استعرض بنك قطر الوطني (QNB) في تحليله الأسبوعي الاتجاهات الجديدة في السوق الآسيوية للغاز الطبيعي المسال الذي ارتفعت أسعاره بشكل حاد خلال الأشهر الأخيرة بسبب ارتفاع الطلب الصيني، وأوضح البنك أنه وعلى الرغم من زيادة المعروض في السوق، إلا أن المشترين الصينيين واجهوا صعوبة في العثور على الغاز الطبيعي المسال لأن معظم الإمدادات كانت محجوزة بعقود طويلة الأجل، ما ترك أقل من ثلث إجمالي الإمدادات متاحاً في السوق الفورية العالمية، ومع ذلك، يمكن للتغييرات في العرض والطلب وقرب انتهاء العقود طويلة الأجل أن يدفع المزيد من مبيعات الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الفورية وقد يترتب على ذلك اعتماد عقود مبيعات ذات آجال أقصر.
وتوقع البنك أن يتواصل هذا التحول التدريجي خلال السنوات القادمة لكن مع استمرار معظم السوق، خاصة المنتجين الرئيسيين مثل دولة قطر، في العمل بعقود طويلة الأجل وتأمين حاجة المشترين من الطاقة لمدى طويل.
ولفت البنك إلى أن سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي يعمل بشكل مختلف جداً عن سوق الوقود الأحفوري، النفط الخام، فليس هناك سعر قياسي مفرد للغاز الطبيعي المسال حيث إن السوق مقسمة بشكل كبير حسب المناطق.. ففي أمريكا الشمالية وأوروبا، تتم اليوم مزاولة تجارة الغاز الطبيعي المسال بعقود ذات فترات أقصر، ويعكس التسعير بصفة عامة أساسيات السوق المرتبطة بالعرض والطلب، غير أن حجم الغاز الطبيعي المسال الذي يتم تداوله منخفض نسبياً بسبب أن أوروبا وأمريكا الشمالية لديهما بنية تحتية أكثر نضجاً من خطوط الأنابيب التي يتم من خلالها توفير كميات أكبر من الغاز.
ونوه البنك إلى أن الجدل طال بشأن ما إذا كان يتعين على آسيا التحول إلى نموذج أكثر مرونة على غرار أمريكا الشمالية وأوروبا، وعلى نحو تاريخي، ظلت العقود طويلة المدى ومقايسة أسعار النفط مفيدة لكل من المنتجين والمستهلكين على حد سواء، فقد أدى التدفق النقدي المستمر نحو المنتجين إلى رفع الاستثمار في القطاع والذي بدوره منع حدوث نقص في الإمداد أو ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين.
وأفاد بنك قطر الوطني في تحليله إلى بروز عاملين يشكلان تحدياً لبيئة التشغيل الراهنة، أولهما أن الظهور القوي للغاز الصخري في الولايات المتحدة شكل مصدراً جديداً للإمداد إلى أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية وأدى إلى خفض الأسعار، مما حفز المشترين إلى التحول إلى عقود قصيرة.
وتسبب التطور السريع للغاز الصخري الأمريكي في منتصف العقد الماضي في وفرة المعروض في سوق الغاز المحلي في الولايات المتحدة مما نتج عنه تراجع حاد في أسعار الغاز الطبيعي.
ونوه البنك إلى أن هذا التراجع قد أدى إلى دفع أسعار الغاز الأمريكي إلى مستوى أدنى بكثير من أسعار الغاز الآسيوي المرتبطة بالنفط الخام من عام 2009 إلى 2015، وقد ظل السعران معاً متقاربين حتى بعد هبوط أسعار النفط الخام ونتيجة لذلك بدأ المشترون ينظرون إلى أسعار الغاز الأمريكي كسقف للسوق، وبأن هذه الأسعار ستستمر مع تواصل نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي.
واختتم البنك تحليله بالإشارة إلى أنه من المرجح أن يؤدي انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة وآفاق الطلب المستقبلية الصاعدة، إلى عقود أقصر وآليات تسعير جديدة تعكس بشكل أفضل أساسيات الغاز الطبيعي المسال، وعلى الرغم من ذلك، سيكون هذا التحول تدريجياً حيث إن بيئة التشغيل الحالية تخدم كلاً من المشترين والبائعين بشكل جيد.
وستواصل دولة قطر وغيرها من اللاعبين الرئيسيين في مجال الغاز الطبيعي المسال العمل بالعقود طويلة الأجل لضمان تدفقات ثابتة واستخدام مؤشر أسعار النفط الذي يبقى في الوقت الحالي أكثر وسيلة عملية وموثوقة لتسعير الغاز الطبيعي المسال للمدى الطويل.