أعدت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة بدول لتراقب سياساتها النقدية، إما بسبب فوائض الميزان التجاري لصالح هذه الدول على حساب واشنطن، أو للحذر “المفرط” في السياسات المالية.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية بنهاية شهر أبريل الماضي عن أنها ستعزز مراقبتها لخمس دول بينها ألمانيا والصين للتأكد من أن سياساتها التجارية أو النقدية لا تمنحها “امتيازات تنافسية غير نزيهة”.
وقال التقرير نصف السنوي حول صرف العملات الذي صدر آخر شهر أبريل الماضي إن وزارة الخزانة ستراقب عن كثب وستقيم توجهات هذه الدول وسياساتها في أسواق الصرف، وكشف عن لائحة المراقبة هذه التي وضعت بموجب قانون صدر في 2015.
وحددت الوزارة مجموعة الدول الخمس، التي تضم أيضا اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية، استنادا إلى الفائض التجاري الكبير مع الولايات المتحدة، أو الفائض في حساباتها الجارية أو إلى عمليات تدخل كبيرة و”أحادية الجانب” في سوق الصرف.
وأوضح التقرير أنه بعد إجراءات طويلة، تبين أن أيا من هذه البلدان حقق هذه المعايير الثلاثة ولم يغير سياسته، فإن الإدارة الأمريكية يمكن أن تفرض عقوبات تتراوح بين حظر المشاركة في أسواق عامة أمريكية والاستبعاد من اتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة.
وتعاني اليابان من ارتفاع قيمة عملتها أمام الدولار الأمريكي في الآونة الأخيرة ما تسبب في حدوث تباطؤ اقتصادي خصوصا على المصدرين.
وفي شهر مايو الماضي، وخلال اجتماعات قمة السبع، وجهت الولايات المتحدة تحذيرا جديدا لليابان بسبب تدخلها في سوق العملة، ليلقي الخلاف بين الدولتين إزاء أسعار الصرف بظلاله على اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع.
وظهر الخلاف على الملأ في اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع في سينداي باليابان، وقال وزير الخزانة الأمريكي “جاك لو” إنه لا يرى أمرا خارجا عن المعتاد في تحركات الين في الوقت الراهن، وذلك عقب اجتماع ثنائي مع نظيره الياباني.
وقال وزير المالية الياباني تارو آسو إنه لم تجر “مناقشات حامية” بشأن الين مع لو، وأن وجود خلافات في كيفية تقييم تحركات أسعار الصرف بين الدول أمر طبيعي، مضيفا: “أبلغت (لو) أن تحركات العملة في الآونة الأخيرة أحادية الجانب وتنم عن مضاربة”، ومؤكدا أن مكاسب الين في الأسابيع الأخيرة غير معتادة.
والصين من ناحية أخرى، مدرجة على لائحة هذه الدول بسبب الفوائض الكبيرة، لكن وزارة الخزانة تخلت عن الإشارة في تقريرها إلى “خفض تقدير قيمة” اليوان بعد القرار الذي بدأت السلطات الصينية تطبيقه في صيف 2015 بالسماح بتقلبات في أسعار صرف عملتها.
ويتوقع التقرير الأمريكي ارتفاع سعر اليوان “في الأمد المتوسط” ويواصل دعوة الصين إلى “مزيد من الوضوح” في سياستها النقدية لتجنب زعزعة استقرار الأسواق.
وبحسب وكالة الأنباء الصينية الرسمية “شينخوا”، قال وزير الخزانة الأمريكي، إن الصين تحرز تقدما في مجالات رئيسية من بينها مرونة سعر الصرف، وإنه من الضرورة بمكان أن تواصل الصين التحرك في اتجاه مرونة عملتها على الوجهين.
ولدى حديثه للصحفيين قبل زيارة وزير الخزانة الأمريكي لبكين لحضور الاجتماعات الثامنة للحوار الإستراتيجي والاقتصادي الصيني- الأمريكي الذي عقد أول الشهر الجاري، أشار المسؤول إلى أن السمة المميزة لنظام سعر صرف موجهة نحو السوق تسعى الصين إلى تحقيقه ستكون مرونة على الوجهين تسمح لسعر صرف العملة الصينية بالارتفاع والانخفاض استجابة لقوى السوق.
وعندما طلب منه التعليق على الانخفاض الذي شهدته العملة الصينية (الرنمينبي) مؤخرا، قال المسؤول إنه أمر هام لتقييم سعر الصرف بالقيمة الفعلية الحقيقية، وبالتحديد مقابل سلة من عملات الشركاء التجاريين بدلا من تقييم سعر الصرف بشكل ثنائي.
ولفت المسؤول أيضا إلى أنه من المهم للصين مواصلة إبراز نواياها المتعلقة بسياسات سعر الصرف بكل وضوح.
أما ألمانيا فقد أدرجت في المجموعة بسبب احتياطاتها الميزانية “المفرطة” التي قال التقرير إنها يمكن أن تستخدم لدعم الطلب الداخلي والحد من الخلل داخل منطقة اليورو. وقالت وزارة الخزانة إن “ألمانيا تملك هامش مناورة كافيا لتقديم دعم إضافي للطلب”.
وكانت الإدارة الأمريكية دعت في الماضي مرات عدة برلين إلى استخدام هامش المناورة في الميزانية الذي تملكه لدعم النشاط، لكن ألمانيا تواصل الدفاع عن سياستها الحذرة وتعارض أي سياسة جديدة لإنعاش الميزانية.