تأكد في شهر ديسمبر الجاري، أن التباين في السياسات النقدية العالمية قد بات الآن واقعاً معاشاً. ففي 8 ديسمبر، أقرّ البنك المركزي الأوروبي جرعة أخرى من الحوافز النقدية. وبعد أسبوع من ذلك تقريباً، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتشديد السياسة النقدية عن طريق رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. ويعكس هذا الاختلاف بين الإجراءين اللذين اتخذهما كل من البنكين المركزيين تبايناً في الأداء الاقتصادي. لكن هذا التباين في النمو العالمي لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة.
ويعكس تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة مقابل التيسير الذي تشهده منطقة اليورو تبايناً في الأوضاع والآفاق الاقتصادية. ففي الولايات المتحدة، من المتوقع أن يرتفع النمو بنسبة 2.1% في 2017 وذلك من 1.9% في 2016، حيث سيكون مدعوماً جزئياً بالتحفيزات المالية المتوقعة من طرف الإدارة الجديدة. في الجانب الآخر، من المتوقع أن يستقر النمو في منطقة اليورو عند معدل 1.7% في 2017.
ومن غير المحتمل أن يتجسد التباين الكبير في معدلات النمو على أرض الواقع. فمن المرجح أن يؤدي تضافر تخفيف السياسة المالية وتشديد السياسة النقدية إلى ارتفاع في قيمة الدولار مقابل اليورو. ومن شأن ذلك أن يحد من القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية مقارنة مع نظيراتها الأوروبية، وبالتالي يحول النمو من الولايات المتحدة نحو منطقة اليورو ويؤدي إلى تقليص التباين بين معدلات النمو. وبعبارة أخرى، فإن الارتفاع المتوقع في قيمة الدولار الأمريكي سيؤدي إلى تحول بعض الطلب الناتج عن التحفيزات المالية للرئيس ترامب إلى بقية الاقتصادات المتقدمة.