قدم سعادة علي شريف العمادي وزير المالية رئيس المجموعة الوزارية للتنسيق ومتابعة المشاريع الكبرى ذات الأهمية الإستراتيجية الأسبوع الماضي، مجموعة من المؤشرات حول تقدم تنفيذ المشاريع التي التزمت بها الدولة سواء تلك المتعلقة بكأس العالم التي تحتضنه الدولة في 2022 أو المشاريع المرتبطة بالقطاعات الحيوية على غرار قطاعي الصحة والتعليم، والمشاريع التي تتوافق مع الرؤية الاقتصادية للدولة والتي تستهدف تحقيق مستويات نمو متميزة قبل كأس العالم وبعده. وتضمنت تلك المؤشرات بدرجة أولى نسبة تقدم إنجاز مشاريع البنية التحتية المتمثلة في الطرق السريعة، حيث ينتظر أن تنتهي الجهات المختصة من إنجاز جميع الطرق المبرمجة وتسليمها في الربع الثاني من العام 2020، مع الإشارة الى ان نسبة 65% من تلك الطرق ستسلم خلال العامين 2017 و2018 على أن تقفز تلك النسبة الى أكثر من 95% بنهاية عام 2019.
728 مليار ريال
وتعتبر الطرق والبنية التحتية من أهم الركائز في أي دولة وتماشيا مع الالتزامات المعلنة، رصدت قطر ضمن توجهاتها المعلنة نحو 728 مليار ريال لمشاريع البنية التحتية من طرق وموانئ بحرية وجوية إضافة إلى منشآت حيوية مخصصة لعدد من القطاعات الحساسة على غرار الكهرباء والماء والاتصالات، وتعمل هيئة الأشغال على متابعة سير وتنفيذ تلك المشاريع إضافة إلى الإشراف على مشروع الريل الذي بلغت نسبة الإنجاز فيه 50% مع استكمال عمليات حفر الأنفاق وإنجاز 45% من المحطات. وتتجاوز تكلفة مشروع الريل 145 مليار ريال. وأشار وزير المالية في تصريحات صحفية إلى أن الدولة قررت تأجيل بعض المشاريع في مجال البنية التحتية إلى ما بعد كأس العالم بهدف تحقيق مستويات نمو متميزة، باعتبار أن البنية التحتية من القطاعات المحفزة للاقتصاد الوطني.
وفي قراءة للمؤشرات وربطها مع الواقع الحالي، يتبين عدة نقاط جوهرية، أبرزها أن الدولة أمام تحديين أساسيين، الأول استكمال جميع المشاريع التي التزمت بها الدولة قبل كأس العالم 2022 والبالغة قيمتها حاليا نحو 374 مليار ريال في الجدول الزمني المقرر، رغم المتغيرات الاقتصادية المتوقعة، في حين سيكون التحدي الثاني الذي سيتم الإعلان عنه هو المحافظة على ما تم تحقيقه قبل وخلال كأس العالم، بل تعزيزها وتدعيم تلك المكاسب بإنجازات اقتصادية جديدة.
أما عن التحدي الأول، فإن الدولة عازمة على المضي قدما في إنجاز المشاريع حيث تسارعت الخطى لوضع اللمسات الأخيرة على عدد من المشاريع التي اكتملت إما جزئيا أو كليا، وذلك رغم تراجع أسعار النفط منذ العام 2015 والتي بلغت أدناها في العام 2016 قبل أن تنتعش مع نهاية العام الماضي ومطلع العام الجاري.
وكان وزير المالية أعلن أن تحسن أسعار النفط ساهم في اقتراب الموازنة من نقطة التعادل بمعنى تسجيل عجز صفري، كما أن التصريحات الإعلامية السابقة تؤكد على مواصلة الإنفاق بشكل طبيعي على المشاريع الأساسية والأخرى المرتبطة بكأس العالم، بل إن بعض المصادر تشير إلى التوجه نحو توسيع الإنفاق على المشاريع المتبقية خاصة بعد الانتهاء من المراحل الأولى لعدد من المشاريع.
وبناء على ما سبق فإن التحدي الأول سيكون مقدورا عليه خاصة مع توقعات بتواصل تحسن أسعار النفط خلال السنوات المقبلة والتي ينتظر أن تصل إلى مستوى 70 دولارا للبرميل الواحد.
مشاريع البنية التحتية
إلى ذلك، قال الخبير في مجال العقارات أحمد العروقي لـ«لوسيل» إن مشاريع البنية التحتية تساهم في تهيئة مناطق عمرانية وصناعية مختلفة بما ينعكس إيجابيا على مستويات النمو، مضيفا أن مد الجسور وربط المناطق ببعضها من خلال المشاريع المتعلقة بكأس العالم سيساهم في إنشاء حركة جديدة في السوق العقاري إضافة إلى تطوير الأراضي، وتابع قائلا: «يضاف إلى ذلك أن تطوير مدينة لوسيل والمناطق الأخرى سيؤدي الى نهضة سكانية وانتعاشة لمالكي العقارات والأراضي». في مقابل ذلك فإن التحدي الأكبر هو التحدي الثاني والمتمثل في المحافظة على ما تحقق وتدعيمه، وفي هذا الإطار شرعت الدولة في السنوات الأخيرة تخطط لعدد من المشاريع لما بعد كأس العالم من خلال تحقيق قفزات عملاقة في مجال الاستثمارات وتنويعها بعيدا عن قطاع النفط والطاقة، حتى تحقق مستويات نمو عالية للاقتصاد الوطني، بمعنى أن البترول والغاز الطبيعي سيكونان داعمين للاقتصاد الوطني.
وينتظر أن يتم توسيع الآفاق أمام القطاع الخاص حتى يكون مساهما بارزا في المشاريع التي ستنفذ بعد كأس العالم والتي ستتركز أساسا في قطاع الخدمات والسياحة مع فتح المجال أمام قطاع الصناعة بحكم الانتهاء من ميناء حمد الذي سيكون أيقونة في الخليج العربي ونقطة انطلاق وعبور للتجارة مع مختلف قارات العالم.
وبخصوص تأجيل بعض المشاريع الى ما بعد كأس العالم قال الخبير العقاري أحمد العروقي إن تلك المشاريع ليست مرتبطة بكأس العالم وأن الأولوية الآن للمشاريع الأساسية والتي هي على علاقة بالمونديال الذي تفصلنا عنه 5 سنوات تقريبا، مشددا على أن تلك المشاريع المؤجلة ستكون لها فوائد مختلفة بعد كأس العالم حيث ستسمح بتحريك العجلة الاقتصادية من خلال تهيئة مناطق عمرانية في مناطق مختلفة من الدولة.