذاته يمثل فرصة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لافتة إلى أن معدل البطالة بين الشباب في العالم العربي لا يزال عند نسبة 25 بالمائة، ووفقا لمحللين إقليميين فإن منطقة الشرق الأوسط ستحتاج إلى 100 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2020، أي ضعف المستوى الحالي من الوظائف في العشرين عاما الأولى من القرن الـ21 وهو ما يمثل تحديا كبيرا حتى في الأسواق الإقليمية ذات توقعات النمو الجيدة.
وأضافت أنه مما لا شك فيه أن النساء العربيات حققن الكثير بفضل الاستثمارات الكبيرة في التعليم بالدول العربية، وتقلص الفجوة بين الجنسين خلال العقدين الماضيين، وقد أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD إلى عدد من التوجهات الإيجابية خلال العقدين الماضيين من ناحية المشاركة الاقتصادية للمرأة، إذ زادت نسبة التعليم بين النساء من 61 بالمائة في عام 2000 إلى 70 بالمائة عام 2011، كما ارتفعت مشاركة النساء في الحياة العامة والسياسة والمواقع القيادية من 3.8 بالمائة عام 2000 إلى 12.8بالمائة عام 2013.
وتابعت، فاق الآن عدد النساء اللاتي يتخرجن من الجامعة عدد الرجال، وفي مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل خاص تشكل النساء أكثر من 60 بالمائة من عدد طلاب الجامعات، وقد أصبحن يتخرجن بشهادات في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، التي كان يهيمن عليها الرجال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغيرها من مناطق العالم.
ولفتت إلى أن مشاركة النساء في القوى العاملة بالدول العربية هي الأقل بالعالم، وكما لاحظت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD فإن 18 بالمائة من النساء في المنطقة عاطلات عن العمل، إلا أن المشاركة الاقتصادية بين النساء تختلف من بلد إلى آخر في المنطقة العربية، فطبقا للبنك الدولي تبلغ مشاركة النساء في القوى العاملة نحو 47 بالمائة في دولة الإمارات العربية المتحدة، و39 بالمائة في البحرين و43 بالمائة في الكويت و51 بالمائة في دولة قطر وهي أعلى نسبة مشاركة للنساء في القوى العاملة بالعالم العربي.
ونوهت مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة المنتدى العربي الدولي للمرأة، ببيانات المنتدى الاقتصادي العالمي التي أوضحت أن النساء في دولة قطر هن من بين أكثر النساء تعليما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يحمل أكثر من 70 بالمائة منهن شهادة البكالوريوس، وتأتي قطر في المرتبة الأولى بالعالم من حيث معدل النساء المسجلات في مرحلة التعليم العالي، كما تحقق النساء خطوات واسعة في قطاع الأعمال بقطر، وكذلك في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعمل أكثر من 36 بالمائة من النساء القطريات خارج المنزل، وفي عام 2014 بلغت نسبة النساء القطريات العاملات في قطاعات التعليم والعلوم الاجتماعية والطبيعية 21 بالمائة.
وتطرقت إلى تقرير الإحصاءات الثقافية في قطر الذي أصدرته وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، الذي أشار إلى أنه في الوقت الحالي تعمل نحو 25 بالمائة من النساء القطريات في قطاع البناء، و27 بالمائة في قطاع المعلومات والتكنولوجيا، و45 بالمائة في العلوم والمجالات ذات الصلة، مشيرة إلى أن ذلك يعني أن النساء شكلن ما نسبته 9ر1 بالمائة من مجموع الموظفين في هذه التخصصات في العام 2001 و 8 بالمائة في 2010، وهو ما يعد تقدما رائعا في فترة زمنية قصيرة نسبيا.
بدورها، أكدت السيدة ابتهاج الأحمداني رئيسة منتدى سيدات الأعمال القطريات وعضو مجلس إدارة غرفة قطر، أن مبدأ تمكين المرأة يعتبر ركنا استراتيجيا من أركان التنمية الاجتماعية اللازمة للنهوض بالمجتمع القطري، ولقد أثبتت المرأة القطرية أحقيتها بالدعم الممتد منذ سنوات بعيدة، فقد تقلدت مناصب قيادية في الكثير من الدوائر الحكومية ومناصب مرموقة في العديد من الجهات على المستوى الوزاري والدبلوماسي بجانب المؤسسات الصحية والقطاعات المالية والسياحية، إضافة إلى دورها البارز في مجال التربية والتعليم، وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك قدرتها وكفاءتها على إنشاء أعمال واستثمارات خاصة بها وإدارتها.
ولفتت الأحمداني إلى أن دولة قطر تقدم نموذجا فريدا من ناحية القوانين والتشريعات وتوفير ضمانات التعليم والتدريب وفرص العمل وتغيير النظرة المجتمعية للمرأة العاملة بالإضافة إلى دعمها وتحفيز نشاطاتها وتوفير بيئة مناسبة، بما يؤدى في نهاية المطاف إلى امرأة قيادية ناجحة.
ونوهت بأنه في مجتمع الأعمال الخليجي والعربي نجد أن هناك نماذج وأمثلة لسيدات أعمال نجحن في المنافسة بقوة والدخول في مجتمع الأعمال وحققن نتائج مبهرة، وفي مجتمع الأعمال القطري استطاعت المرأة القطرية الدخول بقوة في مجالات عدة وساهمت في الاقتصاد الوطني بفاعلية وإيجابية، مذكرة بأن ثروات المستثمرات القطريات اليوم ما بين 20 إلى 25 مليار ريال قطري متنوعة المصادر، وأن هناك 2700 سجل تجاري لسيدات أعمال قطريات، كما أن المرأة استطاعت أن تحقق قفزات كبيرة في تطوير الصناعات التقليدية للأسر المنتجة، وأن هناك بعض الأمثلة استطاعت بنجاح أن تخرج من محيط الصناعات البسيطة إلى محيط مجتمع الأعمال.
وأشارت إلى أن هذا لم يأت إلا بفضل حصاد عمل سنوات أولت فيها القيادة الحكيمة لدولة قطر الاهتمام البالغ من خلال سن القوانين والتشريعات التي انصبت في صالح تمكين المرأة وتحفيزها، أو من خلال المؤسسات التعليمية والمراكز الأهلية والمجالس العليا والمؤتمرات واللجان والجمعيات النسائية المعنية بشؤون المرأة.
ولفتت إلى أن المرأة العاملة تواجه العديد من التحديات التي تحول دون الاضطلاع بدورها الفاعل على أكمل وجه في المجتمع، فما زال بعض النساء يجدن صعوبة في الحصول على فرص عمل أفضل تناسب قدراتهن وإمكانياتهن، فضلا عن تمويل المشاريع وتعقيدات إجراءاتها، وعدم إلمام المرأة العاملة بالقوانين والتشريعات الخاصة بالاستثمار، كذلك مازالت المرأة تواجه تحديات اجتماعية تدور حول النظرة التقليدية (لبعض الأسر) التي تحصر دور المرأة بأداء واجباتها المنزلية، وذلك دون الاعتراف بحاجتها للعب دور مجتمعي وانخراطها في سوق العمل.
وتابعت، هناك تحد آخر يتمثل في مدى قدرة المرأة العاملة على تنويع مجالات مشاريعها، فلا تقتصر على المشاريع التي تحمل طابعا نسائيا، بل تمتد لمجالات سبقها إليها الرجال، مجددة التأكيد على الدور العظيم للتعليم بالنسبة للسيدات، فالزيادة في أعداد النساء المتعلمات من شأنها رفع معدلات المرأة في أسواق العمل.
وأعربت عن أملها في أن تثمر النقاشات خلال جلسات المنتدى عن نتائج إيجابية وبناءة تساهم في النهوض بتمكين المرأة ليس فقط اقتصاديا بل في مختلف المجالات.
من جانبه، أكد السيد محمد مبارك الخاطر المدير التنفيذي للاستثمار في بنك قطر للتنمية، الذي ألقى كلمة خلال المؤتمر نيابة عن السيد عبدالعزيز بن ناصر الخليفة الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية، أن البنك هو بنك التمويل الأساسي للمشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة بدولة قطر، وهو شريك مع حاضنة قطر للأعمال وجهات أخرى، والتي تقوم بأعمال وخدمات تسهم في نجاح الأعمال والمشاريع كتقديم الإرشاد والنصح بجانب التمويل لأصحاب هذه المشاريع ومساعدتهم على النهوض بها واحتلالها مراكز ريادية.
وأوضح أن بنك قطر للتنمية يقدم خدمات استشارية يتم وضعها في إطار معين وتقديمها إلى أصحاب الأفكار الراغبين في تأسيس شركات، فضلا عن تقديم الدعم المادي لهم وشراء أسهم في شركاتهم بما يضمن نجاح هذه الشركات والنهوض بها.
وحول المشاريع الخاصة بالنساء في دولة قطر، أوضح أن عدد المشاريع التي استطاعت بها المرأة أن تحطم أرقاما قياسية خلال العشرين سنة الماضية كبير جدا، واليوم أيضا حين ننظر إلى عدد المتحدثات والمشتركات في المؤتمر وخاصة هؤلاء اللاتي كرسن أنفسهن وقدمن دعما للمشاريع في دولة قطر، نجد أن هذا أمر ملهم جدا وينظر إليه باحترام، مؤكدا أن تمويل النساء بالتحديد له دور مهم يعود بالنفع على الاقتصاد في أي بلد.
ولفت إلى وجود بعض المعوقات التي يتعرض لها قطاع الريادة النسائية منها الثقافية والاجتماعية وغيرها، إلا أن الكثير من السيدات تغلبن على هذه المعوقات ووصلن إلى مراتب كبيرة وريادية في العديد من المشاريع ليس فقط على الصعيد المحلي لكن أيضا على الصعيد الدولي.
كما أكدت السيدة عائشة المضاحكة الرئيسة التنفيذية لحاضنة قطر للأعمال، أن القيادات النسائية الشابة في وضع ممتاز جدا لمواكبة التغيرات التي ستمكنهن من التمتع بمستقبل مزدهر، مضيفة أن مشاركة النساء في هذا المؤتمر تأتي في إطار المساهمة الفعالة من أجل تحقيق رؤية للمستقبل والتقدم المنشود.
وشددت المضاحكة على ضرورة عدم الإذعان للفشل والاستسلام بسهولة عند التعرض له، بل يجب العمل بجد واجتهاد والاستفادة من الفشل وتحويله إلى نجاح قوي، مشيرة إلى أن بعض السيدات يواجهن عوائق في حياتهن اليومية والاجتماعية، منها الزواج مثلا وإنجاب الأطفال ، وأن هذا يؤثر بدوره على قيامهن بالأعمال أو حتى إكمال دراستهن، غير أن الكثيرات تغلبن على هذه العوائق وحققن نجاحات كبيرة.
ونوهت بضرورة تحديد مجال العمل المناسب، وأن النجاح لن يتحقق بين ليلة وضحاها، لكن العمل الدؤوب والإصرار على تحقيق الهدف يثمر في النهاية ويتوج بالوصول إلى الغاية المنشودة.
وأعربت عن أملها في أن يثمر المنتدى العربي الدولي للمرأة الذي تستضيفه الدوحة عن مكاسب أكثر لصالح القيادات ورائدات الأعمال بالدولة.
وقال السيد وديع أبو نصر شريك “برايس ووترهاوس كوبرز” في قطر إن الشركة تستثمر في الأشخاص، وتسعى إلى تقديم ما يمكن عمله لهم بهدف تطويرهم ومساعدتهم ليكونوا مستثمرين ناجحين، موضحا أن مساعدة الناس وتطويرهم تؤدي بدورها إلى النهوض بالقطاعات العملية.
وأوضح أن التكنولوجيا تلعب دورا مهما في النهوض بالأعمال، فمن خلال التكنولوجيا يمكن التعامل مع جميع المشكلات وحلها بسهولة، فمثلا يمكن للشخص أن يكون بدولة ما ويدير عملا بدولة أخرى، وذلك عن طريق الهواتف الذكية التي مكنت الجميع من التواصل بشكل أكثر فعالية وديناميكية.
ونوه بأهمية التركيز على التعريف بالنماذج الناجحة لاسيما من النساء صاحبات الأعمال حتى يتسنى للجميع التعرف على الأدوار المهمة التي تقوم بها هؤلاء النساء، وبالتالي يصبحن مثالا يحتذى به ويلهمن الكثيرات، ويشجعهن على الدخول بأعمال تساهم في تحسين حياتهن الاجتماعية وتعود بالنفع على اقتصاد بلادهن.
ومن المقرر أن يتطرق المؤتمر إلى فرص التعاون المتاحة بين دولة قطر ومجتمع الأعمال الدولي بغية تعزيز دور النساء القياديات وتوسيع نطاقه، إلى جانب مناقشة التحديات الماثلة والفرص المتاحة واستعراض أمثلة لنجاح العنصر النسائي في قطاع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك من خلال 7 جلسات تعقد طوال يوم المنتدى.
كما سيستعرض سبل تحقيق الاستفادة القصوى من الفرص غير المسبوقة الناتجة عن التطورات التكنولوجية والتجارة بين الدول، ودور مواقع التواصل الاجتماعي في قطاع ريادة الأعمال العربية، إلى جانب الدور الذي يمكن لمواقع مثل “فيسبوك” و”تويتر” الاضطلاع به بغية تعزيز قصص النجاح ونشرها ومعالجة التحديات التي تواجه رائدات الأعمال العربيات.
وستخصص جلسة محورية لمناقشة ديناميكيات قطاع الأعمال في الوطن العربي، يشارك فيها نخبة من قادة الأعمال الذين يمثلون شركات إقليمية مرموقة، حيث سيقدم هؤلاء القادة نصائح جوهرية حول أفضل السبل لمعالجة التحديات التي تواجه قطاع الأعمال بطرق ذكية ومبتكرة.
ومن المقرر أن يختتم المؤتمر بجلسة تسلط الضوء على القيادة، حيث ستتحدث مجموعة من القيادات النسائية القطرية عن قصص نجاحهن ويتبادلن الخبرات حول أفضل السبل للتعامل مع تحديات قطاع ريادة الأعمال.
يذكر أن المنتدى العربي الدولي للمرأة هو منظمة غير ربحية، تمتد شبكة أعضائها وعلاقاتها في أكثر من 45 دولة حول العالم، كما تجمع قادة الأعمال العرب بعضهم ببعض من جهة ومع نظرائهم في دول العالم من جهة أخرى بهدف تبادل المعرفة والخبرات وتطوير الإمكانات، حيث يعمل المنتدى على تشجيع العنصر النسائي في الوطن العربي واكتشاف قدراته.
وقد عقد المنتدى عدداً من المؤتمرات الدولية في كل من: لندن ودبي وباريس ودمشق وواشنطن ومدريد وبروكسل والشارقة والقاهرة وعمان وبيروت، ونال اعترافا على المستويين العربي والدولي تقديرا لدوره الداعم للنساء في قطاع الأعمال وحرصه الكبير على تمكينهن.
وناقشت هذه المؤتمرات استراتيجيات إيجاد فرص العمل، والتنمية المستدامة والشاملة، والتنافسية الاقتصادية، وتطوير رأس المال البشري، إلى جانب تعزيز الابتكار والتعاون من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.