في الآونة الأخيرة، تزايدت وتيرة الإجراءات التي انتهجتها المملكة العربية السعودية لإتمام خطة «السعودة» التي تستهدف بها إلحاق المزيد من السعوديين بسوق العمل السعودية، التي تكتسحها العمالة الوافدة، نظرًا لفروق الموارد البشرية، والعملية، والخبراتية التي ترجح كفة القادمين من خارج المملكة.
في شهر أغسطس الجاري، في الأسبوع الثاني منه تحديدًا، قال عبد الله آل طاوي، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للشؤون التنموية، إن الجهات المختصة قررت تطبيق أنظمة التوطين على أكثر من 12 قطاعا وظيفيا، بينها السياحة والفنادق. وأضاف آل طاوي، أن التركيز سيكون على قطاعي السياحة والفنادق، لما يمثلانه من ثقل، خاصة في العاصمة المقدسة. كان هذا استكمالًا لسلسلة قرارات مؤخرة، بدأت حينما أقرت «الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني» في السعودية، حصر العمل في قطاع استخراج التأشيرات السياحية على السعوديين فقط. سبقت ذلك قرارات مشابهة في قطاعات اقتصادية أخرى مثل أسواق التجزئة، والاتصالات، والتأمين، بهدف توطين العمالة في البلاد، وتقليص معدل البطالة بين المواطنين.
وتقول بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية إن إجمالي الباحثين عن عمل بالمملكة تجاوز في الربع الأول من 2017 مستوى 900 ألف شخص.
بعد ذلك، كان الموعد مع قطاع عملي بالغ الأهمية في المملكة، ألا وهو «الهندسة» القطاع الذي يضم في جنباته أغلبية وافدة باكتساح، أغلبها من الدول العربية، وتحديدًا من جمهورية مصر العربية، لتبادر المملكة بإجراءات بدت قريبة من جوهر السعودة، وإن كان كثيرون يشككون في قابلية إخضاع ذلك القطاع تحديدًا للعمالة السعودية.
كان ذلك حين اتفقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية والهيئة السعودية للمهندسين، على إيقاف استقدام المهندسين الوافدين ممن تقل خبرتهم المهنية عن خمس سنوات، إضافة إلى إلزام المهندسين الوافدين المستقدمين باختبار مهني، ومقابلة شخصية، عن طريق الهيئة، للتأكّد من إلمام المهندس الوافد بالمهنة وتخصّصه.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الهيئة الدكتور جميل البقعاوي والدكتور أحمد القطان وكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للسياسات العمالية، أن هذا القرار تمّ اتخاذه من قِبل الوزارة والهيئة، لإتاحة الفرصة للمهندسين السعوديين، وإيجاد فرص عمل لهم بالقطاع الهندسي في القطاعات الحكومية والخاصة، وتمكينهم وإكسابهم الخبرات بالمجالات الهندسية في سوق العمل. الإجراءات المتنامية في الآونة الأخيرة لتعزيز السعودة، تثار الكثير من الشكوك حول جدواها الحقيقية، سواء فيما يتعلق بخفض البطالة، أو في إتمام المشاريع المستقبلية للمملكة، أو في كفاءات أسواق العمل، وهي تساؤلات يبدو أن السعودية حسمت الإجابة عنها فور تنامي سلطة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي بدأ إجراءاته الاقتصادية الصارمة، دون أن تكون هناك بوادر طمأنة، سواء للسعوديين على اقتصاد دولتهم، أو للعمالة الوافدة على فرصها داخل المملكة.