عراك اقتصادي بين أكثر من عشرين دولة، تزايدت شراسته العام الماضي 2015 بشكل كبير، هذا أبرز ما يمكن أن نوصف به مصطلح “حرب العملات” التي يبدو وأنها ستكون قاطرة تقود إلى حرب باردة، وسط توقعات بأن تقود إلى حرب عالمية ثالثة.
العراك تمثل في العديد من الإجراءات المتتالية التي اتخذتها العديد من الدول، أبرزها خفض معدل الفائدة، أو تخفيف السياسة النقدية، وتفعيل تدابير تدعيم ذلك التخفيف.
بعض البنوك المركزية تشعل الحرب من خلال التدخل المباشر من خلال بيع العملة وشراء النظير الأجنبي، مما يساهم في خفض القيمة الأولى، بينما يوظف معدل الفائدة للضغط على العملة المحلية، كما تستغل سياسات التيسير الكمي.
طريقة أخرى تساهم في إشعال الحرب، تتمثل في التصريحات الإعلامية التي من شأنها أن تقلب واقع العملات رأسًا على عقب.
كل هذه الطرق تشير إلى التأثر العالمي بما يسمى بـ”حرب العملات” والتي تبلغ ذروتها بين العملات الآسيوية من جهة، والدولار الأمريكي من جهة أخرى، في ظل ترقب عالمي مشوب بالحذر، وفي بعض الأحيان، بالعديد من الإجراءات.
الصين، فاجأت العالم عندما خفضت قيمة اليوان في أغسطس 2015، وذلك بهدف دعم الصادرات، فيما طالتها أصابع الاتهام بأنها اتخذت ذلك الإجراء لإصابة الأسواق العالمية بالتخبط والاضطراب.
ويأتي تخفيض قيمة اليوان كإجراء عالمي التأثير، نظرًا للتأثير الصيني الكبير في حركة الصادرات والواردات على مستوى العالم أجمع.
الولايات المتحدة من ناحية أخرى، تتخذ العديد من الإجراءات “الدولارية”، تدفع فاتورتها دول العالم أجمع، لأن كل تلك الدول مرتبطة في سياساتها الاقتصادية بالدولار الأمريكي وبالأخص في سوق السندات.
حرب عملات لا تلقي بظلالها فقط على الدولار واليوان والين، العملات الأكثر شراسة في الحرب، ولكنها تلقي بظلالها على عملات ناشئة، وبالأخص، الآسيوية منها، حيث فرض استمرار خفض “اليوان” ضغوطًا على دول آسيوية أخرى، لخفض قيمة عملاتها، من أجل الاحتفاظ بقدرتها التنافسية أمام آلة التصدير الصينية.
ومع هبوط اليوان، تراجعت عملات آسيوية ناشئة، حيث هبطت الروبية الإندونيسية والرنجيت الماليزي إلى أدنى مستوى لهما منذ 17 عامًا، وخارج القارة الآسيوية، تراجع الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي إلى أدنى مستوى لهما في 6 أعوام.
إجراءات وتأثيرات تشبه إلى حد كبير الحرب الباردة التي جرت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بدءًا من منتصف القرن الماضي، ولكن هذه المرة على الناحية الاقتصادية، فإن لم يلقَ حجر في الماء الراكد من أي طرف في الأزمة، فربما تتحول حرب العملات إلى حرب عالمية ثالثة.